لعبة المناطقية

09 مارس 2015
يثير الحوثيون نعرات مناطقية لتحقيق أهداف سياسية رخيصة(محمد حمود/الأناضول)
+ الخط -
تعيش جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) ما يمكن وصفه بالهزائم المتتالية. المسألة لم تعد مرتبطة بتمكن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في الأسابيع الماضية من الإفلات من الإقامة الجبرية المفروضة عليه والانتقال إلى عدن لقيادة حراك سياسي لمواجهة انقلاب الجماعة. ولا الأمر يقتصر على تكرار وزير الدفاع اليمني، محمود الصبيحي، السيناريو نفسه أول من أمس. كذلك تتعدى المسألة فشل الجماعة في إيجاد من يعترف بانقلابها سوى إيران وبعض القوى المرتبطة بها.

يرتبط الأمر، بشكل جوهري، بكيفية إدارة الجماعة الصراع داخل البلاد في مواجهة خصومها في الآونة الأخيرة. التسريبات التي تولت الجماعة، منذ مدة، نشرها لاتصالات الرئيس اليمني بمدير مكتبه أحمد عوض بن مبارك، الذي كان الحوثيون قد اختطفوه قبل الإفراج عنه، تقدم نموذجاً لاستراتيجية الجماعة في إدارة هذا الصراع.

في الموجة الأولى من التسجيلات، ركّز الحوثيون على ضرب علاقة هادي بالمكونات الجنوبية، عبر تسليط الضوء على مقاطع في التسريبات تتضمن سباباً من قبله بحق شخصيات في الجنوب. هدف الجماعة كان واضحاً، هو التقليل من شعبية هادي، واستهداف وحدة الجنوبيين وإشغالهم في صراعات داخلية فيما بينهم، للالتفاف على ما كان يحققه هادي من تزايد في شعبيته، بفعل ممارسات الحوثيين ضده. وبعد انقطاع لفترة، عادت التسريبات قبل أيام عبر قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين. الهدف هذه المرة كان التصويب على منطقة تعز من بوابة الأمين العام السابق للحزب الاشتراكي اليمني، ياسين سعيد نعمان، وتعمد التركيز على تعابير تسيء إلى سكانها. لا يمكن فصل التركيز على محافظة تعز عن التظاهرات الحاشدة التي تخرج رفضاً لانقلاب الحوثيين فيها.

لكن الأهم أن ما يثبته الحوثيون، من خلال سلوكهم الأخير، أنهم يتعمدون تحريك النعرات المناطقية، في سبيل أهداف سياسية بحتة رخيصة، غير آبهين بخطورتها على المجتمع، في ظل حالة الفرز غير المسبوقة التي يعيشها.
استراتيجية التحريض المتبعة من قبلهم، على خطورتها، لا تعكس سوى عمق المأزق الذي تعيشه الجماعة وهي تحاول الحفاظ على انقلابها، ومزيد من الهزيمة الأخلاقية الذي تضيفه إلى رصيدها.
المساهمون