ظل الخطاب الرسمي حيال خيارات الشعب الفلسطيني وقضيته مغلفاً بشعارات عروبية براقة، وتأكيد على الوقوف "مع ما يختاره الشعب الفلسطيني وقيادته".
وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة، الذي تستعد بلاده لاستضافة مؤتمر أميركي - إسرائيلي، عن "السلام من أجل الازدهار"، بحضور خليجي وعربي وبعض فلسطيني، ردد بعضاً من أسطوانة "موقفنا سيظل ثابتاً ومناصراً للشعب الفلسطيني". لكن في الممارسة لا يمكن نسيان أن الوزير نفسه الذي "يحترم" حقوقنا، ما انفك على مدى عامين يردد تبرير التطبيع باسم "الواقعية"، التي حلت شعاراً موحداً في عواصم خليجية، فيما الصوت الآخر، الرافض للتطبيع والتصهين، إما مقموع أو مهدد بتهمة "الخيانة"، بل وقطع الأرزاق. وليس منذ وقت طويل أعلن، في وارسو أو ما اصطلح على تسميته مؤتمر مواجهة إيران (فبراير/ شباط الماضي)، أمام وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان ووزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير، أن مواجهة "التهديد الإيراني" أهم من القضية الفلسطينية، مختزلاً القضية بـ"الخلاف الفلسطيني - الإسرائيلي".
"وزراء التنظير للتطبيع" يبدو أنهم سئموا مما كبرت عليه الأجيال الخليجية والعربية حول مركزية القضية الفلسطينية، التي يختزلونها بجهبذية دبلوماسية غير مسبوقة، إلى مجرد "خلاف". لا حاجة للخوض في سؤال الوزير عما إذا كان هو وزميلاه حلوا مثلاً مشكلتهم مع طهران، ليعودوا مستعرضين اهتمامهم بـ"الخلاف"؟ أو عما إذا كانت "الورشة" ومكان عقدها قراراً "سيادياً"؟ أم من اختيار مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب... وتبرعاً من "عرب التطبيع"؟
في سياق هذا التهافت الخليجي، وغير الخليجي، لتسويق أوهام مستمرة منذ "مبادرة الأمير فهد في العام 1981"، مروراً باتفاقية أوسلو، وحتى مبادرة العاهل السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز قبل تحولها إلى "المبادرة العربية" في 2002، وذلك عندما كان لا يزال في منصب ولي العهد، أسئلة أخرى في سياق أوهام خوض أميركا حربهم ضد إيران. فهل "سعادته" يرى أن رفض الطيف الفلسطيني الأوسع حضور مؤتمر الابتزاز في بلده يستدعي مثلاً تنصيب نفسه، وغيره من جمع ماراثون إظهار "العشق لأبناء العم"، أوصياء على الشعب الفلسطيني؟ ربما يحتاج هؤلاء اللاهثون لمن يقولها لهم صريحة، إن لم يكن من قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، فمن شعبها، الذي لم تستطع حليفتهم إسرائيل والتي تحولت لمثلهم الأعلى، من كسر شوكته خلال 71 عاماً من الاحتلال: "لسنا قصراً يا سعادة الوزير... فيكفينا أن يرفع أمثالك يدهم عن فلسطين تلاعباً باسم الحرص علينا".