13 فبراير 2022
قمم "سعودية" فارغة المضمون
لم تختلف البيانات الختامية للقمم الثلاث التي استضافتها المملكة العربية السعودية أواخر الأسبوع الماضي عن مثيلاتها السابقة، فقد جاءت فارغة المعنى، وإن حملت بعض الألفاظ المختلفة من حيث إدانة إيران وهجمات المليشيات الحوثية على المملكة (بيانا القمتين الخليجية والعربية)، والتأكيد على أهمية القضية الفلسطينية، وخصوصاً مسألة القدس الشريف وإدانة القرار الأميركي اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها (بيان القمة الإسلامية).
ولم يكن حضور القمم الثلاث سوى مجاملة للسعودية، خصوصاً القمتين الطارئتين (الخليجية والعربية)، وإبراز التعاطف والتضامن الشكلي معها في أزمتها المشتعلة مع إيران، والتي تتحمّل السعودية جزءاً مهماً منها، بسبب تهور مسؤوليها في التعاطي مع الملفات الإقليمية الشائكة، خصوصاً منذ بدء الحرب في اليمن. وعلى هذا الصعيد، لا يوجد في أيٍّ من بيانات القمم الثلاث أية خطوات عملية من أجل مواجهة إيران. والسعودية نفسها لا تعوّل على القادة العرب والمسلمين في أن يتخذوا خطوات جادة تجاه إيران، مثل قطع العلاقات، أو سحب السفراء، كما فعلت هي والإمارات والبحرين قبل حوالي ثلاثة أعوام. وكيف يمكن لها أن تعوّل على رد فعل عملي على استفزازات إيران، وهي التي تتبع سياسة خارجية مرتبكة، يقودها ولي العهد محمد بن سلمان الذي يفتقر لأدنى درجات الخبرة والحنكة السياسية، ويتعامل مع ملفاتها بعنجهيةٍ وغرورٍ غير مسبوقين. التعويل السعودي الحقيقي هو على أميركا، وتحديداً على إدارة دونالد ترامب الذي يبدو أنه مستمتع بالتوتر السعودي الإيراني، كونه يعني، في النهاية، ملء خزائن حكومته بالأموال السعودية والإماراتية. وبالتالي ليس من مصلحته أن يخفّ التوتر والاحتقان بين البلدين. وهو يدرك جيداً أن السعودية لن تقوى على مواجهة إيران، وهي التي فشلت أربع سنوات في مواجهة مجموعة مليشيات مسلحة في اليمن، على الرغم من التكاليف
الباهظة لحربها هناك. وكما كتبت، في مقال سابق، لن يحارب ترامب طهران نيابة عن السعودية والإمارات، وأنه يستغل الأزمة الحالية من أجل الاستمرار في "حلب" الأموال الخليجية ليس أكثر.
أما المدهش في القمم الثلاث، خصوصاً القمة الخليجية، هو الدعوة الرسمية التي وُجهت إلى قطر من أجل الحضور. ووجه الدهشة ليس في الدعوة بحد ذاتها، وإنما في اعوجاج منطق الرياض وفساده في التعاطي مع قطر، الجارة التي حاصرتها وقطعت العلاقات معها منذ عامين. ولو حسُنت النيات، وكانت جادّة في بناء تحالف خليجي وعربي ضد طهران، لاستغلت الرياض هذا الظرف التاريخي التي تمر به، وأنهت أزمتها المفتعلة مع قطر، ولاعتذر مسؤولوها عن الأضرار التي سببوها لأشقائهم وجيرانهم في قطر، ولتعهدوا بعدم تكرار مثل هذه الأزمات. وقد تفاءل الجميع خيراً بعد استجابة الدوحة للدعوة، وإرسالها وفداً رفيع المستوى لحضور القمة الخليجية، على الرغم من الحصار الجائر، أن تتخذ المملكة خطوة جريئة بإنهاء الحصار. وتوقعنا أن تكون هذه الدعوة بداية لإنهاء الأزمة الخليجية، والاستفادة مما حدث خلال العامين الأخيرين، وهو ما لم يحدث. ويبدو أن الرياض لا تزال ماضية في الطريق نفسها. ولا يزال الإعلامان، السعودي والإماراتي، ومن يدور في فلكهما، يستثمران في الأزمة من أجل إطالة عمرها والاسترزاق من خلفها.
من حق الإعلام السعودي أن ينتشي بالقمم الثلاث، ويعتبرها إنجازاً سعودياً جديداً، ولعل هذا هو الغرض من القمة (إظهار الدعم المعنوي للرياض). ولكن الواقع لا يزال مريراً، ولا تزال هجمات الحوثيين على المناطق الجنوبية للمملكة كابوساً. وكان في مقدور السعودية أن تستعيض عن القمم الثلاث، وما أنفقته من أموال طائلة على تنظيمها، بمواقف واضحة من أزمات المنطقة، خصوصاً في اليمن وليبيا والسودان. وبمناسبة الأخير، يبدو واضحاً أن الرياض، ومعها أبوظبي، تمارسان الدور التحريضي والتخريبي نفسه ضد ثورات الشعوب. ولن يهدأ لهما بال حتى ينقضّ الفريق حميدتي على السلطة، كما فعل عبد الفتاح السيسي في مصر وخليفة حفتر في ليبيا. ويبدو أن كلا البلدين منهمكان في دعم وتعزيز سيطرة عسكر السودان على الوضع السياسي، بعد أن أصابهما الفزع من الاتفاق الذي عقده المجلس الانتقالي مع قوى إعلان الحرية والتغيير منتصف شهر مايو/ أيار، وأعطى المدنيين جزءاً مهماً من صلاحيات إدارة المرحلة الانتقالية، فمنذ أن عاد حميدتي ورئيس المجلس العسكري الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، من زياراتهما القاهرة والرياض وأبوظبي، تغيّرت لهجة التعاطي مع الثورة والثوّار في السودان. وهناك حديث كثير عن احتمالات فضّ "اعتصام القيادة العامة" بالقوة، خصوصاً بعد إغلاق العسكر مكتب قناة الجزيرة في الخرطوم، تماماً مثلما فعلت بقية الأنظمة السلطوية في أثناء الانتفاضات العربية، وهو مؤشر مهم عما سيأتي لاحقاً.
أما المدهش في القمم الثلاث، خصوصاً القمة الخليجية، هو الدعوة الرسمية التي وُجهت إلى قطر من أجل الحضور. ووجه الدهشة ليس في الدعوة بحد ذاتها، وإنما في اعوجاج منطق الرياض وفساده في التعاطي مع قطر، الجارة التي حاصرتها وقطعت العلاقات معها منذ عامين. ولو حسُنت النيات، وكانت جادّة في بناء تحالف خليجي وعربي ضد طهران، لاستغلت الرياض هذا الظرف التاريخي التي تمر به، وأنهت أزمتها المفتعلة مع قطر، ولاعتذر مسؤولوها عن الأضرار التي سببوها لأشقائهم وجيرانهم في قطر، ولتعهدوا بعدم تكرار مثل هذه الأزمات. وقد تفاءل الجميع خيراً بعد استجابة الدوحة للدعوة، وإرسالها وفداً رفيع المستوى لحضور القمة الخليجية، على الرغم من الحصار الجائر، أن تتخذ المملكة خطوة جريئة بإنهاء الحصار. وتوقعنا أن تكون هذه الدعوة بداية لإنهاء الأزمة الخليجية، والاستفادة مما حدث خلال العامين الأخيرين، وهو ما لم يحدث. ويبدو أن الرياض لا تزال ماضية في الطريق نفسها. ولا يزال الإعلامان، السعودي والإماراتي، ومن يدور في فلكهما، يستثمران في الأزمة من أجل إطالة عمرها والاسترزاق من خلفها.
من حق الإعلام السعودي أن ينتشي بالقمم الثلاث، ويعتبرها إنجازاً سعودياً جديداً، ولعل هذا هو الغرض من القمة (إظهار الدعم المعنوي للرياض). ولكن الواقع لا يزال مريراً، ولا تزال هجمات الحوثيين على المناطق الجنوبية للمملكة كابوساً. وكان في مقدور السعودية أن تستعيض عن القمم الثلاث، وما أنفقته من أموال طائلة على تنظيمها، بمواقف واضحة من أزمات المنطقة، خصوصاً في اليمن وليبيا والسودان. وبمناسبة الأخير، يبدو واضحاً أن الرياض، ومعها أبوظبي، تمارسان الدور التحريضي والتخريبي نفسه ضد ثورات الشعوب. ولن يهدأ لهما بال حتى ينقضّ الفريق حميدتي على السلطة، كما فعل عبد الفتاح السيسي في مصر وخليفة حفتر في ليبيا. ويبدو أن كلا البلدين منهمكان في دعم وتعزيز سيطرة عسكر السودان على الوضع السياسي، بعد أن أصابهما الفزع من الاتفاق الذي عقده المجلس الانتقالي مع قوى إعلان الحرية والتغيير منتصف شهر مايو/ أيار، وأعطى المدنيين جزءاً مهماً من صلاحيات إدارة المرحلة الانتقالية، فمنذ أن عاد حميدتي ورئيس المجلس العسكري الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، من زياراتهما القاهرة والرياض وأبوظبي، تغيّرت لهجة التعاطي مع الثورة والثوّار في السودان. وهناك حديث كثير عن احتمالات فضّ "اعتصام القيادة العامة" بالقوة، خصوصاً بعد إغلاق العسكر مكتب قناة الجزيرة في الخرطوم، تماماً مثلما فعلت بقية الأنظمة السلطوية في أثناء الانتفاضات العربية، وهو مؤشر مهم عما سيأتي لاحقاً.