قد نخشى الإكثار من الكتابة، كأن نكشف عمّا في قلوبنا. كلّما زادت الحروف والكلمات، نقترب من حكايا نريدها دائماً بعيدة، نحن الذين تخلّينا عنها لنمضي إلى مكانٍ آخر. تماماً مثلما نرمي ثياباً قديمة قد لا تكون مهترئة. الكتابة خبيثة. تجرّنا إلى هذه المطارح حيث نعلق لساعات أو أيّام. وكلّما كانت الذكريات قديمة، صارت أكثر دفئاً، وأصبحنا قادرين على فهمها. نشغّلها مثل أغنية نحبّها، ونعيدها مراراً حتى نغفو. وتبقى الأغنية وتلحق بنا إلى أحلامنا.
نكثر من الكتابة فنُرزق بأسرار جديدة كانت دائماً في مكان ما في داخلنا. أسرار تصغر أو تكبر عاماً بعد عام. وهي مجتمعة، تصنع لمعاناً في عيوننا أو كآبة أو قلقاً أو شوقاً أو أشياء أخرى. خلال لحظات فقط، قد تمتلكنا، نحن الذين نشارك في صناعتها.
الكتابة.. مَن وأين؟ لا أحكام على الكتّاب الشباب. هذه تجارب قبل كل شيء. وأية تجربة هي حقّ. كأنّ بعضهم يكتب لإعلان أسرار تصير أكثر قبولاً في رواية. أحداثُها ليست حقيقةً وليست خيالاً. تحتمل الحقيقة وتحتمل الخيال مثل جمال نقول إنه "نسبي". وفي سرّنا قد نسأل عما إذا كان ذلك حقيقة أم أنّنا نجمّل ما هو أقلّ جمالاً. هؤلاء، وربمّا بعض منهم، أو قلّة، يكتبون لاكتشاف ذواتهم. من هم بعدها؟ جوابهم سرّ آخر يتطلّب الإكثار من الكتابة.
لماذا نكتب؟ نودّ أحياناً الاطّلاع على أسرارنا بعد أن نجعلها تبدو أكثر "إبداعاً". كلمة تلو أخرى. لماذا نتوقّف؟ مهما حفرنا، لن نصل إلى ذلك الكنز. ولا نحفر إلّا لأنّنا نؤمن بوجوده. لكن لا نجده ونكتب الكثير. ثمّة آلات حادّة قادرة في لحظة ما على إيذائنا. كأن تظهر في وقتٍ نكون على استعداد لاستقبال الأذى. الألم أحد أسبابنا للكتابة. والألم سرّ حين يكون علينا أن نبتسم. لا أحد يجبرنا على الابتسام أو الضحك، بل هو رفضنا لهذا الألم القادر على خلق آلام.
بعض كتّاب اليوم يكتبون عن أنفسهم أكثر من الكتابة عن الألم. هكذا تبتعد الكتابة عن الإبداع. تصير حبيسة ذات لا تعرف التفلّت. تسعى إلى تحرير نفسها بدلاً من الانعتاق من كل هذا الكون، وخلق ذوات في سماء وأرض ونجمة وبحيرة وشلال. وبدلاً من الاستمتاع بنصوص أدبية، يصير همّ القرّاء كشف أسرار كتّابها.
ثمّة عجلة في كلّ شيء. حتى أعمارنا تمضي على عجل. من دون أن ندري، صرنا جزءاً من حياة سريعة. كأن نكتب لنعرف من نكون باكراً، قبل أن تسبقنا أعمارنا. لاحقاً نروي حياةً منّا وبعيدة عنّا. حياةٌ نكون قادرين على صنعها، بعدما صنعتنا حياة أخرى قبلها. حينها أيضاً، يمكننا الإكثار من الكتابة.
اقــرأ أيضاً
نكثر من الكتابة فنُرزق بأسرار جديدة كانت دائماً في مكان ما في داخلنا. أسرار تصغر أو تكبر عاماً بعد عام. وهي مجتمعة، تصنع لمعاناً في عيوننا أو كآبة أو قلقاً أو شوقاً أو أشياء أخرى. خلال لحظات فقط، قد تمتلكنا، نحن الذين نشارك في صناعتها.
الكتابة.. مَن وأين؟ لا أحكام على الكتّاب الشباب. هذه تجارب قبل كل شيء. وأية تجربة هي حقّ. كأنّ بعضهم يكتب لإعلان أسرار تصير أكثر قبولاً في رواية. أحداثُها ليست حقيقةً وليست خيالاً. تحتمل الحقيقة وتحتمل الخيال مثل جمال نقول إنه "نسبي". وفي سرّنا قد نسأل عما إذا كان ذلك حقيقة أم أنّنا نجمّل ما هو أقلّ جمالاً. هؤلاء، وربمّا بعض منهم، أو قلّة، يكتبون لاكتشاف ذواتهم. من هم بعدها؟ جوابهم سرّ آخر يتطلّب الإكثار من الكتابة.
لماذا نكتب؟ نودّ أحياناً الاطّلاع على أسرارنا بعد أن نجعلها تبدو أكثر "إبداعاً". كلمة تلو أخرى. لماذا نتوقّف؟ مهما حفرنا، لن نصل إلى ذلك الكنز. ولا نحفر إلّا لأنّنا نؤمن بوجوده. لكن لا نجده ونكتب الكثير. ثمّة آلات حادّة قادرة في لحظة ما على إيذائنا. كأن تظهر في وقتٍ نكون على استعداد لاستقبال الأذى. الألم أحد أسبابنا للكتابة. والألم سرّ حين يكون علينا أن نبتسم. لا أحد يجبرنا على الابتسام أو الضحك، بل هو رفضنا لهذا الألم القادر على خلق آلام.
بعض كتّاب اليوم يكتبون عن أنفسهم أكثر من الكتابة عن الألم. هكذا تبتعد الكتابة عن الإبداع. تصير حبيسة ذات لا تعرف التفلّت. تسعى إلى تحرير نفسها بدلاً من الانعتاق من كل هذا الكون، وخلق ذوات في سماء وأرض ونجمة وبحيرة وشلال. وبدلاً من الاستمتاع بنصوص أدبية، يصير همّ القرّاء كشف أسرار كتّابها.
ثمّة عجلة في كلّ شيء. حتى أعمارنا تمضي على عجل. من دون أن ندري، صرنا جزءاً من حياة سريعة. كأن نكتب لنعرف من نكون باكراً، قبل أن تسبقنا أعمارنا. لاحقاً نروي حياةً منّا وبعيدة عنّا. حياةٌ نكون قادرين على صنعها، بعدما صنعتنا حياة أخرى قبلها. حينها أيضاً، يمكننا الإكثار من الكتابة.