تنتظر الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح، أيام مصيرية في ظل اتجاه لفرض عقوبات دولية عليه ستشمل أيضاً قياديَين في جماعة "أنصار الله" (الحوثيين).
وحصلت "العربي الجديد" على صورة من الرسالة التي وجهتها الولايات المتحدة إلى لجنة العقوبات الخاصة باليمن، المنبثقة عن قرار مجلس الأمن رقم 2140 لسنة و2014، والتي تطالب فيها واشنطن اللجنة بإدراج ثلاثة يمنيين، بينهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح على لائحة عقوبات دولية ضد المعرقلين للعملية السياسية في اليمن.
وعلمت "العربي الجديد" من مصادر موثوقة أنه بموجب هذه الرسالة عقدت لجنة العقوبات مساء الثلاثاء اجتماعاً تشاورياً لمناقشة الطلب الأميركي، وتم منح الأعضاء مهلة إلى يوم الجمعة المقبل للاعتراض على الطلب الأميركي، وإلا فإنه سيصبح نافذاً.
وقال مصدر أممي لـ "العربي الجديد" إن مندوب فرنسا انضم إلى مندوبي كل من روسيا والصين في إبداء بعض الملاحظات على الرسالة الأميركية، لكن لم يُعرف حتى الآن ما إذا كانت أي من هذه الدول ستبدي اعتراضاً رسمياً يوم الجمعة على العقوبات أم لا.
ووفقاً للمصدر، فإن روسيا وفرنسا اقترحتا إدراج أسماء إضافية في اللائحة جميعها من خصوم صالح، مثل اللواء علي محسن الأحمر ورجل الأعمال حميد الأحمر والشيخ عبد المجيد الزنداني فاعترضت الولايات المتحدة على ذلك، موضحة أنها قدمت حيثيات مشفوعة بالأدلة للأسباب التي دفعتها لاختيار صالح إلى جانب اثنين آخرين من قيادات جماعة "أنصار الله". كما أشارت إلى أنه "بإمكان الدول الأخرى أن تفعل الأمر نفسه مع أشخاص أو كيانات أخرى لاحقاً، وليس بالضرورة في هذه الآونة ضمن الأسماء المقترحة من واشنطن".
وفي سياق متصل، علمت "العربي الجديد" من مصدر يمني مطلع أن الرئيس عبد ربه منصور هادي أوفد وزير دفاعه اللواء محمد ناصر أحمد إلى موسكو في زيارة لم يعلن عنها. ورجح المصدر أن تكون الزيارة لها علاقة بالموقف الروسي من العقوبات المقترحة على المعرقلين.
ويطرح بعض مندوبي الدول الأعضاء في مجلس الأمن أن وزير الدفاع اليمني المقرب من هادي، كان بين أكبر الداعمين للحركة الحوثية ويجب أن يدرج في القائمة، أو أن يُعاد النظر في التهمة الموجهة لصالح في هذا الشأن؛ لكي يظل مجلس الأمن على مسافة واحدة من جميع أطراف الصراع.
لكن الولايات المتحدة، في رسالتها الموجهة إلى أعضاء لجنة العقوبات المؤلفة من ممثلين للدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن والدول العشر ذات العضوية غير الدائمة في المجلس، لم تشر إلى موضوع دعم الحوثي، بل حرصت على أن تكون التهمة عامة وهي تهديد أمن وسلام واستقرار اليمن. غير أن لائحة الاتهام المتعلقة بصالح والمرفقة بالرسالة أشارت إلى أنه منذ خريف 2012 تحول صالح إلى واحد من أكبر داعمي الحركة الحوثية.
وحددت الرسالة ثلاثة أسماء هي، الرئيس اليمني السابق، عبد الخالق الحوثي شقيق زعيم الحركة الحوثية عبد الملك الحوثي، وعبد الله يحيى الحاكم القائد العسكري للحركة الحوثية، المعروف كذلك باسم أبو علي الحاكم. ولم تعرف أسباب استثناء زعيم جماعة "أنصار الله" من الطلب الأميركي.
وأرفقت الرسالة الأميركية بثلاث وثائق منفصلة تتعلق بالاتهامات الموجهة لكل شخص من الأشخاص الثلاثة المطلوب إدراجهم في قائمة العقوبات، يترتب عليها تجميد الأصول والأرصدة المالية والمنع من السفر وغير ذلك.
وتضمنت اللائحة المتعلقة بالرئيس اليمني السابق اسمه ورقما مميزا لجواز سفره (00016161) وتواريخ متعددة لميلاده تتفق في اليوم والشهر 21 مارس/آذار وهو ذات اليوم والشهر الذي انشق فيه اللواء علي محسن عنه عام 2011، وتختلف في عام ميلاد صالح. وتضمنت الوثيقة ثلاثة احتمالات لتاريخ ميلاده هي: 1945، 1942، 1946.
وكشفت لائحة الاتهام ضد صالح أن الخبراء التابعين للجنة العقوبات استجوبوه في صنعاء لإتاحة الفرصة للرد على التهم الموجهة له، لكنه أنكر كل التهم من دون تقديم أي إيضاحات. وذكرت لائحة الاتهام الأميركية استناداً إلى تقرير لجنة الخبراء أن صالح استخدم كذلك تنظيم القاعدة في جزيرة العرب لاغتيال بعض الأشخاص، ومهاجمة بعض المرافق العسكرية بهدف تقويض حكم هادي وإظهاره على أنه حاكم ضعيف.
وأشارت اللائحة الأميركية بشأن صالح إلى أن الصدامات التي وقعت في جنوب اليمن في فبراير/شباط من العام الماضي، كانت نتيجة جهود مشتركة بين تنظيم القاعدة وصالح وإيران وبعض الانفصاليين الجنوبيين، وفي مقدمتهم نائب الرئيس الأسبق علي سالم البيض. وكان الهدف هو خلق مشكلات لمنع انعقاد مؤتمر الحوار الوطني في الثامن عشر من مارس/آذار من العام نفسه.
وفي حال إقرار العقوبات على صالح، فإن القرار يفرض على جميع الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة أن تجمِّد من دون تأخير، لمدة سنة واحدة أولية جميع الأموال والأصول المالية والموارد الاقتصادية الأخرى الموجودة في أراضيها والتي تملكها أو تتحكم فيها، بصورة مباشرة أو غـير مباشرة، الجهات من الأفراد أو الكيانات التي تعين أسماءها لجنة العقوبات الدولية.
كما يفرض القرار على جميع الدول لفترة أولية مدتها سنة واحدة، ما يلزم من تدابير لمنع الأفراد الذين تحددهم لجنة العقوبات من دخول أراضيها، أو عبورهم منها.
ولا تسري التدابير المفروضة عندما تقرر اللجنة، على أساس كل حالة على حدة، أن هذا السفر له ما يبرره لأسباب إنسانية، بما في ذلك أداء الفرائض الدينية أو عندما يكون الدخول أو العبور ضرورياً للقيام بإجراءات قضائية أو عندما ترى اللجنة، حسب كل حالة علـى حدة، أن تطبيـق اسـتثناء سيخدم أهداف تحقيق السلام والمصالحة الوطنية في اليمن.
وتسري الاستثناءات أيضاً عندما تقرر دولة، على أساس كل حالة على حدة، أن هذا الدخول أو العبور لازم لتعزيز السلام والاستقرار في اليمن، وتقوم الدول لاحقاً بإخطار اللجنة في غضون ثمان وأربعين ساعة من تاريخ اتخاذ ذلك القرار.
أما موجبات العقوبات فتتضمن عرقلة أو تقويض نجاح عملية الانتقال السياسي، على النحو المبين في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية إعاقة تنفيذ النتائج التي توصل إليها مؤتمر الحوار الوطني عن طريق القيام بأعمال عنف، أو شنّ هجمات على البُنى التحتية أو التخطيط لأعمال تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان أو القـانون الإنساني الدولي، أو أعمال تشكل انتهاكات لحقوق الإنسان.
أما في ما يتعلق بالشخصين الآخرين الواردين في الرسالة الأميركية فقد تضمنت المرفقات المتعلقة بهما اسميهما وتاريخ ومحل ميلاديهما. وكان من اللافت أن كليهما من مواليد منتصف الثمانينيات، رغم أنهما من كبار قادة الحركة الحوثية.
وتتألف اللائحة المتعلقة بعبد الخالق الحوثي من صفحة واحدة في حين تجاوزت اللائحة المتعلقة بأبي علي الحاكم الصفحة ونصف الصفحة، وهو حجم أكبر من حجم اللائحة الموجهة لصالح ذاته.
ولا تخرج اللائحتان عما يعرفه عامة اليمنيين وتغطيه وسائل الإعلام اليمنية عن أنشطتهما، بما في ذلك القنوات التابعة للحركة الحوثية. ولكن الجديد في التهم الأميركية هو تطرقها إلى محاولات اعتداء سابقة وخطط اعتداء لم تنفذ ضد السفارة الأميركية.
وتتزامن هذه الاتهامات مع أنباء واردة من صنعاء، عن إقدام عناصر من جماعة الحوثيين في مطار صنعاء الدولي على تفتيش طائرات عسكرية أميركية وطرود مرسلة للسفارة الأميركية لدى اليمن.