وتسبب فيروس كورونا في امتناع المانحين الأوروبيين عن القدوم إلى قطاع غزة للمشاركة في الإشراف، ومتابعة المشاريع الخاصة بالمياه، منذ مطلع العام الجاري.
وذكر تقرير سابق للأمم المتحدة أنّ قطاع غزة المحاصر سيصبح مع حلول عام 2020 منطقة غير صالحة للعيش والحياة مع تراجع نسبة المياه الصالحة للشرب، إذ توقع انخفاض نسبة المياه الجوفية الصالحة للشرب إلى أدنى من 3%.
ورغم مسارعة بعض المؤسسات الدولية إلى محاولة تطويق الأزمة، قبل الوصول إلى مرحلة الخطر الشديد بتدشين محطات تحلية للمياه في القطاع، إلا أنّ التباطؤ الذي يفرضه الحصار في الانتهاء من هذه المشاريع، بالإضافة إلى تأثير جائحة كورونا العالمية على واقع المياه، قد يؤديان إلى انهيار هذا القطاع الحيوي.
ومع استمرار نمو السكان في غزة، توقع التقرير الأممي، أن يزداد الطلب على المياه في غزة بحلول عام 2020 بنسبة 60%، في حين أن الأضرار التي لحقت بطبقة المياه الجوفية قد يستحيل إصلاحها.
وقال نائب رئيس سلطة المياه في غزة مازن البنا، لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، إنّ "انكفاء الدول المانحة سيؤثر أيضاً على حجم التمويل المقدم إلى قطاع غزة في المستقبل القريب، ويمكن أن يجعل لهذه الدول أولويات على دعم القطاع".
وأوضح البنا، أنّ العمل في هذه المحطات ما زال يشهد تباطؤاً بسبب الحصار الذي يؤثر على كثير من القطاعات. وأشار إلى أنّ "نسبة المياه الصالحة 10% منذ فرض الحصار على قطاع غزة، بالرغم من مشاريع التحلية التي لا تعمل بكامل طاقتها؛ بسبب أزمة الكهرباء التي تفرض على هذه المحطات العمل وفق ساعات محددة، حيث لا تلبي الكميات التي يحتاجها السكان".
ونحو 90% من الآبار الجوفية التي تزود 2 مليون نسمة في قطاع غزة بمياه الشرب لا تتطابق مع معايير منظمة الصحة العالمية، مما حدا ببعض البلديات إلى إغلاق الكثير من هذه الآبار نظراً لشدة ملوحتها، وفق البنا.
ويحتاج قطاع غزة حوالي 180 مليون متر مكعب مياه في العام الواحد، في حين أن ما يعود للخزان الجوفي كمصادر متجددة لا يتجاوز 80 مليون متر مكعب في العام، وفي ظل هذا العجز الكبير تبرز أزمة المياه بشكل كبير في فصل الصيف.
ونبّه نائب رئيس سلطة المياه في غزة، من أنّ التباطؤ في حل أزمة المياه في قطاع غزة "سيفاقم معاناة الفلسطينيين، وسيواصل استمرار استنزاف الخزان الجوفي، مما يؤدي إلى تداخل مياه البحر في القطاع الساحلي وعملية الضغط، من خلال استخراج كميات كبيرة من هذا الخزان، مقارنة بالتغذية الطبيعية المتجددة له"، لافتاً إلى أنّ "تغذية الخزان تتم من خلال مياه الأمطار والتي لا تزيد عن 50 إلى 60 مليون متر مكعب سنوياً، في حين أنّ الاستخراج من هذه الآبار يكون أكثر بأربعة أضعاف من هذا الرقم".
ولجأ الغزيون إلى إنشاء محطات خاصة لتحلية مياه الشرب الملوثة التي تصل إلى منازلهم، تابعة لمؤسسات غير حكومية، تنتج في العام حوالي 3 ملايين متر مكعب، ويعتمد تسعة من كل عشرة أشخاص في غزة على صهاريج مياه التحلية على الأقل لأغراض الشرب والطهي، إدراكا منهم لمخاطر استعمال مياه الصنبور. وينتج القطاع الخاص ما يزيد عن 80% من مياه التحلية المتاحة حالياً في غزة من المياه الجوفية.
وتقوم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بعمليات قرصنة مائية، من خلال حفر ما يقرب من 37 بئراً على الحدود الشمالية والشرقية للقطاع كمصائد مائية يتم حفرها بمنسوب أقل من مستوى الخزان الجوفي، والتي وفق طبيعتها الانسيابية تتجه من الشرق والشمال باتجاه غزة.