هذا الهدوء سبقته عاصفة مساء الجمعة، حيث أصدرت السلطات قرار حظر التجوال عند الساعة العاشرة مساء، على أن يبدأ التنفيذ عند الساعة الثانية عشر، وخلال هاتين الساعتين، تدفق المئات من الناس إلى الشوارع لتلبية الحاجيات الضرورية مع القرار المفاجئ، وهو ما أحدث ريبة وتخوفاً لدى السكان من اتساع رقعة انتشار الفيروس، في ظل غياب الإجراءات الاحترازية، التي عكف عليها أبناء هاتاي خلال الأيام الماضية، من وضع الكمامات على الأوجه، ولبس الكفوف وغيرها، حيث غابت هذه المظاهر بشكل واضح في المئة وعشرين دقيقة.
وأرجع وزير الداخلية التركي سليمان صويلو في بيان له، سبب اختيار ساعة الحظر (العاشرة مساء) يوم الجمعة، إلى أن "اختيار نهاية الأسبوع هو لتجنب توقف الإنتاج وكون نهاية الأسبوع لا تتعارض بشكل كبير مع ذلك"، لافتاً إلى أنه "لو تم إعلان الحظر قبل يومين أو ثلاثة، فإن ذلك سيشكل هجوماً كبيراً على المحلات وأزمة كبيرة".
Twitter Post
|
تقطع أصوات أبواق سيارات الإسعاف والسيارات الخدمية بين الفينة والأخرى، الهدوء المترافق مع أصوات العصافير، فيما يلحظ غياب المارة في الشوارع، إلا من أشخاص يشملهم الاستثناء من قرار الحظر كالعاملين في مؤسسات حيوية، وأصحاب مهن محددة، وفرق الشرطة التي تقوم بدوريات لضبط المخالفين.
الساحات العامة والطرق التي كانت تنبض بالحياة، الأسواق والبازارات التي يتلاصق فيها المارة، كل هذه المظاهر غابت عن هاتاي، وبدت المدن خاوية على عروشها، وفيما أعلنت وزارة الداخلية أنه سيتم اتخاذ الإجراءات القضائية والإدارية بحق الذين لا يمتثلون لحظر التجوال، فقد صدر تعميم إلى الأفران لتوصيل الخبز إلى المنازل.
Facebook Post |
ورغم تسجيل إصابات قليلة في الولاية بالفيروس بلغت حتى آخر حصيلة 75 حالة دون تسجيل أي حالة وفاة، إلا أنها كانت من بين 31 محافظة شملها حظر التجوال، وكان قبل أسبوع قد صدر قرار بمنع الدخول والخروج من هاتاي، فيما يبدو أنه إجراء احترازي من السلطات لتفادي إصابة المزيد من السكان.
وسجل في تركيا حتى آخر حصيلة رسمية السبت، 52.167 إصابة، فيما وصل عدد الوفيات بفيروس كورونا الجديد 1101، فيما تماثل للشفاء قرابة ثلاثة آلاف شخص.
وأعلنت وزارة الداخلية التركية، مساء الجمعة، حظراً للتجول في 31 ولاية يومي السبت والأحد. وأكد وزير الداخلية سليمان صويلو أن الحظر ينتهي منتصف ليل الأحد/ الإثنين، ولا تمديد له.
الحظر وما قبله... واللاجئون السوريون
وبدا لافتاً، التزام اللاجئين السوريين في هاتاي بالتعليمات التي تصدر من قبل السلطات التركية، وهو أمر بدأ حتى قبل انتشار فيروس كورونا، عندما سقط عشرات القتلى من الجنود الأتراك في ريف إدلب شمال غربي سورية، حيث عكف كثير من اللاجئين إلى التزام بيوتهم، وعدم الخروج إلا للضرورة.
هذا الأمر، أكده رئيس بلدية هاتاي لطفي سواش، حيث قال في هذا الخصوص خلال لقاء تلفزيوني "لا أظن بأنّ السوريين يخضعون لفحوصات فيما يتعلق بفيروس كورونا، بعد استشهاد 33 جندياً في إدلب لم نعد نرى السوريين في الشوارع بشكل كبير"، مبيناً أن "اللاجئين السوريين يعيشون منغلقين في منازلهم أكثر من أي وقت مضى".
ويعيش في هاتاي قرابة 431 ألف لاجئ سوري حسب آخر إحصائية رسمية، ويشكلون ثالث أكبر تجمع للسوريين على مستوى تركيا، بعد إسطنبول وغازي عينتاب. ولا شك أن جائحة كورونا قد أثرت بشكل كبير على مستواهم المعيشي المتدني أصلاً، إذ كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أعلن قبل أسبوعين، أن الحكومة ستقدم دعماً مالياً لنحو مليوني أسرة تركية من ذوي الدخل المحدود، في إطار تخفيف الآثار الاقتصادية لتفشي الوباء، إلا أن ذلك لن يشمل الأسر السورية، باستثناء بعض العائلات التي حصلت على الجنسية التركية.
ويشار إلى أن مساحة ولاية هاتاي تبلغ قرابة خمسة آلاف وخمسمائة كم2، ويبلغ عدد سكانها قرابة مليون ومئتي ألف، وعاصمتها ومركز الولاية مدينة أنطاكيا.