كيف تشعر عندما يعتبرك الآخرون مشكلة؟

23 نوفمبر 2015
لوحة للفنان الكندي جيل مايرز (Getty)
+ الخط -
إن المخبرين والجواسيس هم موضع الأحاديث في عصر الإرهاب، حيث تختبر الصداقات، وتزول الثقة، وتصبح المأساة ملهاة؛ وشر البلية ما يضحك! كان "ساد" يواجه مشاكل أخرى يتعين عليه التعاطي معها، وكأن الارتياب في صداقاته لا يكفيه. لقد صرف من عمله في وول ستريت، وهو مقتنع أن ما بلغت إليه حاله ناجم عن أن القدس هي مسقط رأسه. فقد كان يتعرض لمضايقات المعادين للعرب والمسلمين هناك، ولكنه أكثر سعادة الآن في شركة للتكنولوجيا يملكها ويديرها أميركيون آخرون من أصول مختلفة. ولكن السنوات العديدة الأخيرة أوقعتهم في خسائر. فسألته عن حياة الأميركيين العرب بعد 11 سبتمبر/أيلول، فرد علي: "نحن السود الجدد، أنت على علم بالأمر، أليس كذلك؟".

كيف تشعر عندما يعتبرك الآخرون مشكلة؟ في القرن الماضي، طرح دبليو أي بي دوبوا هذا السؤال نفسه في عمله الأدبي الأميركي الرفيع شجاعة الشعب الأسود، وقدم إجابة عن ذلك، لقد كتب: "أن يعتبرك الآخرون مشكلة هو اختبار غير عادي، إنه حدث غريب"، مشيرًا بلا شك إلى النمط الاجتماعي الغريب الذي يحيط بالعبودية. لقد وضع دوبوا كتابه في أثناء حقبة جيم كروو، التي شهدت تمييزاً عنصرياً رسمياً، وتعتيماً متعمداً على التفاصيل الإنسانية لحياة الأميركيين ذوي الإصول الأفريقية. وبعقد العزم على كشف النقاب عن التمييز العنصري، قدم لقرائه صورة أشمل عن خبرة السود، بما في ذلك "معنى إيمانهم بالله، وتحسرهم على وضعهم الإنساني، ونضالهم من أجل جوهرهم الأسمى".

اقرأ أيضًا: صلاح مصباح، في تونس لدينا تقاليد صناعة اللاشيء

بعد قرن من الزمن، بات الأميركيون من ذوي الأصول العربية والمسلمون يشكلون المشكلة الجديدة للمجتمع الأميركي، لكن هناك آخرون غيرهم بالطبع: الأميركيون الأصليون المدعوون بالهمجيين الهنود عديمي الشفقة وفقاً لإعلان الاستقلال، وقيل أنهم متخلّفون حضارياً ولا يفهمون إلا لغة القوة الوحشية. ومع ظهور الهجرة الكاثوليكية إلى البلد، في القرن التاسع عشر، تمّ التهجم على الأميركيين ذوي الأصول الإيطالية والإيرلندية بسبب دينهم. لقد عانوا من عنف الرعاع، ومن اتهامات عديدة بولائهم للكرسي البابوي أكثر من ولائهم للقيم الجمهورية. وفي أثناء الحرب العالمية الأولى، تعرّض الأميركيون الألمان للشتم والكره، ولقّب طبق "الشكروت" بكرنب الحرية، وحظرت ولايات عدة تعليم الألمانية اقتناعاً منها أن اللغة في حد ذاتها تروّج قيماً غير متفقة مع التقاليد والمبادئ الأميركية. وفي الفترة الممتدة بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، أدّت معاداة السامية إلى إخراج الأميركيين اليهود من الجامعات ومن أعمالهم، وغذت نظريات مؤامرة متطرفة ومؤذية، مرتبطة بالحرب والهيمنة على العالم. وسيق الأميركيون ذوو الأصول اليابانية كالماشية إلى معسكرات الاعتقال في أثناء الحرب العالمية الثانية (كانت هناك أعداد أقل من الأميركيين ذوي الأصول الألمانية والإيطالية والمجرية).

واشتبه بالأميركيين ذوي الأصول الصينية عموماً بتعاطفهم مع الشيوعيين إبان حقبة ماكارثي، فكانوا يفقدون وظائفهم ومصادر رزقهم بشكل متكرر. ولطالما اعتُبر الأميركيون من أصول إسبانية تهديداً خارجياً للحضارة الأميركية، على الرغم من وجودهم في هذا البلد قبل إنشاء الولايات المتحدة المعاصرة.

يتعرض العرب والمسلمون، منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول، والحربين في أفغانستان والعراق لتمييز مريب، وهما مجموعتان لم تكونا معروفتين في الواقع من معظم الأميركيين قبل عام 2001، كما أنهما أول جاليتين حديثتي العهد في الولايات المتحدة تتعرضان للتمييز بعد الانتصارات العسيرة التي حققت في حقبة الحقوق المدنية. وحتى إن استمر التحامل في مجتمعنا، فإن عقيدة الإنصاف الأميركية تقضي أن يحكم علينا لا بسبب ديننا أو جنسنا أو لوننا أو بلدنا الأم، بل بسبب ميزاتنا الخاصة ببساطة. والهجمات الإرهابية، والحربان في أفغانستان والعراق، وانفجار العنف السياسي في أنحاء العالم، عرضت حلم الأميركيين العرب والمسلمين للخطر، وهم الذين يعتبرهم بعض الأميركيين غرباء خطرين. وبلغ عدد حالات التحامل على العرب والمسلمين وأولئك الذين افترض أنهم عرب أو مسلمون 1700 حالة في الأشهر الستة الأولى بعد 11 سبتمبر، ولم يعد العدد أبداً إلى مستوياته كما كان قبل عام 2001. ويظهر استطلاع للرأي أجرته "يو أس إيه" توداي/ غالوب عام 2006 أن 39 في المائة من الأميركيين أقروا بتحاملهم على المسلمين، وأعربوا عن اعتقادهم أنه يفترض في كل المسلمين - بمن فيهم المواطنون الأميركيون - أن يحملوا هوية خاصة.
المساهمون