هل النفط نعمة أم نقمة؟ وهل في تونس أصلاً نفط يستحق أن يتقاتل من أجله التونسيون؟ طوال عمر الدولة التونسية الحديثة، أي منذ ستة عقود، لم يدر بخلد أي تونسي أن عندنا نفطاً مثلما هو الحال بالنسبة إلى جارتينا ليبيا والجزائر، ولا غازاً، بل كنا نشتريه بحسب تأكيدات بعضهم بسعر السوق العالمية، ونأخذ كمية محدودة من الأنبوب الذي يمر من الجزائر إلى إيطاليا عبر تونس، وعندنا شركات صغيرة لا تكفي لإشباع السوق المحلية. وفي السر كنّا نغبط الجزائر وخصوصاً ليبيا على ما أنعم الله عليهما من خيرات.
ولكن التونسيين عندما التفتوا إلى ما حدث في جارتهم الجنوبية أيام معمر القذافي، واليوم أيضاً، يحمدون الله أن ليس لهم هذه الثروة التي فتتت بلداً وهجّرت أهله وتسبّبت في تقاتل لا ينتهي. ولكن هل يكفي هذا ليكون مبرراً؟ قطعاً لا، ولذلك خرجت أصواتٌ، مباشرة بعد الثورة، تزعم أن تونس، مثل جارتيها، تسبح فوق أنهار من النفط، وقدّموا لذلك خرائط وأرقاماً، صدّقها كثيرون وكذّبها آخرون. ثم جاءت حملة "وينو النفط" لتصب الزيت على السؤال الحامي، وتزيد الحيرة على المحتارين. بعدها قرر رئيس الحكومة التونسية، يوسف الشاهد، أن ينهي هذا الجدل بوضع لجنة تجيب عن هذا السؤال نهائياً، وهو ما نأمل أن يتم بالفعل. ودخل اتحاد الشغل على الخط، ونظّم ندوة في الشأن نفسه، سيقدّم توصياتها بعد أيام.
خلاصة الأمر أننا تركنا كل همومنا، وما أكثرها، وبدأنا نتقاتل حتى قبل أن نعرف إذا كان لدينا نفط أم لا، وأمر الرئيس الباجي قائد السبسي جيش البلاد بحماية المنشآت، وأُطلقت رصاصات في الهواء، فيما يصر شباب محتج في الصحراء على إيقاف ضخّ النفط. كل هذا الشريط من الأحداث، يحطم في جزء منه ما حاول الحبيب بورقيبة أن يبنيه في تونس، فقد ظل الرجل يحمد الله في خطبه أن تونس ليست بهذا الثراء، وأن ثروتها الحقيقية في ما كان يسميه "المادة الشخْمة" أي العقل، داعياً التونسيين إلى التعويل عليها وحدها. وقد نجح في تأسيس شيء ما وحطّم تابوهات كبيرة لعلها أنقذت الثورة نفسها اليوم من براثن الحرب الأهلية. ومع أنه لا أحد بإمكانه أن يُسقط عن التونسيين حقهم في معرفة حقيقة ثرواتهم على قلّتها، فإن الأمل يكمن في ألا تتحول نعمة النفط إلى نقمة.
ولكن التونسيين عندما التفتوا إلى ما حدث في جارتهم الجنوبية أيام معمر القذافي، واليوم أيضاً، يحمدون الله أن ليس لهم هذه الثروة التي فتتت بلداً وهجّرت أهله وتسبّبت في تقاتل لا ينتهي. ولكن هل يكفي هذا ليكون مبرراً؟ قطعاً لا، ولذلك خرجت أصواتٌ، مباشرة بعد الثورة، تزعم أن تونس، مثل جارتيها، تسبح فوق أنهار من النفط، وقدّموا لذلك خرائط وأرقاماً، صدّقها كثيرون وكذّبها آخرون. ثم جاءت حملة "وينو النفط" لتصب الزيت على السؤال الحامي، وتزيد الحيرة على المحتارين. بعدها قرر رئيس الحكومة التونسية، يوسف الشاهد، أن ينهي هذا الجدل بوضع لجنة تجيب عن هذا السؤال نهائياً، وهو ما نأمل أن يتم بالفعل. ودخل اتحاد الشغل على الخط، ونظّم ندوة في الشأن نفسه، سيقدّم توصياتها بعد أيام.
خلاصة الأمر أننا تركنا كل همومنا، وما أكثرها، وبدأنا نتقاتل حتى قبل أن نعرف إذا كان لدينا نفط أم لا، وأمر الرئيس الباجي قائد السبسي جيش البلاد بحماية المنشآت، وأُطلقت رصاصات في الهواء، فيما يصر شباب محتج في الصحراء على إيقاف ضخّ النفط. كل هذا الشريط من الأحداث، يحطم في جزء منه ما حاول الحبيب بورقيبة أن يبنيه في تونس، فقد ظل الرجل يحمد الله في خطبه أن تونس ليست بهذا الثراء، وأن ثروتها الحقيقية في ما كان يسميه "المادة الشخْمة" أي العقل، داعياً التونسيين إلى التعويل عليها وحدها. وقد نجح في تأسيس شيء ما وحطّم تابوهات كبيرة لعلها أنقذت الثورة نفسها اليوم من براثن الحرب الأهلية. ومع أنه لا أحد بإمكانه أن يُسقط عن التونسيين حقهم في معرفة حقيقة ثرواتهم على قلّتها، فإن الأمل يكمن في ألا تتحول نعمة النفط إلى نقمة.