أكدت رئيسة آلية التحقيق المشتركة بين المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيماوية، وبين الأمم المتحدة، ڤرجينا غامبا، أن الحكومة السورية و"داعش" استخدمتا أسلحة كيماوية ضد مدنيين في سورية، في حين دعت بريطانيا وفرنسا، مجلس الأمن الدولي إلى تبني عقوبات ضد النظام السوري، بعدما اتهمه تحقيق للأمم المتحدة بشن هجمات كيماوية.
واتهمت غامبا في تقريرها الجيش السوري باستخدام المروحيات العسكرية، التي أسقطت قنابل تحوي غاز الكلور بهجومين على الأقل في الأعوام 2014- 2015. وأكدت كذلك، وجود ثلاث حالات إضافية يتم التحقيق فيها حيث من المفترض أن تقدم اللجنة تقريرها الرابع حتى نهاية شهر سبتمبر/أيلول القادم.
وقالت إن اللجنة التي تترأسها خلصت إلى وجود ما يكفي من المعلومات لديها للتوصل لاستنتاجات بخصوص ثلاث حالات. في حالتين، تلمنس في 21 من أبريل/نيسان 2014، وسرمين في شهر مارس/آذار 2015، قامت القوات الجوية التابعة للقوات المسلحة السورية بالهجوم واستخدام الاسلحة الكيماوية. أما الحالة الثالثة فكانت في مارع في 21 أغسطس/آب 2015 ، خلصت اللجنة إلى وجود معلومات كافية لاستنتاج أن "داعش" هو الكيان الوحيد الذي له القدرة والإمكانية والدافع والوسيلة لاستخدام كبريت الخردل في هذا الهجوم.
وحددت غامبا ثلاث حالات، قالت إن اللجنة المعنية لديها لها معلومات شبه كافية من أجل التوصل لإستنتاج حول الجهات الجهات المتورطة. والحالات الثلاث هي: كفر زيتا 18 أبريل/نيسان 2014، قميناس 16 مارس/آذار 2015، وبنش 24 مارس/آذار 2015.
وما زالت التحقيقات في الحالات الثلاث مستمرة ومن المفترض التحاليل الخاصة بتلك الحالات من المختبرات المختصة والمعاهد الجنائية وستقدم اللجنة استنتاجاتها حولها في تقريرها الرابع.
وجاءت تصريحات غامبا خلال مؤتمر صحافي عقدته أمام مجلس الأمن في نيويورك بعد انتهاء إحاطتها أمام مجلس الأمن، الذي عقد جلسة مغلقة مساء أمس الثلاثاء في نيويورك لنقاش التقرير.
ويستعرض التقرير 9 حالات استخدمت فيها الأسلحة الكيماوية في سورية ما بين الأعوام 2014 - 2015. وقالت غامبا إنها لا ترى ضرورة لتمديد عمل اللجنة ويوجد ما فيكي من الأدلة كي يقوم مجلس الأمن بعمله ويتحرك.
وطالبت السفيرة الأميركية للأمم المتحدة ومجلس الأمن، سامنثا باور، الدول الأعضاء بالمجلس "بالتحرك بشكل سريع وقوي من أجل محاسبة المسؤولين عن تلك الجرائم".
وناشدت منظمة "هيومان رايتس واتش"، مجلس الأمن الدولي، "بفرض عقوبات فورية على النظام السوري لاستخدامه الأسلحة الكيماوية خلال هجمات له ضد مدنيين". وطالبت المنظمة مجلس الأمن بإحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية. وكانت كل من روسيا والصين قد استخدمت حق النقض (الفيتو) عام 2014 ضد قرار دولي كان من شأنه إحالة الموضوع إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وفي سياق متصل، دعت بريطانيا وفرنسا، أمس الثلاثاء، مجلس الأمن الدولي إلى تبني عقوبات ضد النظام السوري، بعدما اتهمه تحقيق للأمم المتحدة بشن هجمات كيماوية، بحسب ما أفادت وكالة "فرانس برس".
واتهم سفيرا لندن وباريس لدى الأمم المتحدة، فرنسوا دولاتر، وماثيو رايكروفت، دمشق بارتكاب "جرائم حرب"، فيما اعتبرت السفيرة الأميركية، سامانتا باور، أن على النظام السوري "دفع ثمن" تلك الهجمات.
وأظهر تحقيق للأمم المتحدة، للمرة الأولى، أن الجيش السوري شنّ هجومين كيميائيين، على الأقل، في سورية، وأن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) استخدم غاز الخردل.
واجتمع سفراء الدول الـ15 الأعضاء في المجلس، يوم أمس، لدراسة التقرير الذي أعده فريق "آلية التحقيق المشتركة"، وهو ثمرة تحقيق استمر عاماً.
أما فرنسا فعبرت عن الأمل "برد سريع وحازم من المجلس"، مما يعني فرض "عقوبات على المسؤولين عن هذه الأفعال التي تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية"، بحسب ما قال دولاتر للصحافيين.
كما قالت إنها تأمل أن يتمّ تمديد ولاية "آلية التحقيق المشتركة" لمدة عام على الأقل، علماً أنها تنتهي في أيلول/سبتمبر، وذلك من أجل استكمال تحقيقاتها بشأن استخدام دمشق غاز الكلور في شمال سورية في عامي 2014 و2015، كما جاء في التحقيق.
بدوره، قال رايكروفت إن "جميع المسؤولين يجب أن تتم محاسبتهم"، وقال "نأمل بنظام عقوبات وباستخدام آليات دولية شرعية لتحقيق العدالة".
وتعتبر جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية من ضمن اختصاصات المحكمة الجنائية الدولية، لكن محاولات الغرب للتوصل إلى إحالة الانتهاكات التي تم ارتكابها خلال الحرب في سورية إلى تلك المحكمة تعثرت حتى الآن بمعارضة روسيا والصين.
من جانبها، أكدت روسيا، حليفة الحكومة السورية، والتي تملك حق النقض (الفيتو)، أنّها غير مستعدة للقبول بالنتائج التي توصلت إليها الأمم المتحدة حول الهجمات الكيميائية بسورية، وذلك على لسان سفيرها لدى الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين.