قتل الحوثيون الصحافيين وهم أحياء. هذا ما عبّر عنه صحافي يمني، عندما قال إنّه "لم يعُد يشعر بأنّه صحافي، بل بات يسكُنُه شعور مؤخراً بأنّه مُشيّع أو حفار قبور". وفسّر الصحافي اليمني، علي الفقيه، في مقال له، بأنّ العمل الصحافي أصبح اليوم كابوساً بسبب التكريس الإعلامي الواسع لفكرة "الموت والبارود"، وطبيعة المعلومات والقضايا ذات العلاقة التي يتعاطاها الصحافيون اليمنيّون يومياً.
وتحدث الفقيه عن مشاعره كصحافي أصرَّ على مواصلة مهمته في هذه المساحة الفاصلة من التاريخ فقال: "مع كتابة كل حرف في تقريرك، تشعر أنك تهيل التراب على جزء من هذا الوطن، تودع يومك على أخبار سيئة. لتستيقظ في اليوم التالي على أخبار أسوأ. فكل يوم لا تجد ترى عينك أو تسمع أذنك سوى المسلحين والقتلى والخراب لتشعر بزحف التبلد على مشاعرك، حتى تتعايش تلقائياً مع أخبار الموت، وتفقد القدرة على التفاعل عاطفياً مع أي موقف إنساني".
تغيّرت مضامين وأشكال وهياكل الصحافة اليمنية تغيُّراً جذرياً من جميع النواحي خلال الأشهر العشرة الماضية، بعد سيطرة مليشيات الحوثيين وحلفائهم على معظم المحافظات اليمنية وتلابيب المالية العامة ومراكز صناعة تفاصيل المشهد الحكومي. كما عملت ممارسات المليشيا العنفية غير المسبوقة في اليمن، على توحيد ألوان مجالات التغطية الصحافية وألوان القضايا التي تناقشها جميع أنواع المواد الإعلامية ضمن لون واحد هو لون "البارود والموت" الأسود.
وقد طال الموت والعنف كل شيء هناك حتى وصل الى المواد التي يعمل عليها الصحافيون، بل وصل إلى مناخ العمل حيث باتت حياتهم ومستقبلهم المهني على محك الموت والبارود. وساهمت اتجاهات الجماعة الإقصائية والقمعية في إخلاء الساحة الصحافية من سكانها الإعلاميين نحو الخارج، ليكونوا بعيدين عن ميدان الحدث وتفاصيله، أو إلى القرى حيث لا كهرباء ولا إنترنت ولا صحف من أجل تغييب المجتمع عن ممارساتهم في الإبادة.
يؤكد يسري الأثوري، مالك محرك الأخبار الإلكتروني الأبرز في اليمن، "صحافة نت"، لـ "العربي الجديد" أنّ "ثقافة المجتمع اليمني متسامحة، ولذلك فإن كثرة واستمرار الفظائع، التي ترتكبها المليشيات في جميع المحافظات التي تسيطر عليها أمر جديد على المجتمع، ممّا يعكس أنّ أعلى الأخبار والمقالات قراءةً في المحرك هي تلك المتعلقة بفظائعهم أو المبشرة باجتثاثهم".
ويضيف الأثوري أنّ "الأخبار والمقالات في الصحافة اليمنية تكاد تخلو من ذكر أية فعالية حياتية أخرى بعيداً عن أنشطة الحرب وتحليلاتها، وإن حدث الاستثناء فإنه غالباً ما تكون له علاقة بالحرب".
منذ يناير/كانون الثاني الماضي، اندثرت كافة المجلات اليمنية وتوقفت عن النشر تماماً وتغطي جميعها الشؤون الاقتصادية والاجتماعية المختلفة الأخرى، كالرياضة والفن والأدب. من ناحيتها، تؤكد الصحافية السياسية، رفيقة القهالي، هذه الزاوية، وتقول إنّ "جميع المنظمات الدولية الداعمة لتنمية اليمن أغلقت مكاتبها ودعمها ورحلت، لتموت في إثرها الفعاليات التنموية والثقافية والرياضية، التي تطور الحياة، بمجرد ولادة السلاح والحرب في مدن اليمن والعاصمة بشكل خاص". حتى الصورة لم تعد لها جاذبيّتها ولم تعد صفحات التواصل الاجتماعي تنشر سوى صور الجثث والدمار و"كَثْلُ" السلاح بحسب ما يقول مصور قناة "الجزيرة"، سمير النمري، لـ "العربي الجديد".
وتحدث الفقيه عن مشاعره كصحافي أصرَّ على مواصلة مهمته في هذه المساحة الفاصلة من التاريخ فقال: "مع كتابة كل حرف في تقريرك، تشعر أنك تهيل التراب على جزء من هذا الوطن، تودع يومك على أخبار سيئة. لتستيقظ في اليوم التالي على أخبار أسوأ. فكل يوم لا تجد ترى عينك أو تسمع أذنك سوى المسلحين والقتلى والخراب لتشعر بزحف التبلد على مشاعرك، حتى تتعايش تلقائياً مع أخبار الموت، وتفقد القدرة على التفاعل عاطفياً مع أي موقف إنساني".
تغيّرت مضامين وأشكال وهياكل الصحافة اليمنية تغيُّراً جذرياً من جميع النواحي خلال الأشهر العشرة الماضية، بعد سيطرة مليشيات الحوثيين وحلفائهم على معظم المحافظات اليمنية وتلابيب المالية العامة ومراكز صناعة تفاصيل المشهد الحكومي. كما عملت ممارسات المليشيا العنفية غير المسبوقة في اليمن، على توحيد ألوان مجالات التغطية الصحافية وألوان القضايا التي تناقشها جميع أنواع المواد الإعلامية ضمن لون واحد هو لون "البارود والموت" الأسود.
وقد طال الموت والعنف كل شيء هناك حتى وصل الى المواد التي يعمل عليها الصحافيون، بل وصل إلى مناخ العمل حيث باتت حياتهم ومستقبلهم المهني على محك الموت والبارود. وساهمت اتجاهات الجماعة الإقصائية والقمعية في إخلاء الساحة الصحافية من سكانها الإعلاميين نحو الخارج، ليكونوا بعيدين عن ميدان الحدث وتفاصيله، أو إلى القرى حيث لا كهرباء ولا إنترنت ولا صحف من أجل تغييب المجتمع عن ممارساتهم في الإبادة.
يؤكد يسري الأثوري، مالك محرك الأخبار الإلكتروني الأبرز في اليمن، "صحافة نت"، لـ "العربي الجديد" أنّ "ثقافة المجتمع اليمني متسامحة، ولذلك فإن كثرة واستمرار الفظائع، التي ترتكبها المليشيات في جميع المحافظات التي تسيطر عليها أمر جديد على المجتمع، ممّا يعكس أنّ أعلى الأخبار والمقالات قراءةً في المحرك هي تلك المتعلقة بفظائعهم أو المبشرة باجتثاثهم".
ويضيف الأثوري أنّ "الأخبار والمقالات في الصحافة اليمنية تكاد تخلو من ذكر أية فعالية حياتية أخرى بعيداً عن أنشطة الحرب وتحليلاتها، وإن حدث الاستثناء فإنه غالباً ما تكون له علاقة بالحرب".
منذ يناير/كانون الثاني الماضي، اندثرت كافة المجلات اليمنية وتوقفت عن النشر تماماً وتغطي جميعها الشؤون الاقتصادية والاجتماعية المختلفة الأخرى، كالرياضة والفن والأدب. من ناحيتها، تؤكد الصحافية السياسية، رفيقة القهالي، هذه الزاوية، وتقول إنّ "جميع المنظمات الدولية الداعمة لتنمية اليمن أغلقت مكاتبها ودعمها ورحلت، لتموت في إثرها الفعاليات التنموية والثقافية والرياضية، التي تطور الحياة، بمجرد ولادة السلاح والحرب في مدن اليمن والعاصمة بشكل خاص". حتى الصورة لم تعد لها جاذبيّتها ولم تعد صفحات التواصل الاجتماعي تنشر سوى صور الجثث والدمار و"كَثْلُ" السلاح بحسب ما يقول مصور قناة "الجزيرة"، سمير النمري، لـ "العربي الجديد".