غطى دوي انفجارات قنابل الطائرات الحربية وبراميل الطائرات المروحية وقذائف المدفعية الثقيلة، على صراخ الجرحى والثكالى، في الغوطة الشرقية، التي يسكنها نحو 400 ألف شخص، في ظل أوضاع إنسانية مأساوية حيث هناك شح شديد في المواد الغذائية والطبية.
وتتعرض غوطة دمشق الشرقية لقصف مكثف من قوات النظام وحليفتها الروسية، تسبب في مقتل أكثر من 100 شخص وجرح 500 آخرين أمس، في حين لم يتم حصر أعداد الضحايا اليوم بعد.
وقالت المحاصرة مع عائلتها في الغوطة الشرقية، نيفين الحوتري، وهي أم لطفلين، "لما بيشتد القصف أشعر أن تكويني الجسدي ناقص. يدي غير كافيتين لحضن أولادي وحمايتهم من الخطر. لا أستوعب أنني غير قادرة على حماية طفلي قصي ومايا".
وتابعت "من أول ما تعلمت مايا الكلام تعودنا نقول لبعض قبل النوم: تصبحي على خير. الله يرضى عليكي، ما بتنساها ولا ليلة، قد ما كانت نعسانة. إلا ليلة امبارح. قالتي: ماما أنا كتير نعسانة بس خايفة نام، بالعادة بتنام الساعة 8. مبارح قضت الوقت بين 8 و11 في رعب، وعم تسأل أسئلة طفولية ماعندي جواب لها، مثل: ليش عم يقصفونا؟ ايمتى رح يوقف القصف؟ كررنا أكتر من دعاء حتى تطمئن".
وأضافت "بالأخير ما نامت حتى حطيت ايدي على أذنها بحيث ما تسمع القصف. لما تعبت من السهر نامت. أنا ما باعرف كيف نمت. بس بعرف إني فقت بعد أقل من ساعة على الأصوات يلي ما وقفت".
ويقول محمد الغوطاني، أحد متطوعي الدفاع المدني، لـ"العربي الجديد"، إن "الأوضاع تفطر القلوب في الغوطة، أمس في حمورية بعد غارات جوية، وصلنا إلى مكان القصف وكنا نسمع صوت امرأة ينادي على الناس، يا عالم منشان الله ولادي، عندما وصلنا كان الغبار يغطيها، لم تتوقف عن الصراخ وهي تجلس على الأرض وتشير إلى منزل تضرر جزئيا من جراء القصف، دخلنا المنزل ننادي. وإذ بعدد من الأطفال والفتيات في إحدى الغرف، ما أن وصلنا لهم حتى انفجروا بالبكاء، وإحداهن كانت تقول أمي منشان الله يا عمو أمي".
وأضاف "لا نعلم إن كان هناك ضحايا في المنزل المجاور لهم فقد كان مدمرا بشكل كامل، ويحتاج إلى آليات كبيرة لرفع الأنقاض".
ويضيف الطبيب: "الأهالي في الأقبية منذ أمس بلا ماء ولا مواد غذائية ولا خبز، في أجواء باردة، ولا يوجد أي من مقومات الحياة، ونعاني من نقص في الأدوية والمواد الطبية، وهناك ما نفد منها، ومع استمرار الحملة العسكرية والحصار، لا أعرف كيف أصف ما ينتظرنا، فنحن اليوم نعيش كارثة".
وختم حديثه قائلا "مللنا من توجيه نداءات الاستغاثة، فالكل يعلم واقع الغوطة، ولا أحد يرغب في مساعدة أهلها، الكل يكتفي بمشاهدة كارثتنا فقط".