28 يناير 2024
قمة" النوم"
يصحّ في مؤتمر القمة العربية، أن نؤمن بالمثل الشعبي "نوم الظالمين عبادة"، خصوصًا إذا كان الاستيقاظ لا يحمل إلا عبارات التهكّم من "الربيع العربي"، ويتفاقم إيماننا إذا كان النائم زعيمًا؛ لأن أكثر ما بتنا نتمناه أن ينام زعماؤنا، وسنكون على استعدادٍ لهدهدتهم والغناء لهم، ليواصلوا نومهم، خشية أن يستيقظوا، فندفع نحن ثمن يقظتهم.
على هذا، كنت أرجو لو جلب كل زعيم معه سريرًا إلى "القمة"، وخادمًا للغناء وطرد الناموس، بدل أن يستيقظ أحدهم، ويتحفنا بمثل هذه العبارات عن عبثية الربيع العربي.
والحال أن السخرية من الربيع العربي، وتحميله وزر نكباتنا، صار لازمة على أكثر من لسان في الآونة الأخيرة، وكأن الأمة كانت بخير قبله، ولم يكن يفصلها عن اللحاق بركب الحضارة سوى "فركة كعب"، قبل أن يجيء هذا "الربيع" اللعين، ليبدّد الآمال، ويعيد عقارب التقدم العربي إلى المربع الأول.
والأنكى أن يربط "النائمون" بين الربيع وتعطيل التنمية في الوطن العربي، من منطلق أن التنمية العربية كانت تسابق الرياح، ولم يبق إلا القليل لإعلان القضاء على آخر فقير عربي، أو متعطلٍ عن العمل، ومحو الأمية التعليمية والسياسية، وإطلاق الحريات كاملة، والدخول في نادي الدول الصناعية.
على المنوال نفسه، يفتي "نوّمٌ" آخرون بأن الربيع العربي عطّل تحرير فلسطين، خصوصًا من دول "الممانعة" التي لم يكن ينقصها سوى رصاصة واحدة للإجهاز على إسرائيل، فجاء الربيع ليبدد أسلحتها على حروبٍ "هامشية" مع شعوبها، ويجعل فلسطين أبعد مما كانت.
كما أن الربيع كان سببًا في ظهور "داعش" والجماعات المسلحة، وخطاب الكراهية، وتحول الوطن العربي برمته إلى حاضنة تفريخ للفكر المتطرّف، فضلاً عن أنه كان سببًا مباشرًا للتدخل الأجنبي، واكتظاظ الفضاء العربي بمقاتلاتٍ من مختلف الجنسيات، تسقط حممها أنّى شاءت، ولا بأس أن تخطئ أهدافها، لكن المهم ألا يرتطم بعضها ببعض.
كنت أتمنى لو كان ثمّة مستيقظ واحد من زعمائنا يعتلي المنبر، ويعترف، بكل شجاعة، أن الربيع العربي ما جاء إلا نتيجة تلك الأسباب نفسها التي يتهم اليوم بأنه كان سببها، فهو ما جاء إلا احتجاجًا على تخلف مؤشرات التنمية في الوطن العربي، على الرغم من مرور نحو نصف قرن على استقلال آخر دولة عربية، في حين لم تستغرق تنمية دول أخرى شاركتنا الاستقلال غير سنوات معدودات فقط، لتصبح قائدة للركب الحضاري والتكنولوجي في العالم.
وكنت آمل أن يستيقظ ضمير أحدهم، ليقول إنهم وحدهم من يتحمّل مسؤولية تخلفنا وانكفائنا الفكري، جرّاء القمع والكبت وسحق الحريات، وبأن فلسطين كانت آخر أولوياتهم، وبأن "داعش" وسواها لم تخرج إلا من عباءتهم؛ لأن الإرهاب يولّد الإرهاب، وهم من جعل الوطن العربي كله ساحةً لتفريخ التطرّف، بفضل أجهزتهم القمعية، وعسسهم ومخبريهم وزنازينهم.
عمومًا، يرى أحد الماكرين أن الزعيم الذي اتهم الربيع العربي بتعطيل "التنمية" كان على حق، لأن المقصود هنا تعطيل تنمية خزائن زعماء عرب وبطانتهم، والمفسدين والتجار الذين لا يرون في الأوطان أكثر من "بنك"، فهؤلاء كانوا أكبر المتضرّرين من الربيع العربي، من دون شك، وهم أول من عقد تحالفاتٍ مريبة لإجهاض هذا الربيع، ووأده في مهده.
ربما كانت عبارة قالها نائم، لكنها تختصر، في المجمل، كل أهداف مؤتمر القمة العربي، وتصلح أن تكون بيانًا ختاميًا للمؤتمر، بما تحمله من مضامين، تؤرخ لزمنٍ عربي جديد، عنوانه "ما فاز إلا النوّم"، وسنترك لهم، نحن الشعوب المذنبة بإشعال الربيع العربي، فرصة العودة إلى مسار "التنمية" الذي حرفناه عن أهدافه بشغبنا، وفرصة استئناف جحافل الجيوش العربية مسيرها صوب فلسطين.
وبانتظار ذلك، سنخلد نحن، أيضًا، إلى "النوم".
على هذا، كنت أرجو لو جلب كل زعيم معه سريرًا إلى "القمة"، وخادمًا للغناء وطرد الناموس، بدل أن يستيقظ أحدهم، ويتحفنا بمثل هذه العبارات عن عبثية الربيع العربي.
والحال أن السخرية من الربيع العربي، وتحميله وزر نكباتنا، صار لازمة على أكثر من لسان في الآونة الأخيرة، وكأن الأمة كانت بخير قبله، ولم يكن يفصلها عن اللحاق بركب الحضارة سوى "فركة كعب"، قبل أن يجيء هذا "الربيع" اللعين، ليبدّد الآمال، ويعيد عقارب التقدم العربي إلى المربع الأول.
والأنكى أن يربط "النائمون" بين الربيع وتعطيل التنمية في الوطن العربي، من منطلق أن التنمية العربية كانت تسابق الرياح، ولم يبق إلا القليل لإعلان القضاء على آخر فقير عربي، أو متعطلٍ عن العمل، ومحو الأمية التعليمية والسياسية، وإطلاق الحريات كاملة، والدخول في نادي الدول الصناعية.
على المنوال نفسه، يفتي "نوّمٌ" آخرون بأن الربيع العربي عطّل تحرير فلسطين، خصوصًا من دول "الممانعة" التي لم يكن ينقصها سوى رصاصة واحدة للإجهاز على إسرائيل، فجاء الربيع ليبدد أسلحتها على حروبٍ "هامشية" مع شعوبها، ويجعل فلسطين أبعد مما كانت.
كما أن الربيع كان سببًا في ظهور "داعش" والجماعات المسلحة، وخطاب الكراهية، وتحول الوطن العربي برمته إلى حاضنة تفريخ للفكر المتطرّف، فضلاً عن أنه كان سببًا مباشرًا للتدخل الأجنبي، واكتظاظ الفضاء العربي بمقاتلاتٍ من مختلف الجنسيات، تسقط حممها أنّى شاءت، ولا بأس أن تخطئ أهدافها، لكن المهم ألا يرتطم بعضها ببعض.
كنت أتمنى لو كان ثمّة مستيقظ واحد من زعمائنا يعتلي المنبر، ويعترف، بكل شجاعة، أن الربيع العربي ما جاء إلا نتيجة تلك الأسباب نفسها التي يتهم اليوم بأنه كان سببها، فهو ما جاء إلا احتجاجًا على تخلف مؤشرات التنمية في الوطن العربي، على الرغم من مرور نحو نصف قرن على استقلال آخر دولة عربية، في حين لم تستغرق تنمية دول أخرى شاركتنا الاستقلال غير سنوات معدودات فقط، لتصبح قائدة للركب الحضاري والتكنولوجي في العالم.
وكنت آمل أن يستيقظ ضمير أحدهم، ليقول إنهم وحدهم من يتحمّل مسؤولية تخلفنا وانكفائنا الفكري، جرّاء القمع والكبت وسحق الحريات، وبأن فلسطين كانت آخر أولوياتهم، وبأن "داعش" وسواها لم تخرج إلا من عباءتهم؛ لأن الإرهاب يولّد الإرهاب، وهم من جعل الوطن العربي كله ساحةً لتفريخ التطرّف، بفضل أجهزتهم القمعية، وعسسهم ومخبريهم وزنازينهم.
عمومًا، يرى أحد الماكرين أن الزعيم الذي اتهم الربيع العربي بتعطيل "التنمية" كان على حق، لأن المقصود هنا تعطيل تنمية خزائن زعماء عرب وبطانتهم، والمفسدين والتجار الذين لا يرون في الأوطان أكثر من "بنك"، فهؤلاء كانوا أكبر المتضرّرين من الربيع العربي، من دون شك، وهم أول من عقد تحالفاتٍ مريبة لإجهاض هذا الربيع، ووأده في مهده.
ربما كانت عبارة قالها نائم، لكنها تختصر، في المجمل، كل أهداف مؤتمر القمة العربي، وتصلح أن تكون بيانًا ختاميًا للمؤتمر، بما تحمله من مضامين، تؤرخ لزمنٍ عربي جديد، عنوانه "ما فاز إلا النوّم"، وسنترك لهم، نحن الشعوب المذنبة بإشعال الربيع العربي، فرصة العودة إلى مسار "التنمية" الذي حرفناه عن أهدافه بشغبنا، وفرصة استئناف جحافل الجيوش العربية مسيرها صوب فلسطين.
وبانتظار ذلك، سنخلد نحن، أيضًا، إلى "النوم".