يبدو أن القوى الثورية في مصر بدأت إعادة ترتيب أوضاعها الداخلية وتنظيم صفوفها خلال الفترة المقبلة، كي تشكّل جبهة معارضة أوسع لمواجهة نظام عبدالفتاح السيسي.
وأقرّت قيادات في الحركات الثورية، بأنّ تحركاتهم تأثرت بلا شك بتزايد القمع الذي يمارسه النظام الحالي ضدّ أي تظاهرات تخرج، سواء من مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي أو غيرهم.
وكشفت إحدى تلك القيادات عن قرب إطلاق حملة للإفراج عن المعتقلين من السجون، خصوصاً معتقلي الرأي، مشيراً إلى بدء التنسيق مع أحزاب سياسية معارضة، بعيداً عن تحالف دعم مرسي.
وقال منسق حركة "شباب 6 إبريل"، عمرو علي، لـ"العربي الجديد"، إنّ تحركات القوى والحركات الثورية تأثرت كثيراً بفعل الضغوط الأمنية ومواجهة التظاهرات في الشارع بشكل عنيف جداً.
وأضاف علي أنّ "التحركات خلال الفترة الماضية لم تكن بصورة كبيرة في الشارع، خوفاً من صدامات مع قوات الأمن، التي باتت تتعامل مع أي تظاهرة بعنف مفرط، مما يؤدي إلى سقوط ضحايا ومصابين". وأشار إلى أنّ "الأزمة تكمن في كيفية التحرك بحرص، وعدم التعرض لصدامات مع قوات الأمن، وإن كان هناك تحدٍّ كبير لهذه الممارسات الأمنية".
ولفت إلى تنظيم حركة "شباب 6 إبريل" ذكراها الثامنة هذا العام في الصحراء، عقب إلغاء الأمن للمؤتمر، وكانت رسالة قوية للنظام أن الحركة ستعقد مؤتمرها في أي مكان. وكشف عن وجود فعاليات وحملات خلال الفترة المقبلة، ولكن يجري العمل عليها حالياً، لكي تخرج بشكل مناسب وقوي.
وقال علي إن "التواصل مع الحركات الثورية الحقيقية يجري على قدم وساق ولم يتوقف حتى مع غياب الفعاليات الميدانية"، مشيراً إلى وجود تنسيق عال لتنظيم فعاليات خلال الفترة المقبلة. وأشار إلى قرب تدشين حملة للإفراج عن النشطاء ومعتقلي الرأي خلال الفترة المقبلة، بيد أنّه أكّد عدم انطلاق الحملة إلا عقب الانتهاء من التخطيط لها بشكل جيد كي تخرج بقوة وتحقق هدفها.
ولفت إلى وجود تنسيق مع أحزاب معارضة لنظام السيسي، من خارج تحالف دعم الشرعية الموالي للرئيس المعزول محمد مرسي وجماعة "الإخوان المسلمين".
ورفض منسق حركة "6 إبريل"، الإفصاح عن أسماء الأحزاب التي أشار إليها، حتى الانتهاء من استكمال عمليات التشاور حول إطلاق جبهة معارضة أوسع من الحركات الثورية ومؤيدي مرسي.
وشدّد على ضرورة اعتراف جماعة "الإخوان" بأخطاء الماضي، كي يكون هناك فرصة للاتحاد في مواجهة ظلم النظام الحالي، خصوصاً أن الحركات الثورية تعتبر أن ما حدث في ميداني "رابعة" و"النهضة" مجزرة، يجب معاقبة المسؤول عنها.
من جهته، قال الناشط السياسي وعضو جبهة طريق الثورة، رامي شعث، إن التحركات الميدانية للحركات الثورية بلا شك كانت قليلة خلال الفترة الماضية، ولكنّ هذا ناتج من قمع الأجهزة الأمنية العنيف.
وأضاف شعث لـ"العربي الجديد"، أن الاتصالات والمشاورات بين القوى الثورية لم تتوقف حتى مع غياب الفعاليات الميدانية، معتبراً أن التحرك في مواجهة النظام الحالي سيكون عبر دراسة الموقف لضمان إحداث نتائج فعالة. وأشار إلى أنّ "الأوضاع في مصر الآن صعبة للغاية على العمل الميداني، من حيث الوقوف بالأسلحة لأي تظاهرة مهما كانت".
ولفت إلى أن التحرك خلال الفترة المقبلة سيكون لإسقاط قانون التظاهر والإفراج عن المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي.
وعن التنسيق مع كل قوى المعارضة، بما فيها تحالف دعم الشرعية وجماعة "الإخوان المسلمين"، لم يبدِ شعث رفضه للتنسيق مع الإخوان، ولكن بشروط يجب الاتفاق عليها أولا.
وقال عضو "جبهة طريق الثورة"، إنه لا بد من صياغة علاقة استراتيجية بين القوى الثورية والإخوان، للاتفاق على رؤية يمكن العمل عليها خلال الفترة المقبلة.
ولفت إلى وجود تنسيق منذ فترة طويلة داخل الجامعات بين طلاب القوى الثورية و"الإخوان" وأحزاب المعارضة على اختلافها، مشيراً إلى ضرورة تشكيل وعي جديد في الشارع وهو أمر يحتاج إلى وقت ليس بالقصير.
وأكّد حديث شعث عن التنسيق مع جماعة "الإخوان" في الجامعات، عضو حركة الاشتراكيين الثوريين، محمد الشافعي، الذي قال لـ"العربي الجديد"، إنّ "التنسيق بين طلاب المعارضة مستمر داخل الجامعات لمواجهة أي تحركات للنظام للسيطرة على الجامعة".
وأضاف الشافعي أنّ أول مراحل التنسيق بين طلاب قوى المعارضة هي الجامعات، وهناك نجاح في هذا الأمر خلال الفترة الماضية، نأمل أن يستمر وأن يتطور إلى مراحل أعلى من ذلك، ويكون التنسيق على مستوى أكبر.
وتابع: "إن الحركات الثورية لم يكن لها تواجد كبير في الشارع خلال الفترة الماضية، رغم تعدد الأحداث التي تشهدها مصر، بفعل القمع الأمني الشديد، ولكن الجميع فضّل أن تكون الجامعة هي ساحة مواجهة مع النظام الحالي".
ولفت إلى أن معركة الشارع مع النظام تحولت إلى الجامعات، لأن النظام لا يمكن أن يروّج أن طلاب الجامعات من المخربيين أو الإرهابيين، مثلما يقول في تظاهرات "الإخوان".
وأكد عضو حركة الاشتراكيين، أن "النظام الحالي فاق كل الحدود في كبت الحريات وتكميم الأفواه، وتزايد حالات القتل والاعتقالات العشوائية من تظاهرات أو من المنازل".
وأشار إلى ضرورة توحيد كل جهود قوى المعارضة الرافضة للنظام الحالي، والبدء في تنظيم الصفوف لمحاولة مواجهته.
وشدّد على أنّ نظام السيسي لم يختلف عن نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، بل أصبح أكثر ضراوة وعنفاً وقمعاً من نظام المخلوع، وعادت وزارة الداخلية إلى نفس ممارساتها السابقة في اعتقال الناشطين واستهداف ومراقبة كل من يعارض النظام الحالي.
وأضاف أنّه "كل يوم تتزايد رقعة الغضب والرفض لهذا النظام على خلفية ارتفاع الأسعار وتردّي الأوضاع المعيشية، وكل هذا يمهد لحراك ثوري وشعبي ضدّ النظام".