ولم يبحث مجلس الوزراء قضيتي شبكة الاتجار بالبشر، وشبكة الإنترنت غير الشرعي، خصوصاً أن العديد من السياسيين، ومنهم وزراء، تحدثوا عن وجود غطاء من داخل مؤسسات الدولة لهذه الشبكات.
أما سبب فشل الجلسة الحكومية، فيعود إلى الخلاف على جزء من موازنة جهاز أمن المطار، بين الوزراء المسيحيين وزملائهم المسلمين. ويعود سبب الخلاف، إلى تداخل صلاحيات مدير الجهاز اللواء جورج قرعة، وهو كاثوليكي، ونائبه العميد محمد الطفيلي من المذهب الشيعي، خصوصاً أن الصلاحيات متداخلة بين المدير ونائبه. وبسبب الخلاف بينهما، أوقف دفع المصاريف السرية، ومصاريف السفر والتدريب.
وبحسب ما قالت مصادر وزاريّة لـ"العربي الجديد"، فإن الجلسة مرت بشكل عادي في البداية، وأقر نحو 40 بنداً، معظمها إدارية، وعند الوصول إلى بند يتعلق بنقل اعتمادات إلى قوى الأمن الداخلي، رفض عدد من الوزراء إقراره، قبل إقرار موازنة جهاز أمن الدولة.
وأبلغ الوزير آلان حكيم (حزب الكتائب) "العربي الجديد"، أن فريقه السياسي لم يُمانع إكمال جلسة مجلس الوزراء، لكنه طلب ربط البنود المتعلقة بنقل اعتمادات لأجهزة عسكرية مع بعضها، وهو ما رُفض، بحسب حكيم. وأضاف حكيم أن "هناك من أبلغنا أن جهاز أمن الدولة فاشل وغير مجد"، وتساءل عن الجهة التي يحق لها تقييم الأجهزة الأمنيّة.
وأشار حكيم إلى أن رئيس الحكومة تمام سلام، أقرّ خلال الجلسة بأنه يحتفظ بالعديد من طلبات جهاز أمن الدولة ولا يُحيلها إلى مجلس الوزراء. وأكد حكيم أن صلاحيات صرف الاعتمادات هي لمدير عام الجهاز، إسوة بالأجهزة الأخرى كما قال، ورفض مساواة المدير بنائبه، واللواء بالعميد.
وبحسب أحد الوزراء فإن الوزير جبران باسيل، قال إن وزارة المال أوقفت كل طلبات التمويل التابعة للجهاز ومنها بدلات الاستشفاء، وهو ما ردّ عليه وزير المال علي حسن خليل بعنف، مؤكداً أن وزارته دفعت كامل مستحقات جهاز أمن الدولة، باستثناء المصاريف الخاصة وبدلات السفر.
وأشارت مصادر رئاسة الحكومة إلى أن هناك فريقا قرر تعطيل الحكومة، وأن البند المتعلق باعتمادات "أمن الدولة" كان موجوداً على جدول الأعمال، وهو يضم كل مشكلة هذا الجهاز وذلك بهدف حلّها. وتساءلت هذه المصادر، عمّا إذا كان "اللواء قرعة موظفاً في الدولة أم عضو مجلس ملّة الطائفة الكاثوليكية".
وقد اتفق الوزيران بطرس حرب ونبيل دو فريج في اتصال مع "العربي الجديد" على وصف الجو داخل الحكومة بالمتوتر والسيئ. وأشار حرب إلى أن رئيس الحكومة قد لا يدعو إلى جلسة مقبلة قبل حلّ هذه المشكلة. وحاول حرب اقتراح حلول وسطية، لكنها رُفضت. وأشار حرب إلى استعمال "تلميحات ذات طابع مذهبي وطائفي" من قبل بعض الوزراء خلال الجلسة.
بدوره، قال وزير الداخليّة نهاد المشنوق بعد الجلسة إنه "يبدو أن طائفة أمن الدولة أهم من عمل الحكومة وأمن المطار وقوى الأمن الداخلي والأمن العام". وطالب المشنوق بـ"شطب الكلام الطائفي من محضر الجلسة". فيما اعتبر باسيل أن بعضهم "لا يريد حل مشكلة جهاز أمن الدولة بل يريدون حل الجهاز"، ورفض اعتبار أن هناك جهازا أمنيا مهما وآخر غير مهم.
وفي ختام الجلسة، أعلن وزير الإعلام رمزي جريج مقررات الجلسة، ومن أبرزها "الموافقة على طلب بعض الوزارات قبول هبات عينية أو نقدية مقدمة لصالحها أو لصالح إدارات تابعة لها، والموافقة على طلب بعض الوزارات المشاركة في مؤتمرات لبنان أو معارض أو اجتماعات خارج لبنان، وعلى سفر بعض الموظفين ونقل اعتمادات من احتياطي الموازنة العامة إلى موازنة رئاسة مجلس الوزراء أو بعض الوزارات لعام 2016".
ولفت جريج إلى أنه في "معرض البحث بنقل بعض الاعتمادات أثير موضوع مديرية أمن الدولة، والطلبات المقدمة منها لنقل بعض الاعتمادات لصالحها، وقد جرت مناقشة مستفيضة حول هذا الموضوع أبدى فيها عدد من الوزراء وجهات نظرهم بهذا الشأن ولم تتوصل المناقشة إلى قرارات حول هذا الموضوع، فتقرر رفع هذه الجلسة ومتابعة البحث في الجلسة المقبلة على أن تعقد الجلسة يوم الثلاثاء المقبل في 12 أبريل/نيسان 2016".
وعند سؤاله عن سبب عدم نقاش موضوع وسائل الإعلام وقمر "نايل سات"، أجاب جريج بأنه حاول ووزير الاتصالات بطرس حرب "التحدث في هذا الموضوع ولكن موضوع أمن الدولة استغرق كل الوقت ولم يعد هناك مجال للبحث، وبما أن الجلسة المقبلة قريبة فإننا نأمل أن نبحث ذلك فيها، وكذلك لم يتم البحث في موضوع المطار (تجهيزات المطار الأمنية والتقنية)".
توقيف أشخاص بقضية الانترنت غير الشرعي
إلى ذلك، أعلن النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سمير حمود، أن "المباحث الجنائية المركزية أنجزت إجراء التحقيقات في قضية الإنترنت غير الشرعي، بعد تكليف منه"، مشيراً في اتصال مع الوكالة الوطنية للأنباء، إلى "توقيف شخصين في القضية بناء على إشارة مني، وتم تسطير بلاغ بحث وتحر بحق شخص آخر".
وأضاف حمود أنه "سبق للنائب العام المالي القاضي علي إبراهيم أن أعطى إشارة بتوقيف شخصين وأحال ملفهما إلى النيابة العامة الاستئنافية في الشمال".
وأكد حمود أنه سيحيل "الملف على النائب العام المالي لتحريك الدعوى العامة في حق الشخصين الموقوفين والشخص المتواري عن الأنظار، وفي حق الأشخاص الذين تم تركهم بسند إقامة وكل من يظهره التحقيق".
وردّاً على سؤال بشأن قضية التجسس من قبل إسرائيل أو من جهات أجنبية أخرى عبر الإنترنت، لفت الى إن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر "لا يزال يتابع التحقيق في هذا الملف، بناء على طلبي".
وأكد أن صقر يتابع "بناء على تكليف مني، التحقيقات في قضية تركيب الأجهزة والصحون اللاقطة وتمديد الكابلات للإنترنت واستيراد هذه الأجهزة وإدخالها إلى لبنان بطريقة غير شرعية".