قربّت معركة مدينة تكريت بين رئيس الوزراء حيدر العبادي ووزير دفاعه خالد العبيدي، بعد أن كشفت أخطاؤها عن أهميّة أن يكون الدور في المعارك لوزارة الدفاع وقادتها الكبار، لخبرتهم الطويلة التي راكموها عبر سنين من العمل العسكري في رسم الخطط الميدانية.
وكشف مصدر في وزارة الدفاع لـ "العربي الجديد"، أنّ "رئيس الوزراء اجتمع بالعبيدي، بعد انتهاء معركة تكريت، وأعطاه الضوء الأخضر لرسم خطة الهجوم على الموصل". وأضاف أن "العبادي منح العبيدي هذه المرة أفقاً واسعاً، بوضع الخطة اعتماداً على خبرات الوزارة، وتحديد الجهات التي ستشارك في العمليّة".
وتابع "أيقن العبادي بعد الأخطاء الفادحة التي وقعت في معركة تكريت، أنّ الاعتماد في المعارك ورسم خططها يجب أن يكون من قبل وزارة الدفاع وذوي الخبرة والباع الطويل في العمل العسكري، الأمر الذي دفعه إلى تصحيح خطأه في معركة تكريت، من خلال تحييد وزارة الدفاع والحدّ من مشاركتها".
اقرأ أيضاً: المليشيات تستعد للسيطرة على أراضي تكريت والعشائر تحذّر
ولفت إلى أنّه "سيتمّ التشاور بشأن الخطة مع التحالف الدولي، بتوجيه من العبادي، كي تُبنى على أساس معلومات استخبارية دقيقة، وأن يتم التنسيق مع طيران التحالف للتمهيد للهجوم بضربات استباقيّة"، مشيراً إلى أنّ "العبيدي يسعى صراحة إلى عدم إشراك الحشد الشعبي في المعركة".
من جهته، رأى الخبير العسكري عبد العظيم الشمري، وهو لواء ركن متقاعد من الجيش السابق، أنّ "العبادي بصفته قائداً عاماً للقوات المسلّحة، ارتكب أخطاءً كبيرة في معركة تكريت، من خلال اعتماده على المليشيات وعلى الحرس الثوري الإيراني في رسم خطة المعركة وتحديد ساعة الصفر".
وأوضح الشمري، خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، أنّ "المعركة تحوّلت إلى مجرّد معركة ثأرية غير قائمة على خطة ميدانيّة، خصوصاً مع تحجيم دور وزارة الدفاع فيها". وأكّد أن "النقطة الأساسيّة التي يجب أن تستفيد منها الجهات المسؤولة خلال معركة الموصل، هو عدم زج الحشد الشعبي فيها"، موضحاً أنّ "وجود الحشد في المعركة يُسبّب فوضى عارمة بمركز القيادة، ولا يترك قيادة موحّدة لدفة المعركة، من خلال تعدد قيادات فصائل مليشيا الحشد، وعدم انصياعها لقيادة وزارة الدفاع التي يجب أن تمسك دفة المعركة وتسيطر على كافة القوات المشاركة في الهجوم".
وأضاف الخبير العسكري، أنّ "خطوة المعركة كلّفت العراق الكثير من الخسائر، ماديّاً وبشريّاً، فضلاً عن تأثيرها المعنوي من خلال كشفها عن دور ضعيف للقوات المهاجمة مقابل قوة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، الذي لم تستطع القوات المهاجمة اقتحام حواجزه في تكريت".
وكان مصدر في وزارة الدفاع العراقيّة، قد كشف بداية مارس/آذار الماضي، لـ "العربي الجديد"، عن "خلاف بين العبادي والعبيدي بشأن معركة تكريت وتوقيتها، واعتراض الأخير عليها وعلى دخول المليشيات فيها، الأمر الذي دفع العبادي لتحييد دور وزارة الدفاع خلال المعركة".
يذكر أنّ معركة تكريت، التي استمرت لـ33 يوماً، قادها الحرس الثوري الإيراني بقيادة قاسم سليماني، بإسناد من مليشيا "الحشد الشعبي"، بعدد مقاتلين زاد عن 25 ألفاً، فيما لم تستطع تلك القوات حسم المعركة أو حتى مجرد اقتحام المدينة. وتوقفت العمليات بعد عشرة أيام فقط على انطلاق المعركة، فانسحب الإيرانيون، ومعهم بعض فصائل "الحشد الشعبي"، فيما طالب العراق رسمياً الولايات المتحدة بتنفيذ ضربات جوية في تكريت، الأمر الذي وافقت عليه واشنطن لتدخل المعركة وتحسمها، وتفتح الطريق أمام القوات المقاتلة لدخول تكريت.
اقرأ أيضاً: "داعش" يستغل العاصفة الرملية لنقل أسلحة ثقيلة إلى العراق