كشفت مجزرة الكيماوي التي قام بها النظام في مثل هذا اليوم عام 2013، الكثير من الحقائق التي كانت ملتبسة لدى البعض. كما كشفت بعض الحقائق التي لم تكن لتخطر على بال بشر، بدءاً من المستوى الدولي بشكل عام الذي أثبت تخاذله غير المسبوق وسكوته عن جريمة بهذا الحجم، مروراً بالدول الكبرى التي أكدت أنّ ما يحكمها هو المصالح والمصالح فقط، حتى لو كان على حساب مجزرة من أفظع المجازر بتاريخ الإنسانية. بل حتى إنه يمكن لتلك الدول أن تعقد صفقات على حساب ضحايا المجزرة، وتتجاوز كل الخطوط الحمراء السياسية والأخلاقية التي وضعتها لنفسها، وتغض الطرف عن المجرم وتكتفي بأن تخلصه من أداة الجريمة.
وعلى المستوى العربي، أثبتت المجزرة أن العالم العربي عاجز عن أي فعل أو موقف من شأنه على الأقل أن يؤثر أو يحرج العالم الذي يدعي التحضر حيال جريمة بهذا الحجم. إلا أن الحقائق الأشد قسوة وإيلاماً هي تلك التي كشفتها المجزرة سورياً. فعلى مستوى النظام، لم يكن مفاجئاً للسوريين اكتشافهم أن مستوى استبداد النظام الذي قاموا بثورتهم ضده يمكن أن يصل بدرجات من العنف إلى أن يبيديهم جميعاً حين يصل إلى حالة من الحرج تهدد وجوده، وأن آخر ما يعنيه هو المواطن السوري الذي من المفترض أن تكون مهمته إدارة شؤونه.
إلا أن المفاجأة الكبرى التي كشفتها المجزرة داخلياً، والتي أذهلت معظم السوريين هي طريقة تعاطي جزء من جمهور النظام الذين من المفترض أنهم مواطنون سوريون، مع أحداث المجزرة، ومع جريمة قتل أطفال سوريين بأشد الأسلحة المحرمة دولياً فتكاً، وكأنها انتصار لهم وبأشد حالات الانحطاط الأخلاقي بلاغة. وضجت وسائل التواصل الاجتماعي بآلاف العبارات التي تشمت بقتل الأطفال بدم بارد، وتصفهم بعبارات لم نكن نحن السوريين نتوقع أن تصدر عن مواطن سوري.
أظهرت جريمة الكيماوي الطبيعة غير البشرية لبعض مكوّنات المجتمع التي تماهت مع المستبد لدرجة الفرح والشماتة بمقتل أطفال كانوا قبل بضعة سنوات يلعبون مع أصدقائهم ويدرسون معهم وكانوا إخوتهم في المواطنة.