خابت توقعات مستوردي السيارات الجديدة في المغرب ممن كانوا ينتظرون ارتفاع المبيعات في العام الحالي، إذ عصفت كورونا بآمال انتعاش السوق بعد تراجعها في العام الماضي، غير أن مراقبين يرجحون أن تقبل الأسر أكثر على شراء السيارات المستعملة.
وتهاوت مبيعات السيارات في شهر يونيو/ حزيران الماضي بنسبة 43 في المائة، حيث تشير بيانات جمعية مستوردي العربات إلى تسجيل 45774 سيارة جديدة، مقابل 80735 سيارة جديدة في الفترة نفسها من العام الماضي. ورغم توقع انتعاش الطلب في الستة أشهر المقبلة، مع عودة النشاط الاقتصادي، إلا أن العاملين في القطاع يترقبون انخفاض المبيعات بنسبة تتراوح بين 20 و30 في المائة، مقارنة بالعام الماضي. وكان القطاع يتوقع ارتفاعا للمبيعات في العام الحالي بما بين 5 و6 في المائة، بعدما تراجعت في العام الماضي بحوالي 6.5 في المائة، كي تستقر في حدود 166 ألف سيارة.
وينتظر أن تتأثر مبيعات السيارات بتراجع إيرادات الأسر بسبب تداعيات الفيروس، وخاصة الطبقات المتوسطة، إذ تنشط تلك السوق في المملكة خلال الأعوام الأخيرة بفعل التسهيلات التي تتيحها شركات السيارات والمصارف وشركات قروض الاستهلاك لهذه الطبقة. وقد صرحت 50.3 في المائة من الأسر في بحث أجرته المندوبية السامية للتخطيط (حكومية)، صدر في الأسبوع الماضي، بتراجع مستوى معيشتها في الاثني عشر شهرا الماضي، بينما تتوقع 42.2 في المائة باستمرار تدهور مستوى معيشتها في الاثني عشر شهرا المقبلة. وظهر من البحث الذي أجري في الربع الثاني من العام الجاري، أن 76.1 في المائة من الأسر تعتقد أن الفترة الحالية ليست مناسبة لشراء سلع مستدامة، مقابل 8.1 في المائة من الأسر ترى أن ذلك ممكن.
ويتوقع أن يتأثر سوق السيارات بالمغرب، كذلك، بالظرف الصعب الذي يجتازه قطاع تأجير السيارات، وقد توقف بالكامل في ظل الحجر الصحي، علما أن الفاعلين فيه دأبوا على تجديد أسطول السيارات لديهم والذي يصل إلى 140 ألف سيارة.
ويرتقب ألا يعمد الفاعلون في هذا القطاع، حسب خالد بنسعيد المسؤول بإحدى وكالات تأجير السيارات، إلى شراء مركبات جديدة في الفترة المقبلة، في ظل عدم وضوح الرؤية حول نشاطهم، خاصة مع توقف السياحة وإلغاء عملية عبور المغتربين المغاربة نحو المملكة في الصيف، والذين يعتبرون عملاء يساهمون في تعظيم رقم مبيعات القطاع.
ويحقق قطاع تأجير السيارات، وفق بنسعيد، حوالي 80 في المائة من رقم معاملاتهم من تلبية طلب الأجانب الذين يحلون بالمملكة من أجل السياحة والمغتربين المغاربة الذين يستأجرون السيارات خاصة في عطلة الصيف. ويرتبط الطلب بالمغرب على السيارات في الأعوام الأخيرة، بالقروض التي توفرها مؤسسات الائتمان، إلا أن الظروف الناجمة عن تداعيات الفيروس، أفضت إلى صعوبات تجدها المصارف وشركات قروض الاستهلاك، ما يدفعها إلى التشدد في توفير القروض للأسر في الفترة المقبلة. وتسببت الجائحة في تأجيل معرض السيارات الذي كان ينتظر أن يشهده المغرب في العام الحالي، حيث يفضي قرار التأجيل إلى حرمان الشركات من رفع مبيعاتها، خاصة مع العروض الخاصة التي تقدم للزوار.
وطالب مستوردو السيارات بالمغرب باتخاذ تدابير من أجل تحفيز الطلب في الفترة المقبلة، متوقعين أن يخلق الوضع الجديد فرصا كبيرة لسوق السيارات المستعملة، كما سيتم اللجوء من قبل الشركات إلى التأجير الطويل للسيارات من أجل خفض موازنات الاستثمار.
وكان تجار السيارات الجديدة، قد اشتكوا في الأعوام الأخيرة، من منافسة سوق السيارات المستعملة في ظل عدم تنظيمه، رغم الطلب الكبير الذي تعرفه، مع سعي الأسر إلى شراء سيارات توافق قدرتها الشرائية وعدم الإمعان في الاقتراض. ويؤكد الفاعل في سوق السيارات المستعملة، المهدي باعلي، أنه رغم شكوى وكلاء شركات السيارات الجديدة، إلا أن مبيعات تلك المستعملة ستصمد أمام تراجع الطلب، بالنظر لمرونة الأسعار والقدرة على الاستجابة لانتظارات الأسر ذات الإيرادات المتوسطة.
ويطالب العاملون في القطاع، من جهة أخرى، بتوفير منحة من قبل الدولة لمن يتخلصون من السيارات القديمة، بما يساعد على التخلص من الأسطول القديم، معتبرين أنه يمكن لذلك التدبير أن يهم السيارات التي يتجاوز عمرها عشرين عاما، على اعتبار أنها تصبح أكثر تلويثا ومسببة لحوادث السير. ويدعو المستثمرون إلى تشجيع السيارات المسماة "النظيفة" أو الصديقة للبيئة عبر توفير حوافز على غرار ما يتم في بلدان أخرى لمن يشترون السيارات الهجينة أو الكهربائية.