كهف "أمارناث" المُقدّس

15 يوليو 2016
عام 2012، كانت الوفيات قد بلغت 130 شخصاً (Getty)
+ الخط -
رحلة شاقة للغاية يقوم بها مئات الآلاف من الهندوس سنوياً إلى كهف "أمارناث" المقدس بولاية جامو وكشمير على الحدود الباكستانية الهندية، في الفترة ما بين يونيو/حزيران وحتى أغسطس/ آب. يقع هذا الكهف الذي صار معبداً في مكان شاهق جداً على ضفة نهر جليدي بجبال الهيمالايا على ارتفاع 3888 متراً، ويصل الناس إليه عبر بلدة "باهالجام". يُشكِّل هذا المزار جزءاً مُهمّاً من الشعائر الهندوسية، وتحيطُ الجبال الثلجية بالكهف، كما تغطّيه الثلوج معظم شهور السنة باستثناء فترة قصيرة من الزمن، تكون فيها الأجواء سانحة لقدوم الحجيج إلى الكهف. حيث أنّ لا أحد يستطيع الذهاب إلى هذه القمة الرهيبة خلال الأشهر القارسة من فصل الشتاء.

في عام 2011، زار "أمارناث" أكثر من 650 ألف شخص، قطعوا رحلتهم وسط تضاريس جبليّة صعبة، لرؤية الرواسب الثلجيّة التي تشكّلت داخل الكهف، فيما يقوم المريدون المخلصون بالرحلة على أقدامهم في الجبال الوعرة في مسيرة تستمرُّ لخمسة أيام. وتُعتبَر صعوبة الرحلة ومشاق السفر، جزءاً من طقوس العبادة السنويّة.
يُعتقد، أنه بعد العصور الوسطى، سقط الكهف في طي النسيان، قبل أن يعيد اكتشافه أحد الرعاة مرة أخرى في القرن الخامس عشر. وهناك قصة أخرى تتعلق باكتشافه، تقول إن وادي كشمير كان غارقاً تحت الماء، ثم قام القديس، كاشيبا موني، بتجفيفه عبر شق سلسلة من الأنهار والجداول فيه. لذلك عندما جفت المياه في المنطقة قام القديس الهندوسي، بهريجو موني، بعمل قداس للإله "أمارناث"، وعندما سمع الناس بالأسطورة لهذا الإله، اعتبروا الكهف سكناً له. وجعلوه مزاراً دينياً يأتيه الزوّار من كل أنحاء العالم في كل عام.

من بين هذه الأعداد الغفيرة التي تقطع تلك المسيرة الشاقة كل عام، يقضي العشرات نحبهم في رحلة الحج، ويُعزى السبب الرئيسي لذلك إلى ضعف الصحة العامة لبعض الزوار وعجز قدراتهم البدنية عن تسلق الارتفاعات الشاهقة في تلك الأحوال الجوية السيئة. كما يتوفى بعضهم في حوادث طرق قبل الوصول إلى المعسكر الذي يُعد قاعدة التجمُّع قبل الانطلاق للرحلة المقدسة. وفي عام 2012، كانت الوفيات قد بلغت 130 شخصاً، قضى منهم 88 شخصاً لأسباب صحية فيما، قضى 42 نتيجة حوادث الطرق.

وفيما بين عامي 1991 و1995 تم حظر الحج إلى الكهف بسبب مخاوف طائفية، ولكن في عام 1996، كانت أعداد الوافدين للمكان أكبر بكثير مما كانت عليه في السنوات السابقة على الحظر. وفي ذلك الحين، أدَّت العواصف الثلجية التي جاءت في غير موسمها، في أواخر شهر أغسطس/ آب، إلى مأساة كبيرة، حيث راح ضحيتها 242 حاجاً.

وفي حين تعد هذه الرحلة لكثير من الأشخاص رحلة العمر، التي يقوم بها الإنسان مرة واحدة في حياته؛ فإنها تمثل رحلة سنوية لآخرين لا توقفهم صعوبة الطريق، ويهيمون شوقاً لرؤية المعبد المقدس، للتبرك به. كما يُرَى في مشهد الزيارة بعض ذبلت سيقانهم بسبب شلل الأطفال، ومن يعرجون بساق واحدة تحملهم عكازاتهم، ومن أتوا بأجسادهم النحيلة المريضة؛ وجميعهم يجتازون بحذر طريقاً ضيقة خطيرة ترتفع آلاف الأقدام في مسيرتهم نحو الكهف.

دلالات
المساهمون