وتابع "العربي الجديد" الوضع الميداني في بيروت ومحافظات الشمال والجنوب، مع استمرار فرق وزارة العمل حملاتها التفتيشية التي نفذتها اليوم. ففي الشمال، واكبت الشرطة البلدية، وعناصر قوى الأمن الداخلي، فرق الوزارة، وسطروا محاضر ضبط بحق أصحاب العمل الذين يستخدمون عمالاً سوريين من دون إجازات عمل.
وفي بيروت استكملت أعمال التفتيش أيضاً وذكرت عاملة في معمل للخياطة في بيروت من الجنسية البنغلاديشية، لـ"العربي الجديد"، أن مفتشين قدموا اليوم الثلاثاء إلى المعمل وسألوا عن العاملين من الجنسية السورية فقط، بدون التعرض للجنسيات الأخرى. وأقفلت محال تعود لأصحاب عمل أجانب من دون إجازات وتراخيص، بالإضافة إلى توجيه إنذارات بعد ضبط مخالفات إدارية.
إغلاق المخيمات الفلسطينية مستمر
وأغلقت المخيمات الفلسطينية في لبنان مداخلها بدءًا من يوم أمس الاثنين، وتعطلت حركة الدخول والخروج من المخيمات وإليها، بما فيها السيارات التي تحمل مواد تموينية وخضراً ولحوماً.
ودعت لجنة المتابعة الفلسطينية في لبنان اليوم الثلاثاء إلى استمرار الحراك الجماهيري، والابتعاد عن كل أشكال العنف والإساءة. وأكدت في بيان صحافي رفضها محاولات التهدئة قبل وقف جميع الإجراءات التي اتخذها وزير العمل بحق الفلسطينيين.
مخيمات الجنوب
وأوضح الناشط الإعلامي في مخيم برج الشمالي، في جنوب لبنان، أحمد دحويش، لـ "العربي الجديد"، أن القرار المجحف بحق الفلسطينيين، وتحديداً العمال منهم، دفع أهالي المخيم إلى إغلاقه ليل أمس، مشيراً إلى أن رد فعل السكان سبق قرار الفصائل الفلسطينية التي أعلنت عن إغلاق مداخل المخيم عند الثانية من فجر اليوم الثلاثاء.
ولفت دحويش إلى أن مخيم برج الشمالي له خصوصية بين المخيمات، إذ إن عدد المجنسين من بين سكانه كبير جداً. وقال: "أغلقت الطرقات لمنع حركة الدخول والخروج، باستثناء سيارات الإسعاف، وسيارات "أونروا، خوفاً من حدوث طارئ".
واعتبر أن "إضراب الفلسطينيين للضغط على وزارة العمل اللبنانية للتراجع عن القرار، خصوصاً أن نسبة 70 في المائة من العمال الفلسطينيين يعملون في البساتين، وقطاف الحمضيات، جميعهم توقفوا عن العمل".
وأكد أن "الفصائل الفلسطينية والأهالي مصرون على الاستمرار في الإضراب"، موضحاً "إنهم يستطيعون ذلك على الأقل لمدة شهر، ففي المخيم يوجد مستودعات وأفران، وهم يدرسون الوقت الذي باستطاعة الأفران تغطية المخيم". وأشار إلى أن "الأهالي مستعدون لأكل العدس شهراً كاملاً، على ألا يهانوا في لقمة عيشهم". وعن الوجهة الأخرى للتحرك الضاغط، قال: "هناك إمكانية للضغط على المؤسسات والشركات التي تعمل على توقيف الفلسطينيين عن العمل".
أما أبو خليل الكزماوي، وهو صاحب محل في مخيم عين الحلوة، في مدينة صيدا الجنوبية، قال: "ليعلم كل الزعماء العرب نحن شعوب بيت المقدس، ومتمسكون بحقنا في العودة إلى وطننا فلسطين مهما مورست ضغوطات في حقنا، وإن ما يجرى اليوم من إجراءات مجحفة بحق العمال الفلسطينيين لا يخدم سوى ما يخطط لنا من تهجير وتوطين، وهو ما نرفضه اليوم، وما رفضناه في السابق".
وفي رسالة وجهها إلى الدولة اللبنانية، قال: "مكتوب على بطاقة هويتنا الجمهورية اللبنانية، أي أنها صادرة عن الدولة اللبنانية، ما يؤكد وجودنا في لبنان بصفة لاجئ منذ 71 عاماً، وأنا من مواليد لبنان". وتساءل: هل يعقل أننا نطالب بإجازة عمل رغم مرور 71 عاماً على وجودنا بلبنان؟ ولم تتذكر الدولة اللبنانية هذا الأمر إلا في هذا الوقت الذي يراد لصفقة القرن أن تمر".
تابع: "نحن من بنينا مناطق في صيدا منها الهلالية، وعبرا، وغيرهما، ونحن من كان يعمل في البساتين بالزراعة والقطاف، ولم يكن حينها اللبنانيون يعملون في الأرض". ولفت إلى أن "كل ما يتقاضاه الفلسطيني من راتب يصرفه في لبنان، على خلاف الجنسيات الأخرى، هذا عدا الأموال التي تدخل إلى لبنان عبر أولادنا الذين يعيشون في المهجر".
مخيمات بيروت
من جانبه قال الناشط الإعلامي فتحي أبو علي، لـ"العربي الجديد": "إن ما يجري في مخيمات بيروت، وبالتحديد في مخيمي شاتيلا وبرج البراجنة هو رد طبيعي ضد ما تعرض ويتعرض له أبناء الشعب الفلسطيني من تضييق، وحرمان من حقوقه المدنية والاجتماعية، وحق العمل والتملك، وحرمان الفلسطيني من العمل في 72 مهنة في لبنان".
واعتبر أن "ما أقدم عليه وزير العمل اللبناني العنصري بمنع الفلسطينيين من العمل في المؤسسات العامة والخاصة، وإصدار الأوامر بإغلاقها بالشمع الأحمر، وعدم إعطاء الفلسطيني إجازة عمل لمزاولة المهن التي يعمل بها، سبّب خوفاً وهلعاً على مصير الفلسطيني في لبنان، والخوف من التهجير والتوطين الذي يرفضه الشعب الفلسطيني وكل قواه، كما يرفضه لبنان الرسمي والشعبي".
وأعرب عن إدانته قرار وزير العمل الذي بدأ تنفيذه، مطالباً "المعنيين والقوى التي تدعم نضال الشعب الفلسطيني أن تقف بوجه هذا القرار، وأن يعامل الفلسطيني في لبنان معاملة حسنة، وأن يعطى حقوقه كافة، حتى يتمكن من العيش بكرامة إلى حين عودته إلى فلسطين".
أما مدير مكتب خدمات الطلبة الفلسطينيين في لبنان، الناشط عاصف موسى، فقد قال: "أتوجه إلى الحكومة اللبنانية بوقف الإجراءات التعسفية بحق أبناء شعبنا الفلسطيني اللاجئ في لبنان، ونطالب بشكل خاص وزارة العمل ووزير العمل بوقف الحملات التي يتعرض لها العمال الفلسطينيون كافة، وهنا نشدّد على مطلبنا الأساسي بإعطاء أبناء شعبنا الفلسطيني في لبنان حقوقهم المدنية والإنسانية، وحق العمل والتملك، كما نؤكد رفض أشكال التوطين والتهجير كافة، ونؤكد أننا تحت سقف القيادة، ونرفض صفقة القرن مهما كانت النتائج".
قلق الأورومتوسطي
وانتقد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان اليوم الثلاثاء "إجراءات الحكومة اللبنانية العنصرية التي تفاقم معاناة اللاجئين الفلسطينيين وتتجاهل خصوصية قضيتهم".
وأعرب عن قلقة البالغ من إجراءات الحكومة اللبنانية التي من شأنها أن تؤدي إلى إغلاق المؤسسات التي يملكها لاجئون فلسطينيون أو ملاحقة العمال الفلسطينيين ومنعهم من العمل على امتداد الأراضي اللبنانية.
واعتبرت مسؤولة الاتصال والإعلام في المرصد، سيلين يشار، أن قرار وزارة العمل اللبنانية وتنفيذ إجراءاتها الحالية يشير إلى تصنيفها العمال الفلسطينيين، خلافاً لتعديل القانونين 128 و129 اللذين أقرهما المجلس النيابي عام 2010، بأنهم عمال أجانب. في حين بروتوكول الدار البيضاء عام 1965 ينص على ضرورة معاملة الفلسطينيين في الدول العربية التي يقيمون فيها معاملة شعوبهم في إقامتهم وسفرهم وتيسير فرص العمل لهم مع احتفاظهم بالجنسية الفلسطينية.
وطالب الأورومتوسطي السلطات اللبنانية باحترام الاتفاقيات الدولية التي أقرت للاجئين حقوقهم الأساسية ومنها حرية العمل دون تقييد أو منع. كذلك حث الأمم المتحدة والمنظمات العاملة في مجال حقوق اللاجئين على ممارسة الضغط اللازم على السلطات اللبنانية لتمكين اللاجئين الفلسطينيين من ممارسة أعمالهم بدون ملاحقة من قبل سلطات البلاد.
ووفقًا لأرقام وكالة الغوث لشؤون اللاجئين "أونروا"، تقدّر أعداد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بنحو 400 ألف لاجئ، وتشير الإدارة العامة لدائرة الإحصاء المركزي اللبناني إلى أن 174 ألفاً منهم مسجلون في "أونروا". وتفيد التقارير بأنّ نحو 36 في المائة من الشباب الفلسطيني في لبنان تعاني من أزمة البطالة.