بين "الأوباش" و"الخونة" تتفاوت الصفات التي تطلقها الأحزاب السياسية اللبنانية على خصومها ضمن الانتماء الطائفي الواحد، قبل أيام قليلة من موعد الانتخابات النيابية المُقررة في السادس من مايو/أيار المقبل.
وارتفعت حدّة الحملات الإلكترونية والشعبية التي يقودها رموز سياسيون وإعلاميون حزبيون في لبنان ضد المُرشحين المُستقلين ضمن الطوائف، وضد داعميهم من إعلاميين وناشطين في الشأن العام.
وبعد أن سقطت البرامج الانتخابية من حسابات الأحزاب، وسقطت المواجهات الطائفية الانتخابية نتيجة تفصيل الدوائر الانتخابية بالتناسب مع توزّع القوى السياسية في المناطق، تفرّغت مُختلف هذه القوى لصب حملات "التخوين" ضمن المحيط الطائفي الواحد. ولم يعف تبني بعض المرشحين المستقلين وداعميهم لخيارات مدنية أو علمانية من حملات التخوين والاتهام بالعمالة لـ"الطرف الآخر".
على هذه القاعدة كان تحويل تسريب صحيفة "الأخبار" اللبنانية، والمُقربّة من "حزب الله"، لوثائق صادرة عن السفارة الإماراتية في بيروت، إلى مادة إلكترونية استخدمها جمهور الحزب لشن حملة تخوين جديدة ضد من يوصفون بـ"شيعة السفارة". وهم مجموعة من الإعلاميين والمرشحين للانتخابات النيابية ينتمون لمُختلف المدارس السياسية، من الإسلام السياسي وحتى العلمانية، وجمعتهم معارضة الأداء السياسي والاجتماعي لـ"حزب الله" في لبنان.
ولم يكن واضحاً ما إذا كانت الجيوش الإلكترونية الخاصة بـ"الحزب" قد تعمّدت إهمال واقعة أنّ هؤلاء لم يتقاضوا فعلياً دعماً مالياً من سفارة الإمارات أو غيرها من السفارات، وأن الوثائق المسربّة تحدثت عن ترشيح أحد العاملين في السفارة لهؤلاء الأسماء لتلقي دعم مادي بهدف مواجهة "حزب الله".
ودفعت هذه الاتهامات بأحد المُستهدفين في قائمة "شيعة السفارة"، الصحافي حسان الزين، إلى الإعلان عن إضراب مفتوح عن الطعام، أمس الثلاثاء، واستمر حتى ساعات متأخرة من ليل الثلاثاء - الأربعاء، بعدما تحقق طلبه باعتذار صحيفة "الأخبار" منه. وهو ما تم في المقالة الافتتاحية لـ"الأخبار"، اليوم الأربعاء، التي حاولت تبني صفة "المهنية" من خلال "نشر التسريبات كما هي".
واستمر جمهور "حزب الله" في تداول لائحة بأسماء وصور "شيعة السفارة" من تهديدات وشتائم.
وسبق "تيار المستقبل" "حزب الله" في تخوين خصومه في الانتخابات، وذلك مع وصف وزير الداخلية والمرشح عن أحد المقاعد السنية في دائرة بيروت الثانية، نهاد المشنوق، لكل من يصوت ضد "المستقبل" بـ"الأوباش".
كما لجأ المشنوق إلى محاولة شد العصب الطائفي من خلال التحذير من أن التصويت ضد "تيار المستقبل" سيسلم القرار السياسي لبيروت "إلى إيران وإلى حزب الله". وهو ما تنفيه مسيرة "المستقبل" في "الواقعية السياسية" التي يتبناها رئيس الحكومة سعد الحريري، والتي دفعته لانتخاب حليف الحزب، ميشال عون رئيساً، ومُسايرة الحزب في كل الخطوات العسكرية والميدانية التي قام بها على الحدود الشرقية مع سورية.
انعكست هذه الحملات التخوينية أيضاً على الأرض من خلال تحوّل جماهير الأحزاب إلى جيوش من البلطجية، مع تسجيل عدد من الاعتداءات اللفظية والجسدية على المرشحين المُستقلين وعلى ناخبيهم في مُختلف المناطق اللبنانية.
وفي مفارقة لافتة، فقد أوقفت القوى الأمنية في بعض الحالات المُعتدى عليهم، وتذرّعت بعدم معرفة كامل هوية المُعتدين الذين ظلوا طُلقاء.