ورصدت لجنة العدالة من خلال مشروعها "المرصد المصري للحقوق والحريات" وجود 187 مقراً للاحتجاز في مصر، ما بين سجون وأقسام شرطة ومراكز للأمن المركزي وغيرها، توفى فيها 395 محتجزا، يحددها التقرير بشكل مفصل، ويظهر من خلالها مدى الإهمال الجسيم، ومسؤولية وزارة الداخلية عن إزهاق أرواح المحتجزين بدون تحقيق وبدون رقابة.
وبيّن التقرير أن الذين لقوا حتفهم في مراكز الاحتجاز المصرية ماتوا نتيجة التعذيب، أو الحرمان من الرعاية الطبية، أو سوء الأوضاع المعيشية في مراكز الاحتجاز.
ورأى أن الأسباب الجذرية التي سببت الوفاة لم تُعالج حتى الآن، الأمر الذي تراه لجنة العدالة مقصوداً، خاصة أن السلطات لم تفتح أي تحقيق جدي في أي من حالات الوفاة، موضحاً أن اختلال النظام القضائي المصري وقصور إدارات السجون في تحقيقاتها أسهمت في ارتفاع عدد الوفيات بين المعتقلين.
ورغم أن الدستور المصري لعام 2014 يعتبر أن مقار الاحتجاز في مصر هي "دار إصلاح وتهذيب" إلا أن القوانين والقرارات المنظمة حولتها إلى أماكن شديدة الخطورة تهدد حياة المحتجزين بداخلها.
ولفت التقرير إلى أن ما يحدث داخل مراكز الاحتجاز في مصر ناتج عن عشوائية إصدار القوانين واللوائح المنظمة، وغياب الضمانات القانونية للسجناء، وتجاهل السلطات التام لأوضاع الاحتجاز المزرية، على الرغم من التزامها المتجدد بتحسينها.
وحددت لجنة العدالة الأطراف التي تتحمل المسؤولية الجنائية عن الانتهاكات داخل مقار الاحتجاز وهي: قطاع الأمن والدفاع بمؤسساته القائمة بأعمال القبض والاحتجاز والتحقيق (داخلية ومخابرات وجيش)، سلطة إدارة السجون وأماكن الاعتقال (مصلحة السجون والأقسام الشرطية)، سلطة الرقابة على أماكن الاعتقال (النيابة)، ومنع ازدواج العقوبة (القضاء) وضمان السلامة الجسدية (الصحة)، مسؤولو الجهات التنفيذية والأمنية، بداية من رئيس الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ووزراء الداخلية والدفاع.
وأوصت لجنة العدالة الحكومة المصرية بمعارضتها بوضوح وعلناً كل أشكال التعذيب وسوء المعاملة، ووضع خطة وطنية لمكافحة التعذيب مع كل الجهات المعنية، وتعديل التشريعات المتعلقة بالتعذيب وجعلها تتماشى مع المعايير الدولية، والتأكد من رفض المحاكم المصرية جميع الاعترافات التي تم الحصول عليها تحت الإكراه البدني أو النفسي، وإنشاء مرصد مستقل، ونظام للشكاوى المتعلقة بادعاءات التعذيب وسوء المعاملة، وفتح تحقيقات فعالة بشأنها، وتقديم تعويضات للضحايا وأقاربهم، وتدريب مسؤولي إنفاذ القانون وموظفي السجون على منع وحظر التعذيب، وضمان فصل الأطفال المحتجزين عن الكبار، وضمان حماية النساء المحتجزات، والتصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب.
كما أوصت اللجنة بالتأكد من عدم وجود محبوسين احتياطياً على ذمة قضايا لفترات تزيد عن المدة القانونية، وإلغاء المواد القانونية التي تمنح لوزير الداخلية صلاحية إعطاء مراكز الاحتجاز صفة السجون منفردا، وإنهاء الاحتجاز داخل معسكرات الأمن المركزي ومقرات مباحث الأمن الوطني، ووضع خطة زمنية لإنهاء اكتظاظ السجون، وضمان وجود طبيب واحد على الأقل ذي دراية بالعلوم النفسية دائماً في كل سجن، وضمان إخضاع جميع المعتقلين لفحص طبي عند الطلب والوصول إلى المستشفيات الخاصة.
وأوصت المجتمع الدولي بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول الانتهاكات داخل السجون ومراكز الاحتجاز المصرية، والضغط على مصر للتصديق على البروتوكولين الاختياريين لاتفاقية مناهضة التعذيب والعهد الدولي، والإدانة العلنية لممارسة التعذيب وسوء المعاملة داخل أماكن الاحتجاز في مصر والمطالبة بمتابعة المتورطين، وربط جميع المساعدات والمشروعات الاستثمارية باحترام السلطات المصرية الفعلي لمعايير حقوق الإنسان، والدعوة إلى الإفراج عن جميع المعتقلين في مصر.