23 نوفمبر 2023
لماذا لم تنتهِ النكبة؟
ها نحن نتخبط "بحيطان" العام الـ70 للنكبة، تلك المأساة التي يثابر صناعها على ملاحقة، طرد، وقتل الفلسطينيين في فلسطين والعالم. صناع مهرة، جعلوا من النكبة القديمة، نكبات كثيرة مستحدثة..
فالصانعون المتمثلون بآلة الحرب الإسرائيلية اليوم، أبوا أن يتركوا للشعب الفلسطيني نفسا يلتقطه، بل زادوا من تشعبهم فالآلة أصبحت آلات عدة، في ظل سياسات التطبيع الكثيرة التي تنتهجها "إسرائيل"، حتى تمكنت من فتح علاقات اقتصادية وسياسية في المنطقة العربية، تلك المنطقة نفسها التي امتعضت واعترضت وجمعت الجيوش قبل 70 عاما حين قررت بريطانيا الانسحاب من فلسطين وتسليمها للعصابات اليهودية المنبثقة عن الحركة الصهيونية المؤسسة منذ عام 1800 تمهيدا لقيام دولة "إسرائيل" على أراضي فلسطين.
أيدي المنظومة الصهيونية لم تتوقف عند حدود البلاد، وذهبت لما هو أوسع من ذلك، فالزيارات الإسرائيلية المكثفة للاستحواذ على التضامن العالمي، نجحت في جذب العديد من الدول، وتغيير مواقف دول أخرى منها الهند التي أصبحت اليوم حليفا استراتيجيا ومصدرا أساسيا لواردات "إسرائيل" العسكرية بعد أن كانت منقطعة كليا في فترة حكم "نهرو وأنديرا غاندي".
أما عن المنطقة العربية التي باتت تعتبر "إسرائيل" احد أهم الحلفاء، وبعد عشرات السنوات من القطيعة والخلاف في العلن فقط، قلبت الطاولة وظهر ما كان يدار في الخفاء تحتها، وتجلت واضحة كل تلك اللقاءات التي كانت تحدث بين الوفود "الإسرائيلية" ودول الخليج العربي، تلك الدول التي عصفت باليمن لحمايته من الحوثيين، وحاصرت قطر بزعم دعمها ما يسمى "الإرهاب الفلسطيني"، باتت تشرك العدو الإسرائيلي بفعالياتها الرياضية والاقتصادية، وذهبت لأبعد من ذلك في العلاقات فشاركت بماراثون رياضي تنظمه حكومة الاحتلال الاسرائيلي في القدس المحتلة، وسمحت بالرحلات الجوية الواصلة لمطار تل أبيب، واعتبرت "إسرائيل" شريكا مهما لحفظ السلام في المنطقة، ويصل التطبيع إلى ذروته في تصريحات مسؤولين إسرائيليين قبل فترة ليست بعيدة يؤكدون فيها لوكالة "فرانس برس" زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لتل أبيب، بعد تاريخ طويل من قنوات الاتصال والعلاقات السرية في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية.
واليوم الدول العربية تعد "إسرائيل" بألا يكون للفلسطيني أي شبر من فلسطين -ولو أن الوعد ما زال مبطنا إلى حد ما-، يتفق قادة العالم لصالح تلك الغدة السرطانية التي تشعبت في الشرق الأوسط وتمددت، تمكنت وسيطرت على ملوكه وقادته، حتى بايعوها، وباعوها كل ما يملكون وما لا يملكون دون مقابل.
وبات من الجلي أيضا، أنه ما عاد لبعض الدول الخليجية أي صالح في إنهاء النكبة وإغلاق الصفحة الأخيرة بكتاب مأساة فلسطين والفلسطينيين، لأسباب عدة، المعلن منها هو التهديدات الأميركية الإسرائيلية للخليج بوقف الإمداد العسكري أو ضرب الاقتصاد -وهذا ما هو واضح للعلن- لكن، بالتأكيد أن ما خفي أعظم بكثير.
يمكننا الآن القول إن الفلسطينيين هم الحامي الوحيد لأرض فلسطين، للقدس، للأقصى، لكنيسة القيامة، لكنيسة المهد، ولكل مقدسات أديان العالم، التي تنتهك قداستها "إسرائيل" يوميا، لا يردعها، إلا حجر فلسطيني، وصدر عار، لم يعد له بندقية وطن تحميه، ولا سلاح شقيق عربي يسانده، ما عاد له سوى الأرض وحجارة الأرض.