وافق البرلمان التركي بغالبية أعضائه على التعديل الدستوري، الذي اقترحته الحكومة التركية لرفع الحصانة عن النواب الأتراك، الذين تتواجد بحقهم طلبات من دون الحاجة إلى التوجه إلى تنظيم استفتاء شعبي، بينما شهدت قاعة المجلس نقاشات حادة بين نواب "الشعب الجمهوري" ورئيس المجلس، إسماعيل كهرمان، حول تصريحاته المتعلقة بالعلمانية في الدستور الجديد، في ظلّ بروز شائعات عن هرب نائبين من "الشعوب الديمقراطي" (الجناح السياسي للعمال الكردستاني) إلى أوروبا.
ويدعو الاقتراح، الذي تقدمت به الحكومة التركية إلى البرلمان، وحمل توقيع كل من رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، وجميع نواب حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، إلى إضافة تعديل دستوري مؤقت مكوّن من مادتين إلى الدستور التركي.
تسمح المادة الأولى بتعديل المادة 83 من الدستور التركي التي تقضي "بمنع القبض على، أو التحقيق مع، أو محاكمة أي من نواب البرلمان التركي، في قضايا مرفوعة ضدهم قبل الانتخابات أو بعدها دون قرار من البرلمان". وتؤدي المادة الأولى من التعديل إلى نزع الحصانة بشكل تلقائي عن جميع النواب الأتراك الحاليين، الذين تتواجد بحقهم طلبات رفع الحصانة بناءً على دعاوٍ مرفوعة ضدهم، وتحويل هذه القضايا إلى مجراها القانوني الطبيعي خلال 15 يوماً من إقرار التعديل، بينما تحدد المادة الثانية تفاصيل إقرار التعديل.
ويدعو الاقتراح، الذي تقدمت به الحكومة التركية إلى البرلمان، وحمل توقيع كل من رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، وجميع نواب حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، إلى إضافة تعديل دستوري مؤقت مكوّن من مادتين إلى الدستور التركي.
وبما خالف التوقعات المبنية على الجولة الأولى من التصويت، يوم الثلاثاء، وافق 373 نائباً على تمرير المادة الأولى من التعديل الدستوري، بينما رفضها 138 نائباً، وامتنع 8 نواب عن التصويت، وتمّ اعتبار 3 أوراق تصويت غير صالحة.
وحصلت المادة الثانية في التصويت على موافقة 374 نائباً، بينما رفضها 136 نائباً، وامتنع 4 نواب عن التصويت، ووضع 11 نائباً أوراقاً بيضاء في التصويت. بالتالي نالت التعديلات الدستورية موافقة أكثر من 367 نائباً. وهو الحدّ الأدنى الذي يتيح إقرار أية تعديلات دستورية من دون الحاجة إلى التوجه إلى استفتاء شعبي.
ومقارنة بنتائج التصويت السابق، يبدو أن "العدالة والتنمية" قد مارس ضغوطاً كبيرة على نوابه، للتأكيد على ضرورة الموافقة على التعديلات الدستورية من دون الامتناع أو الرفض أو التصويت بأوراق بيضاء، الأمر الذي بدا واضحاً في انخفاض عدد الأوراق البيضاء في التصويت الثاني، مع العلم بأن النائبة عن "العدالة والتنمية" عن مدينة أرضروم، زهراء تاشكسين أوغلو، قامت بعرض اللصاقتين الخاصتين بالرفض أو الامتناع على رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم، بعد قيامها بالتصويت، للتأكيد على تصويتها بالموافقة، مما أثار جدلاً في البرلمان، حول مطابقة التصويت للشرط الدستوري المتعلق بالسرية.
وأمام الضغوط الكبيرة التي تعرّض لها حزب "الشعب الجمهوري" (أكبر أحزاب المعارضة) بسبب اتهامه بدعم "الإرهاب"، والتي تعرّض لها ممثلو "العمال الكردستاني" بعد قيام عدد كبير من نوابه برفض التعديلات الدستورية خلال الجولة الأولى، تشير نتائج تصويت أمس، الجمعة، إلى أنه "على الأقلّ قام 20 نائباً من الشعب الجمهوري بالموافقة على التعديلات، الأمر الذي أدى دوراً حاسماً في تمرير التعديلات من دون الحاجة إلى الاستفتاء الشعبي، إذ إن أصوات نواب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية مجتمعة، لا تستطيع تمرير التعديلات دون الحاجة إلى استفتاء".
ويبدو أن حامي الجمهورية القومية الكمالية، أي "الشعب الجمهوري"، يتعرض لحملة ضغوط كبيرة بسبب موقفه المتردد من رفع الحصانة، وهو ما بدا واضحاً خلال مشاركة زعيم الحزب، كمال كلجدار أوغلو، في تشييع عسكريين تركيين في العاصمة أنقرة، سقطا في معارك ضد "الكردستاني"، وتعرّض كلجدار أوغلو للرمي بالبيض مع هتافات تتهمه بدعم "الإرهاب" في إشارة إلى "الكردستاني".
وخلال عملية التصويت، حصلت مشادة كلامية بين عدد من نواب "الشعب الجمهوري" وكهرمان، الذي ترأس البرلمان للمرة الأولى، بعد تصريحاته المتعلقة بالعلمانية الشهر الماضي. وطالب النائب عن "الشعب الجمهوري"، لونت غوك، كهرمان بالاعتذار عن تصريحاته التي دعت إلى "عدم احتواء الدستور الجديد لكلمة العلمانية أو ضرورة تعريف الكلمة بشكل واضح". وبعد رفض كهرمان ذلك، خرجت مجموعة من نواب "الشعب الجمهوري" من قاعدة الجمعية العامة، وهم يهتفون "تركيا علمانية وستبقى علمانية".
وسيتأثر 138 نائباً تركياً بإقرار رفع الحصانة عن النواب، 27 منهم من نواب "العدالة والتنمية"، و51 من نواب "الشعب الجمهوري" ، بمن فيهم زعيمه، كمال كلجدار أوغلو، و50 نائباً عن "الشعوب الديمقراطي"، بمن فيهم زعيمه، صلاح الدين دميرتاش، وكبار القيادات في الحزب، و 9 نواب من "الحركة القومية" (يميني متطرف) بمن فيه رئيس الحزب، دولت بهجلي.
وسيتم إقرار التعديلات الدستورية بعد موافقة رئيس الجمهورية التركية، رجب طيب أردوغان، عليها لتدخل حيز التنفيذ خلال أسبوعين، ويتم رفع الحصانة وبالتالي البدء بمحاكمة النواب. وكان دميرتاش، المستهدف الرئيسي من وراء التعديلات الدستورية، قد أكد في مناسبات عدة بأن جميع نواب حزبه لن يتوجهوا طواعية إلى المحكمة للإدلاء بأقوالهم، بما يفتح الباب أمام المزيد من المشادات السياسية والتصعيد في الفترة المقبلة.