كمال داود.. "غونكور" وإن طال المطاف

05 مايو 2015
(تصوير: بيرتراند لانغلويس )
+ الخط -

منحت لجنة جائزة "غونكور" الفرنسية للرواية الأولى بالإجماع جائزتها لهذا العام للكاتب الجزائري كمال دواد عن روايته "ميرسو.. تحقيق مضاد" الصادرة عن دار "برزخ" في الجزائر و"آكت سود" في فرنسا. وهي الرواية التي عرفت نجاحاً استثنائياً قلما تمتعت به رواية جزائرية في الخارج وحصدت العديد من الجوائز الأدبية منها "جائزة فرنسوا مورياك" و"جائزة القارات الخمس" العام الماضي.

وكاد كمال داود أن يخلق مفاجأة مدوية بعد أن وصلت روايته إلى القائمة النهائية لغونكور العام الماضي؛ إلا أنه أفلتها بفارق صوت واحد وعادت الجائزة في نهاية المطاف إلى الكاتبة الفرنسية ليدي سالفير.

واعتبر بعضهم أن منح داود جائزة "غونكور" للرواية الأولى هو بمثابة تعويض عن "فشله" في انتزاع الجائزة الرئيسية في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

ويكمن نجاح رواية "ميرسو... تحقيق مضاد" في فرادة وبراعة الفكرة التي بنى عليها داود العمل، إذ أعاد كتابة رواية "الغريب" (1942) للكاتب الفرنسي المولود في الجزائر ألبير كامو.

في روايته، يسرد كامو قصة عبثية تدور أحداثها خلال فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر وبطلها "مورسو" الذي يقتل جزائرياً على الشاطئ، فيصدر بحقه حكم بالإعدام من دون أن يعرف القارئ دوافع الجريمة أو هوية الضحية التي تُذكر 25 مرة في الرواية تحت اسم "العربي".

ويقترح داود رواية أخرى من زاوية جزائرية صرفة يخترع فيها شخصية شقيق القتيل "العربي" ويسميه "هارون". ومن خلال مونولغ طويل، يتعرف القارئ إلى شخصية العربي القتيل في رواية كامو تحت اسم "موسى"، ويكتشف أن هارون انتقم لأخيه وقتل فرنسياً في اليوم الثاني من إعلان استقلال الجزائر في أجواء لا تقل عبثية عن أجواء رواية "الغريب".

وتغوص الرواية بأسلوب ساخر ولغة سلسلة قريبة من لغة التحقيقات الصحافية في تاريخ العلاقات الجزائرية الفرنسية المعقدة وتطرح أسئلة مشاكسة بخصوص الهوية الجزائرية والرؤية الأدبية الكولونيالية للشخصية الجزائرية. وهذا هو سر تألق رواية دواد في سياق ساحة روائية فرنسية مصابة بالتخمة لكونها تشهد طبع آلاف الروايات كل عام.

كما أن نجاحها يعود أيضا إلى كونها جاءت بنفس مغاير ومفاجئ مختلف تماماً عن الرواية الفرنكوفونية التي تعيد اجترار الكليشيهات الفلكلورية الرثة وتصدّت بشجاعة لرواية "الغريب" التي صارت تعتبر من كلاسيكيات الأدب الفرنسي المعاصر.

غير أن الشهرة التي جناها داود بفضل روايته عادت عليه بالمتاعب أيضاً. فقد دعا ممثل "جبهة الصحوة السلفية الجزائرية" عبد الفتاح زراوي حمداش في ديسمبر/ كانون الأول الماضي إلى تطبيق الحد على داود وإعدامه بتهمة التطاول على القرآن ومحاربة الإسلام.

فجرت هذه الدعوة جدلاً كبيراً في الجزائر؛ ونُشرت عريضة تضامن وقعها مئات المثقفين الجزائريين تضامناً مع الكاتب الذي يقيم في مدينة مستغانم حيث يشتغل ككاتب عمود يومي في جريدة "يومية وهران" الفرنكوفونية.

المساهمون