لعبة المحيبس العراقية... أجواء رمضانية بنكهة خاصة
ما إن يدخل شهر رمضان حتى يتجمع شباب الأحياء العراقية داخل مناطقهم، مشكّلين فرقا تتبارى بلعبة المحيبس على مدى ساعات طويلة خلال الليالي الرمضانية، تلك اللعبة التي تمثل طقساً رمضانياً عراقياً بامتياز.
وتشترط لعبة المحيبس وجود فريقين بأعداد مفتوحة من اللاعبين، وغالبا ما تعقد مباريات فرقها في الشوارع والمقاهي المتواجدة على الأرصفة. ويستخدم اللاعبون فيها محبساً صغيراً يعمد كل فريق إلى إخفائه بيد أحد المتبارين المتخفي تحت ستار، لتبدأ رحلة البحث عن هذا المحبس من قبل الفريق الآخر.
الطريف في هذه اللعبة أنها بقيت تمثل عادة رمضانية يمارسها مختلف العراقيين بغض النظر عن انتماءاتهم ومكوناتهم، بحسب الحاج داود الكرخي الذي قال لـ"العربي الجديد"، إن "أعضاء الفرق التي تلعب المحيبس يأتون وينضمون لأحد الفريقين مباشرة دون سابق ترتيب"، مؤكدا أن هذا الأمر هو الذي ميّز هذه اللعبة عن بقية الطقوس الرمضانية.
وأشار إلى أن هذه اللعبة سبق أن أدت إلى عقد مصالحات بين أشخاص متخاصمين، كما كانت السبب أيضا بحدوث حالات مصاهرة نتيجة التعارف أثناء أداء لعبة المحيبس بين سكان الحي الواحد، مبينا أن الجميل في هذه اللعبة أنها تمارس من قبل الكبار والصغار دون تمييز بينهم.
وعلى الرغم من كونها ممارسة شعبية، غير أن لعبة المحيبس لا تخلو من الأحاديث السياسية، لا سيما بعد تزامن شهر رمضان هذا العام مع الانتخابات التشريعية، وفقا لما يرويه أحد اللاعبين القدامى للمحيبس علي البياتي. وقال البياتي لـ"العربي الجديد"، إن "الانتخابات طغت بقوة على لعبة المحيبس هذا العام"، مبيناً أنه على الرغم من ذلك، فإن "الاختلافات السياسية لم تؤثر على إجراء اللعبة في شوارع حيّ الرحمانية وسط بغداد، الذي يعتبر من أحياء العاصمة العراقية القديمة المشهورة بالمحيبس".
الشاب محمد كمال وعلى الرغم من أنه لا يتجاوز التاسعة عشرة من عمره، إلا أنه يصر على أداء لعبة المحيبس مع كبار السن من بينهم والده وجده في مقاهي مدينة الأعظمية. وأوضح لـ"العربي الجديد" أنه مولع باللعبة منذ أن كان في العاشرة من عمره حين كان والده يصطحبه معه إلى المقهى.
وأضاف "أصبحت اليوم من لاعبي المحيبس البارعين ومن الذين يعتمد عليهم للإيقاع بالفريق الآخر"، مبيناً أن هذه اللعبة تبقيه في عزلة عن أصدقائه خلال شهر رمضان لأنها تستهلك أغلب ساعات الليل.
وتابع "بعد عودتي إلى المنزل قبل السحور بساعة نلعب المحيبس أنا وإخوتي الصغار بشكل مصغر في المنزل"، مؤكّداً أن حبّ المحيبس وصل لديه إلى حد الإدمان.
دلالات
المساهمون
المزيد في مجتمع