تترنّح الحكومة اللبنانية بفعل ملف النفايات المكدّسة في الشوارع وفي المكبّات العشوائية في بيروت والمناطق، منذ أغسطس/آب الماضي. خيارات رئيس الحكومة، تمام سلام، باتت محدودةً جداً: "الاستقالة أو الاعتكاف".
وفي هذا الصدد، قال وزراء مقرّبون من سلام، لـ"العربي الجديد"، إنّ الأخير لم يعد قادراً على تحمّل المزيد من الأزمات والخضّات الداخلية والخارجية، وأنّ ملف النفايات قد يكون مخرجاً له ولحكومته لإنقاذ عهده.
وعجزت الحكومة، طيلة العامين الماضيين، عن معالجة الملفات الأمنية والاقتصادية وخضعت للتجاذبات السياسية، نتيجة الانقسام بين فريق 8 آذار (بقيادة حزب الله) وفريق 14 آذار (بقيادة تيار المستقبل).
انطلاقاً من هذه الوقائع، يسود شعور عند سلام وفريقه، بأنه في حال عدم وضع حدّ لفضيحة النفايات، في المهلة التي سبق لرئيس الحكومة أن حددها، بحلول الخميس المقبل، يصبح خيار إعلان الاستقالة أو الاعتكاف حتمياً أو مرجحاً، وذلك "للضغط على كل المكوّنات السياسية ووضع التعطيل عند حدّه".
وأوضح المقرّبون من سلام، أنّ "المهلة التي قدمها سلام، وهي يوم الخميس المقبل، لإعلان الاستقالة أو الاعتكاف، هي للضغط على كل المكوّنات السياسية ووضع التعطيل عند حدّه". مع العلم أنّ سلام لم يدع إلى عقد اجتماع للجنة الوزارية المختصة بمتابعة ملف النفايات، ولا إلى جلسة حكومة، وذلك بانتظار "بلورة المواقف السياسية من اقتراح المطامر الذي تمت مناقشته خلال الجلستين الأخيرتين للجنة".
ويقضي الاقتراح بإقامة مجموعة من المطامر الصحية في بيروت والمناطق، بعد سقوط اقتراحي ترحيل النفايات وتلزيم الملف إلى شركات خاصة.
وتكمن المشكلة اليوم في اختلاف القوى السياسية على التقسيم المذهبي للمناطق التي ستقام فيها المطامر، وهو تكريس للواقع القائل إنّ على كل طائفة وبالتالي منطقة أن تتحمّل مسؤولية وأعباء نفايات أبنائها. في حين لا يزال اقتراح تلزيم النفايات للمجالس المحلية والبلدية لا يخضع لنقاش رسمي وسياسي جدي، مع العلم أنّ كلفة جمع النفايات ومعالجتها، تُقتطع من موازنة هذه المجالس.
وبينما تستمرّ التحذيرات السياسية، اللبنانية والدولية، من انفراط عقد الحكومة وأخذ البلد إلى شغور عام يطاول كل المؤسسات الدستورية (بفعل الشغور الرئاسي، وتعطيل المجلس النيابي)، نبّه عضو تكتل التغيير والإصلاح (برئاسة النائب ميشال عون، حليف حزب الله)، النائب وليد حوري، إلى "إمكانية لجوء التكتّل إلى الاستقالة من الحكومة بعد سنتين من المحاولات الديمقراطية والدستورية غير المجدية لتصحيح مسار الشراكة الوطنية".
وعلى صعيد ملف النفايات أيضاً، اجتمعت لجنة المال والموازنة برئاسة أمين سر التكتل، النائب إبراهيم كنعان، لتتسلم من مجلس الإنماء والإعمار (الهيئة التابعة لمجلس الوزراء والمكلفة تلزيم العمل بعدد من القطاعات ومنها النفايات) كل العقود الموقعة بين الدولة اللبنانية وشركة سوكلين (الشركة التي تم تلزيمها النفايات منذ 1994)، وهو ما يساهم في تبيان الكثير من الحقائق المالية والإدارية الخاصة في هذا الملف. وهو ما يمكن وضعه، أيضاً، في إطار المتابعة المالية لأزمة النفايات، بغية ضبط السقف المالي الواجب احترامه في عملية ضبط الأزمة.
ومن المفترض أن تعود حملات الحراك المدني إلى التحرّك من جديد يوم السبت المقبل، وذلك بناءً على دعوة حملة "طلعت ريحتكم"، وذلك لممارسة ضغوط إضافية على السلطة التي أصبحت عاجزة، ووضع عجزها رئيس الحكومة أمام خياري الاستقالة أو الاعتكاف.
اقرأ أيضاً: لبنان: أزمة النفايات تراوح مكانها