08 نوفمبر 2024
لماذا يخاف الإسرائيليون من عهد؟
اتهم الإسرائيليون الفتاة الفلسطينية، عهد التميمي، بأنها شكَّلت خطراً على جنودهم، مع العلم أنهم يعرفون، أن فتاة الست عشرة سنة لم تهدد حياة هؤلاء الجنود المدججين بأحدث الأسلحة، ولم تكن لتؤذيهم، وهي تدفعهم خارج منزلها ركلاً ولعناً، تماماً مثلما فعلت سنة 2015، عندما كانت تمنعهم من اعتقال أخيها. لكن المحتل آثر اعتقال عهد، لأنه يخاف منها لسبب جوهري، وربما وحيد، أنها لم تخضع فلم تنسَ، وبالتالي جعلت نبوءة بن غوريون تتلاشى. وهنا تنكسر أحلام المحتلين الإسرائيليين، وتتصدع عقائدهم، فالصغار لم ينسوا، وهم لن يفعلوا، وإن مات الكبار.
إذا لخوف الإسرائيليين من عهد، ومن كثيرين مثلها، سببٌ، هو بحجم ألف سبب. طفلةٌ لم تخضع لمحتلي أرضها، ولم تذعن، تنظر في عيني الجندي بلا خوفٍ، بل لم تسعفها قامتها القصيرة من أجل إيصال سبابتها إلى محجريهما. وهذا فعل مقاومة لمحاولات الاحتلال الإسرائيلي التضييق على أبناء الشعب الفلسطيني، وجعل حياتهم لا تطاق، وعدم تركه أي خيار أمامهم للعيش، سوى بمغادرة أرضهم والرحيل خارج فلسطين كلها. وشكَّلت حالة عهد، وحالات مشابهة، ضربة لمنهجية الاحتلال الهادفة إلى ضرب أي فعل مقاوم. فعهد سليلة عائلةٍ تعرّضت لكل أنواع القمع الإسرائيلي ومحاولات الإسكات، وحتى تهديد الحياة. مرة عبر زجِّ والدها في السجن، ومرة بقتل عمها، عندما وجَّه الجنود قنبلة غاز مسيِّلة للدموع إلى رأسه، في مظاهرة سنة 2013. كما أن أمها نالت نصيبها من الوحشية الإسرائيلية عندما أصابها المحتلون بطلقة مطّاطية في رجلها، وسببت لها عجزاً. كل هذه الممارسات لم تدخل الجزع إلى قلب عهد أو تخمد جذوة المقاومة لديها أو لدى عائلتها التي كان قد أصيب ابنها، محمد التميمي، ابن عم عهد، ذو الخمس عشرة سنة، بطلقة مطاطية في الرأس ودخل في غيبوبة، بينما كان يشارك في مظاهرة على أثر اعتبار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، القدس عاصمة لإسرائيل. ومن هنا يشكل فعل عهد ضرباً للاستراتيجية الإسرائيلية في احتلال الأراضي الفلسطينية والاستيطان فيها وتهويدها، والقائمة على مسلَّمة بن غوريون، "الكبار سيموتون والصغار سينسون".
حازت عهد التميمي على إعجاب الملايين، بسبب الجرأة التي تحلت بها، ووثقها شريط فيديو
انتشر على نطاق واسع. كما أصبحت صورها، وهي تقاوم المحتلين، موضع تداولٍ فاق المتوقع فهل ستُدرج عهد ضمن قائمة الأشخاص المئة الأكثر تأثيراً لسنة 2018، والتي تنظمها مجلة تايمز، مثلاً؟ أم هل يمكن أن ترشَّح لجائزة نوبل للسلام، كونها كانت تدفع المعتدين خارج منزلها، أسوة بأخريات، حُزْنَ على دعم المنظمات النسوية والحقوقية ورجال السياسة في الغرب، وانتشرت قصصهن في العالم، مثل ملالا يوسفزاي التي أصيبت برصاصات "طالبان" في باكستان، واستقبلها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، ومنحت جائزة نوبل للسلام سنة 2014؟ على العكس، لم تنلْ عهد اهتمام المنظمات النسوية والحقوقية الغربية، الانتقائية في حالات كثيرة، ولا تلك المعنية بحقوق الطفل، ولا اهتمام رجال السياسة، إذ كانوا جميعهم غير مبالين لقصتها. بل لم يبالوا بمحاكمة طفلةٍ تحت السن القانونية في محكمة عسكرية، وإيقافها رهن التحقيق في زنزانة منفردة. ولم يبالوا بحملة الكراهية التي شنها الإعلام الإسرائيلي بحقها، ولا بما ساقه مسؤولو الاحتلال الإسرائيلي لها ولأهلها من تهديدات، تجعل من هؤلاء المسؤولين مدانين أمام محكمة العدل الدولية، بسبب التهديد الصريح بالقتل، أو الحض على القتل. منها دعوة وزيرة الثقافة الإسرائيلية إلى زج عهد وأسرتها في السجن مدى الحياة، وقول وزير الحرب إنها وعائلتها يجب أن ينالوا ما يستحقون، إضافة إلى دعوة صحافي إسرائيلي إلى جعلها تدفع الثمن في ليلة مظلمة، ومن دون شهود.
وبقي السياسيون يحرّضون على اعتقال عهد بسبب الفيديو التي ظهرت فيه وهي تصفع الجندي الإسرائيلي وتطرده، ورفاقه، خارج سياج منزلها، لأن هذا الجندي بدا "مخصّياً" كما ردّد الإعلام الإسرائيلي، و"عقيماً"، بسبب العار الذي يقول هؤلاء السياسيون إنه لحق بصورة الجندي، وبالتالي بهم. فهم لم يدينوها لأنها خرقت القانون الإسرائيلي، بل لأنها تجرأت على هذا الجندي وأنزلت صورته، وصورة قادته، إلى الحضيض.
ليست عهد بطلة، إنها طفلة وحسب، تريد أن تعيش كما يعيش بقية أطفال العالم، من دون أن يكدِّر عيشها محتلون، ومن دون أن يهدّد حياتها الجنود الإسرائيليون، صباح مساء. وإن فعلوا فهي تتحول من طفلة إلى مقاومة شرسة، تطرد هؤلاء عن بيتها من دون خوف. ولأنها لا تخاف، طردت عهدُ المحتلينَ خارج سياج منزلها، وصفعت أحد جنودهم، وتلك مأساة عهد وعار الإسرائيليين الذي على عهد أن تدفع ثمن إلحاقه بهم.
إذا لخوف الإسرائيليين من عهد، ومن كثيرين مثلها، سببٌ، هو بحجم ألف سبب. طفلةٌ لم تخضع لمحتلي أرضها، ولم تذعن، تنظر في عيني الجندي بلا خوفٍ، بل لم تسعفها قامتها القصيرة من أجل إيصال سبابتها إلى محجريهما. وهذا فعل مقاومة لمحاولات الاحتلال الإسرائيلي التضييق على أبناء الشعب الفلسطيني، وجعل حياتهم لا تطاق، وعدم تركه أي خيار أمامهم للعيش، سوى بمغادرة أرضهم والرحيل خارج فلسطين كلها. وشكَّلت حالة عهد، وحالات مشابهة، ضربة لمنهجية الاحتلال الهادفة إلى ضرب أي فعل مقاوم. فعهد سليلة عائلةٍ تعرّضت لكل أنواع القمع الإسرائيلي ومحاولات الإسكات، وحتى تهديد الحياة. مرة عبر زجِّ والدها في السجن، ومرة بقتل عمها، عندما وجَّه الجنود قنبلة غاز مسيِّلة للدموع إلى رأسه، في مظاهرة سنة 2013. كما أن أمها نالت نصيبها من الوحشية الإسرائيلية عندما أصابها المحتلون بطلقة مطّاطية في رجلها، وسببت لها عجزاً. كل هذه الممارسات لم تدخل الجزع إلى قلب عهد أو تخمد جذوة المقاومة لديها أو لدى عائلتها التي كان قد أصيب ابنها، محمد التميمي، ابن عم عهد، ذو الخمس عشرة سنة، بطلقة مطاطية في الرأس ودخل في غيبوبة، بينما كان يشارك في مظاهرة على أثر اعتبار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، القدس عاصمة لإسرائيل. ومن هنا يشكل فعل عهد ضرباً للاستراتيجية الإسرائيلية في احتلال الأراضي الفلسطينية والاستيطان فيها وتهويدها، والقائمة على مسلَّمة بن غوريون، "الكبار سيموتون والصغار سينسون".
حازت عهد التميمي على إعجاب الملايين، بسبب الجرأة التي تحلت بها، ووثقها شريط فيديو
وبقي السياسيون يحرّضون على اعتقال عهد بسبب الفيديو التي ظهرت فيه وهي تصفع الجندي الإسرائيلي وتطرده، ورفاقه، خارج سياج منزلها، لأن هذا الجندي بدا "مخصّياً" كما ردّد الإعلام الإسرائيلي، و"عقيماً"، بسبب العار الذي يقول هؤلاء السياسيون إنه لحق بصورة الجندي، وبالتالي بهم. فهم لم يدينوها لأنها خرقت القانون الإسرائيلي، بل لأنها تجرأت على هذا الجندي وأنزلت صورته، وصورة قادته، إلى الحضيض.
ليست عهد بطلة، إنها طفلة وحسب، تريد أن تعيش كما يعيش بقية أطفال العالم، من دون أن يكدِّر عيشها محتلون، ومن دون أن يهدّد حياتها الجنود الإسرائيليون، صباح مساء. وإن فعلوا فهي تتحول من طفلة إلى مقاومة شرسة، تطرد هؤلاء عن بيتها من دون خوف. ولأنها لا تخاف، طردت عهدُ المحتلينَ خارج سياج منزلها، وصفعت أحد جنودهم، وتلك مأساة عهد وعار الإسرائيليين الذي على عهد أن تدفع ثمن إلحاقه بهم.