العنف ضد النساء ليس تصرّفاً أو سلوكاً فردياً، هو ثقافة تعكس كيف يتقاطع العام مع الخاص. أو بصورة أبسط، كيف تؤثر الثقافة المجتمعية والذكورية السائدة في المجتمع على سلوك وتصرفات الأشخاص فيها، لاسيما الرجال. تعنيف الرجال لزوجاتهم بأي شكل كان، لا يزال ضمن الممارسات السائدة في مجتمعاتنا. وفي محاولة للبحث عن أبرز أسباب هذه التصرفات، يمكن رصد ما يلي:
1- الخوف من المرأة القوية: يخشى الرجال من النساء المتمكنات. فقد أشارت إحدى الدراسات التي أجريت في لبنان بعنوان "العنف الأسري: رجال يتكلمون" إلى أن الأزواج يمارسون العنف ضد زوجاتهم نتيجة شعورهم بالعجز عن السيطرة عليهن. يشعر الرجال بأن تمكين النساء ودخولهن إلى سوق العمل فيه "تعدّ" على أدوارهم، الأمر الذي من شأنه أن يستفزّ لديهم ردات فعل عنفية للحفاظ على "هيبتهم" و"امتيازاتهم". هذا الأمر تحديداً تجلّى في وسط اللاجئين السوريين إلى لبنان، حيث أن تبدّل الأدوار الجندرية ودخول النساء إلى سوق العمل زاد من حدة العنف الأسري تجاههن.
2- اختلال موازين القوى: ربطاً بالفكرة السابقة، فإن حدة أشكال التمييز ضد النساء في مقابل الامتياز الذكوري لدى الرجال مترجماً بشعور ذاتي لديهم بالاستحقاق الدائم، يجعل الرجال ينظرون إلى أنفسهم كأنهم دائماً على حق، الأمر الذي يخلق شرخاً في التوازن في موازين القوى مع النساء.
3- الثقافة الاجتماعية الناظمة: تربّى الرجال في ظل ثقافة تصفق للسلوك العنيف وتحييه، فمنذ أن يولد الأطفال الصبيان، وهم محاطون بمثيرات على شكل أفلام وألعاب تعزز ثقافة العنف، بالإضافة إلى تعزيز هذه السلوكيات من قبل البيئة الحاضنة، سواءً كانت ضمن الأسرة النووية أو ضمن المجتمع الأكبر، أي عبر الإعلام أو مؤسسات التنميط الاجتماعي الأخرى (كالمدرسة أو الدين أو غيرهما).
4- قصور العدالة والقانون عن ردع التصرفات العنيفة تجاه النساء من قبل الرجال: تشهد السنوات الثلاث الماضية على حالات من تعنيف وحتى قتل للنساء، وعن قصور العدالة والقانون عن معالجة فعالة لمثل هذه الحوادث. القانون مرآة المجتمع حتى يثبت العكس.
5- العنف أمر "طبيعي"، وانتشار ثقافة التسامح مع العنف في مجتمعاتنا: كثيراً ما تشير النساء أنفسهن إلى أنه "من الطبيعي أن يعنّف الرجل زوجته"، كما أن العنف ضد النساء كمفهوم وممارسة ليس لديه تعريف واضح بعد عند العديد من المؤسسات الدينية وحتى بعض البلدان مثل السعودية وإيران وموريتانيا وغيرها.
*ناشطة نسوية