يازجي، التي تعمل حالياً على تطوير نص مسرحي مع الـ"رويال كورت" في لندن، ضمن ورشة عمل ينظمها "المجلس البريطاني"، كانت قد نشرت أول نص مسرحي لها عام 2010 تحت عنوان "هنا في الحديقة". ومن خلال شخصيتين متناقضتين مفاهيمياً يلتقيان في حديقة، قدّمت جزءاً من واقع الحياة السياسية والاجتماعية.
تقول يازجي: "الشخصيتان فرضتا، مع بناء حكايتهما وصفاتهما ولغتهما، النوع المسرحي الذي خرج النص به. أمّا إن بدت هذه الأدوات "العبثية" غريبة عن التفاصيل الواقعية، فقد كان ذلك الهدف بعينه".
تغيّر وضع المسرح في سوريا كثيراً منذ 2011، ظهر مسرحيون شباب جدد، كتّاب ومخرجون وممثلون، وفُتحت مواضيع جديدة، وطُرقت أبواب لطالما كان الاقتراب منها محظوراً.
عن ذلك، تبيّن يازجي أن الحديث عن المسرح في سوريا لم يعد يحمل المعنى ذاته والدلالة التي كانت تعنيها الكلمة في السابق، لأن كثيراً من البديهيات اختلفت وتغيّرت. وتتساءل: "ما الذي تعنيه كلمة سوريا الآن؟ هل تقصد سوريا الداخل؟ هل يتضمن الحديث عن المسرح في سوريا "المتفرّج" في المهجر ومخيمات اللجوء والأماكن الخارجة عن سيادة النظام؟ وهنا أيضاً لا بد من إعادة تعريف كلمة "متفرّج"، إذ أن كثيراً من المتفرجين السوريين اليوم لاجئون ونازحون متعبون".
وتعتبر يازجي أنه "لا يمكن بأي شكل من الأشكال الحديث عن ازدهار المسرح في هذه الفترة. ربما يمكن الحديث عن اقتراب مضمون المسرح المقدّم من الواقع السوري، الأمر الذي كان أكثر ترميزاً وتعقيداً في السابق".
من جهة أخرى، تقول: "لا يمكن إغفال الجهود الجبارة التي يقوم بها المسرحيون، سواء من تجارب مرهقة وممتعة في دمشق - أتحدث عن المدينة التي أعرفها - أو خارج سوريا من مبادرات تسعى إلى مسرح يتعامل مع هذه المفاهيم الجديدة للظرف و"المتفرج" المنكوب الذي أضحى أكثر تورطاً في كونه، في أحيان كثيرة، سببَ وهدفَ جزءٍ كبير من هذا النتاج المسرحي الجديد".
حصلت صاحبة "هنا في الحديقة" وديوان "بسلام من البيت نخرج" على منحة من "المجلس البريطاني" لطبع ونشر ترجمتها لنص الكاتب المسرحي الإنجليزي إدوارد بوند، "أنقذ"، صدرت أخيراً عن "دار ممدوح عدوان". عن هذه التجربة تقول يازجي إن "حركات الترجمة العربية تجاوزت بوند لصعوبة لغته من جهة، ولتعامله مع قضايا الجنس والعنف بطريقة جريئة من جهة أخرى". تجد الكاتبة النص ملائماً جداً ليقدَّم للجمهور العربي الآن، وتعزو ذلك لتناول الكاتب مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية في إنجلترا، إضافة إلى معالجته للعنف والعنف المضاد.
إضافة إلى كتابة المسرح والشعر، أخرجت يازجي فيلماً وثائقياً بعنوان "مسكون"، قدمت فيه مجموعة من الشخصيات التي اضطرت إلى النزوح أو تتأهب لمغادرة منازلها تحت وقع المعارك وأصوات القصف، محاولةً ملامسة وجدان هذه الشخصيات. توضح: "كيف ولماذا وإلى أين؟ شخصيات الفيلم تهيم حول اللحظات التي عليها أن تترك البيت فيها، متمسكة به حتى آخر رمق. إنها تواجه هذا السؤال العميق في أكثر لحظاته قسوة. وكأن الفيلم سعي شخصي/عام لمعرفة كيف أجاب آخرون على هذا السؤال... إن كان ما يأتي به الفيلم إجابات".