اختار وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر، أن تكون زيارته الخارجية الأولى بعد أدائه اليمين الدستورية، إلى العاصمة الأفغانية كابول التي وصل إليها صباح أمس السبت، بهدف مناقشة ملفات مهمة مع القيادة الأفغانية وقيادة القوات الدولية المتواجدة في أفغانستان، من أهمها انسحاب القوات الدولية، والوضع الأمني ما بعد الانسحاب الدولي، إضافة إلى سبل إحلال الأمن الدائم في أفغانستان، وهو ما وصفه الوزير الأميركي بـ"النجاح الدائم".
وتعدّ زيارة الوزير الأميركي مهمة للغاية، إذ إنها تأتي في وقت تستعد فيه الولايات المتحدة الأميركية لوضع جدول زمني لانسحاب قواتها من أفغانستان، في حين تستعد الحكومة الأفغانية لبدء حوار مع حركة "طالبان أفغانستان"، بمبادرة صينية باكستانية. كما تأتي بعد نفي الحركة إجراء محادثات مع مسؤولين أميركيين في الدوحة.
وكان قائد الجيش الباكستاني الجنرال راحيل شريف فد قام بزيارة مهمة إلى كابول، هي الثالثة من نوعها منذ تولي الرئيس الأفغاني أشرف غني أحمد زاي زمام الحكم في البلاد، أعلن بعدها الجيش الباكستاني، عن ارتياحه الشديد للتعاون العسكري بين الجارتين، أفغانستان وباكستان، والذي سيقضى في نهاية المطاف على الجماعات المسلحة التي تعبث بأمنهما وأمن المنطقة برمتها، على حد تعبيره.
وكانت الحكومة الأفغانية قد اكتفت رسمياً آنذاك باعتبار الزيارة خطوة مهمة إزاء إحلال الأمن في البلاد، بيد أن مصادر متطابقة في البلدين كشفت فيما بعد أن الزيارة كانت تحمل رسالة مهمة إلى كابول، مفادها بأن حركة "طالبان" مستعدة للتفاوض معها مباشرة، الأمر الذي لطالما أمله الشعب الأفغاني، وتعتبره الحكومة الأفغانية حلاً وحيداً للمعضلة الأمنية الأفغانية.
وأكدت مصادر أفغانية وباكستانية متطابقة أن قائد الجيش الباكستاني أطلع القيادة الأفغانية على أن مجلس شورى "طالبان" المعروف في أوساط الحركة بـ"شورى كويته" مستعد لبدء مفاوضات مع الحكومة الأفغانية مباشرة، ومن دون قيد وشرط. وهو ما كانت تأمله الحكومة الأفغانية، إذ كان أحمد زاي يشدد منذ توليه رئاسة البلاد في نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، على أن حل المعضلة الأمنية الأفغانية يكمن في الحوار الشامل، وأنه لا جدوى من الحل العسكري الذي دام سنوات ولم يجلب لأفغانستان سوى الويلات.
وبينما أعلن مكتب العلاقات العامة في الجيش الباكستاني أن بلاده لن تألو جهداً في إنجاح المصالحة الوطنية الأفغانية لحلحلة الأزمة الأمنية الأفغانية التي ألقت بظلالها القاتمة على الوضع الأمني في باكستان، أصدرت الرئاسة الأفغانية أمس السبت بياناً أشادت فيه بدور الجيش الباكستاني في التعاون مع الحكومة الأفغانية والوساطة بينها وبين حركة "طالبان". وشدد الرئيس الأفغاني على أن عملية المصالحة مع "طالبان" عملية صعبة لكن لا بد منها، وأن الجيش الباكستاني يلعب دوراً أساسياً بهذا الشأن.
ولمّح إلى أن أعداء المصالحة الأفغانية كثر، وهم ينتهجون أساليب مختلفة لإفشالها، إذ إن مصالحهم تكمن في استمرار دوامة الحرب في أفغانستان، غير أن الحكومة الأفغانية مصممة على المضي قدماً في التفاوض مع "طالبان" وجميع الجماعات المسلّحة. وأوضحت الرئاسة أيضاً أن عملية المصالحة ستكون واضحة أمام الشعب، ولن تكون فيها أي مساومة على أمن واستقرار أفغانستان ووحدة أراضيها.
اقرأ أيضاً: سباق أميركي ــ إيراني على "طالبان أفغانستان"
في موازاة ذلك، ومباشرة بعد زيارة قائد الجيش الباكستاني إلى كابول، بدأ الرئيس الأفغاني بإجراء مشاورات مكثفة مع القيادة الأفغانية، وتفيد مصادر مقربة من الرئيس أنه التقى مرات عدة بالرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي، وقيادات جهادية وقبلية لوضع استراتيجية واضحة حيال المفاوضات مع "طالبان". وقال مصدر بارز في الحكومة لـ"العربي الجديد"، إن القيادة الأفغانية، سياسية كانت أو قبلية، أعربت عن ارتياحها الشديد لخطة أحمد زاي للحوار مع "طالبان"، وأن المشاورات لا تزال متواصلة بهذا الصدد.
ويُلاحَظ أن حركة "طالبان" نفت في بيان لها أصدرته الجمعة الماضية، نيتها التفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية، وذلك بعد أن تداولت وسائل الإعلام المحلية تقارير مفادها أن المرحلة الأولى من المفاوضات بين الحركة وواشنطن قد بدأت الخميس الماضي في الدوحة.
وشددت الحركة على أنها لن تتفاوض مع الولايات المتحدة بعدما لم تفِ الأخيرة بالوعود التي حملتها على عاتقها قبل سنتين. ولكن مصادر في الحركة تشدد على نية الحركة عقد حوار مع الحكومة الأفغانية مباشرة، وهو ما يرحب به الشعب الأفغاني ويطلب رموزه من الحكومة الأفغانية الاستفادة من الفرصة، ومد يد الصلح نحو الحركة التي تعاني من ضغوطات خارجية وانشقاقات داخلية بسبب الأزمة الأمنية، وما شهدته المنطقة من تطورات متسارعة.
أما عن موعد بدء المفاوضات، فتقول مصادر في الحكومة الأفغانية استناداً إلى المعلومات التي منحها الوفد المرافق لقائد الجيش الباكستاني إلى الحكومة الأفغانية، أن الجولة الأولى من المفاوضات قد تبدأ في بداية شهر مارس/آذار المقبل، غير أن مسؤولاً في الحكومة، رفض ذكر اسمه، يشير إلى أنه لم يتم بعد تحديد موعد بدء المفاوضات، كما لم يتم تحديد مكان انطلاق المفاوضات، غير أن هناك إشارات إلى أن الجولة الأولى من المفاوضات قد تنطلق في بكين أو إسلام أباد، ولكنه لا يستبعد في الوقت نفسه استضافة الدوحة الجولة الأولى من المفاوضات المباشرة بين "طالبان" والحكومة الأفغانية.
وتمهيداً لهذه الخطوة المهمة، عُقد قبل أيام في العاصمة كابول اجتماع أفغاني-باكستاني-صيني، ناقش أبعاد المصالحة الأفغانية. ولم تتحدث المصادر الرسمية عن نتائج الاجتماع، غير أن مصادر مستقلة أكدت أنه كان تمهيداً مهماً للحوار مع "طالبان".
والأهم هو موقف الولايات المتحدة تجاه هذه المبادرة التي أتت نتيجة التقارب بين كابول وإسلام أباد وبكين، والتي تقودها الحكومة الصينية. ولعل زيارة وزير الدفاع الأميركي المفاجئة إلى كابول تهدف إلى مناقشة التطورات الأخيرة، وإبراز موقف واشنطن إزاءها.
غير أن المراقبين يرون أن إجماع الشعب الأفغاني بأطيافه المختلفة والتغيير الجذري في سياسة الرئيس الأفغاني إزاء دول المنطقة، خصوصاً الصين وباكستان، سيجبران الولايات المتحدة على الرضوخ إلى مطالب الشعب الأفغاني ومن أبرزها إنجاح المصالحة الوطنية، ووضع حد للحروب الدامية التي عانت وتعاني منها أفغانستان.
وتعدّ زيارة الوزير الأميركي مهمة للغاية، إذ إنها تأتي في وقت تستعد فيه الولايات المتحدة الأميركية لوضع جدول زمني لانسحاب قواتها من أفغانستان، في حين تستعد الحكومة الأفغانية لبدء حوار مع حركة "طالبان أفغانستان"، بمبادرة صينية باكستانية. كما تأتي بعد نفي الحركة إجراء محادثات مع مسؤولين أميركيين في الدوحة.
وكان قائد الجيش الباكستاني الجنرال راحيل شريف فد قام بزيارة مهمة إلى كابول، هي الثالثة من نوعها منذ تولي الرئيس الأفغاني أشرف غني أحمد زاي زمام الحكم في البلاد، أعلن بعدها الجيش الباكستاني، عن ارتياحه الشديد للتعاون العسكري بين الجارتين، أفغانستان وباكستان، والذي سيقضى في نهاية المطاف على الجماعات المسلحة التي تعبث بأمنهما وأمن المنطقة برمتها، على حد تعبيره.
وأكدت مصادر أفغانية وباكستانية متطابقة أن قائد الجيش الباكستاني أطلع القيادة الأفغانية على أن مجلس شورى "طالبان" المعروف في أوساط الحركة بـ"شورى كويته" مستعد لبدء مفاوضات مع الحكومة الأفغانية مباشرة، ومن دون قيد وشرط. وهو ما كانت تأمله الحكومة الأفغانية، إذ كان أحمد زاي يشدد منذ توليه رئاسة البلاد في نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، على أن حل المعضلة الأمنية الأفغانية يكمن في الحوار الشامل، وأنه لا جدوى من الحل العسكري الذي دام سنوات ولم يجلب لأفغانستان سوى الويلات.
وبينما أعلن مكتب العلاقات العامة في الجيش الباكستاني أن بلاده لن تألو جهداً في إنجاح المصالحة الوطنية الأفغانية لحلحلة الأزمة الأمنية الأفغانية التي ألقت بظلالها القاتمة على الوضع الأمني في باكستان، أصدرت الرئاسة الأفغانية أمس السبت بياناً أشادت فيه بدور الجيش الباكستاني في التعاون مع الحكومة الأفغانية والوساطة بينها وبين حركة "طالبان". وشدد الرئيس الأفغاني على أن عملية المصالحة مع "طالبان" عملية صعبة لكن لا بد منها، وأن الجيش الباكستاني يلعب دوراً أساسياً بهذا الشأن.
ولمّح إلى أن أعداء المصالحة الأفغانية كثر، وهم ينتهجون أساليب مختلفة لإفشالها، إذ إن مصالحهم تكمن في استمرار دوامة الحرب في أفغانستان، غير أن الحكومة الأفغانية مصممة على المضي قدماً في التفاوض مع "طالبان" وجميع الجماعات المسلّحة. وأوضحت الرئاسة أيضاً أن عملية المصالحة ستكون واضحة أمام الشعب، ولن تكون فيها أي مساومة على أمن واستقرار أفغانستان ووحدة أراضيها.
اقرأ أيضاً: سباق أميركي ــ إيراني على "طالبان أفغانستان"
في موازاة ذلك، ومباشرة بعد زيارة قائد الجيش الباكستاني إلى كابول، بدأ الرئيس الأفغاني بإجراء مشاورات مكثفة مع القيادة الأفغانية، وتفيد مصادر مقربة من الرئيس أنه التقى مرات عدة بالرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي، وقيادات جهادية وقبلية لوضع استراتيجية واضحة حيال المفاوضات مع "طالبان". وقال مصدر بارز في الحكومة لـ"العربي الجديد"، إن القيادة الأفغانية، سياسية كانت أو قبلية، أعربت عن ارتياحها الشديد لخطة أحمد زاي للحوار مع "طالبان"، وأن المشاورات لا تزال متواصلة بهذا الصدد.
ويُلاحَظ أن حركة "طالبان" نفت في بيان لها أصدرته الجمعة الماضية، نيتها التفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية، وذلك بعد أن تداولت وسائل الإعلام المحلية تقارير مفادها أن المرحلة الأولى من المفاوضات بين الحركة وواشنطن قد بدأت الخميس الماضي في الدوحة.
وشددت الحركة على أنها لن تتفاوض مع الولايات المتحدة بعدما لم تفِ الأخيرة بالوعود التي حملتها على عاتقها قبل سنتين. ولكن مصادر في الحركة تشدد على نية الحركة عقد حوار مع الحكومة الأفغانية مباشرة، وهو ما يرحب به الشعب الأفغاني ويطلب رموزه من الحكومة الأفغانية الاستفادة من الفرصة، ومد يد الصلح نحو الحركة التي تعاني من ضغوطات خارجية وانشقاقات داخلية بسبب الأزمة الأمنية، وما شهدته المنطقة من تطورات متسارعة.
وتمهيداً لهذه الخطوة المهمة، عُقد قبل أيام في العاصمة كابول اجتماع أفغاني-باكستاني-صيني، ناقش أبعاد المصالحة الأفغانية. ولم تتحدث المصادر الرسمية عن نتائج الاجتماع، غير أن مصادر مستقلة أكدت أنه كان تمهيداً مهماً للحوار مع "طالبان".
والأهم هو موقف الولايات المتحدة تجاه هذه المبادرة التي أتت نتيجة التقارب بين كابول وإسلام أباد وبكين، والتي تقودها الحكومة الصينية. ولعل زيارة وزير الدفاع الأميركي المفاجئة إلى كابول تهدف إلى مناقشة التطورات الأخيرة، وإبراز موقف واشنطن إزاءها.
غير أن المراقبين يرون أن إجماع الشعب الأفغاني بأطيافه المختلفة والتغيير الجذري في سياسة الرئيس الأفغاني إزاء دول المنطقة، خصوصاً الصين وباكستان، سيجبران الولايات المتحدة على الرضوخ إلى مطالب الشعب الأفغاني ومن أبرزها إنجاح المصالحة الوطنية، ووضع حد للحروب الدامية التي عانت وتعاني منها أفغانستان.