ليبرمان: لا ينبغي الاستخفاف بالتفاهمات مع روسيا بشأن سورية

31 اغسطس 2018
نفى ليبرمان وجود اتفاق رسمي بين إسرائيل وروسيا (Getty)
+ الخط -
بالرغم من إعلانه أمس الخميس، أن إسرائيل لن تكون ملزمة بأي تفاهمات أو اتفاقيات بشأن مستقبل سورية، وأنها ستعمل وفق مصالحها الأمنية، إلا أن وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان شدد في مقابلة موسعة نشرتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم الجمعة، على أنه لا ينبغي بأي حال الاستخفاف بالتفاهمات الروسية - الإسرائيلية بشأن سورية.

وأكد ليبرمان أنه "لا يمرّ يوم لا تعمل فيه إسرائيل، ولا تتحرك ضد النشاط الإيراني"، مضيفاً في الوقت ذاته أن "إيران خففت أخيراً من وتيرة نشاطها في سورية".

واعتبر وزير الأمن الإسرائيلي، في المقابلة، إيران "العدو الأول لإسرائيل"، قائلاً: "إنها لا تنشط حاليا في سورية في مجال إقامة مصانع لإنتاج الصواريخ المتطورة الدقيقة، كما أنهم(الإيرانيون) لم يبنوا ميناء في سورية ولا يملكون مطاراً، لكنهم مع ذلك لم يتنازلوا عن هذه الفكرة. وهم يواصلون مفاوضات مع نظام الأسد لإقامة قواعد في سورية"، معتبراً أن هذا الأمر "هو أولاً، وقبل كل شيء، نتاج النشاط الإسرائيلي اليومي في سورية".

مع ذلك، قال ليبرمان إنه "ينبغي علينا أن نتذكر أن فيلق القدس يركز نشاطه الآن في الحلبة العراقية في محاولة للمحافظة على مكانته بعد نتائج الانتخابات الأخيرة، كما يركز نشاطه على دعم الحوثيين في اليمن".

وأقر الوزير الإسرائيلي، رداً على سؤال وجّهته إليه الصحيفة، بوجود موافقة إسرائيلية لانتشار جيش النظام السوري في الجزء غير المحتل من الجولان، لكنه أضاف أن سلطات الاحتلال "تعرف أنه في صفوف القوات السورية والقوات التي ترتدي الزي الرسمي للجيش السوري، يوجد عناصر من المليشيات الإيرانية ومن حزب الله". مع ذلك، قال ليبرمان إنه "لن نسمح مثلاً بإقامة قواعد للاستخبارات الإيرانية تحت ستار سوري. وقد حدث أكثر من مرة أننا عندما واجهنا حالات كهذه، طرحنا الأمر أمام الروس، وقد حلّوا بعض هذه الإشكاليات بأنفسهم، وبعضها الآخر قمنا نحن بحلّه، وعندما طلبنا منهم طرد عناصر "حزب الله" أو الإيرانيين من هذا الموقع أو ذاك، قاموا بذلك".

ونفى ليبرمان أن يكون هناك اتفاق رسمي بين إسرائيل وروسيا، قائلاً إن هناك "تفاهمات لا ينبغي الاستخفاف بها"، معتبراً أنه "عندما يلتقي الرئيس الأميركي نظيره الروسي، وتكون إسرائيل إحدى القضايا المركزية على طاولة محادثاتهما، فهذا ليس أمراً مفهوماً ضمناً، هل هناك من يتوقع أن يتحرك الروس وفق المصالح الإسرائيلية فقط؟ الجواب هو كلا، والأمر ينطبق أيضاً على الأميركيين".

وتطرق وزير الأمن الإسرائيلي في المقابلة إلى النشاط الإيراني في مجال الذرة، بعد الاتفاق النووي، قائلاً إن "الصورة حول النشاط الإيراني في هذا المجال بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق ليست واضحة كلياً، فالإيرانيون حذرون للغاية، وهم يستثمرون جهوداً في ما هو مسموح لهم بحسب الاتفاق".

وأفرد ليبرمان جزءاً من المقابلة لموضوع السياسة الإسرائيلية تجاه قطاع غزة، معلناً أنه لا يزال يعتبر إسقاط سلطة "حماس" هدفاً إسرائيلياً، وأن "ما يهمنا في هذا السياق في نهاية المطاف هو تحقيق الهدوء الأمني".

وفي هذا الإطار، قال ليبرمان إنه، ومع تعيينه وزيراً للأمن في حكومة بنيامين نتنياهو الحالية في الأول من يونيو/حزيران 2016، أعد خطة رسمية قام بطرحها على الكابينت السياسي والأمني لإسقاط سلطة "حماس"، لكن الكابينت السياسي والأمني في الحكومة رفضها. وأضاف: "لكنني أواصل الدفع باتجاه اعتمادها".

ورفض ليبرمان الربط بين التهدئة وتحسين الأوضاع الإنسانية في غزة، مكرراً موقفه الذي أعلنه الأسبوع الماضي، بأنه لا يؤمن بالتوصل إلى تهدئة مع "حماس"، وأنه لم يكن جزءاً من الاتصالات الجارية في هذا الخصوص، بل هو يؤيد شنّ مزيد من الضربات، لافتاً إلى أنه منذ توليه المنصب، زادت الضربات الإسرائيلية التي استهدفت قطاع غزة، وأدت إلى استشهاد 200 عنصر من حركة "حماس" وإصابة خمسة آلاف ناشط آخرين.

وكرر ليبرمان مواقفه وخطته المعلنة أخيراً بأنه ينبغي ترك موضوع إسقاط حكومة وسلطة "حماس" لسكان القطاع أنفسهم، وتوسيع الشرخ بينهم وبين هذه السلطة، من خلال التواصل معهم من وراء الحركة ومن فوق رؤسائها، لأن البديل الآخر هو إسقاط سلطة "حماس" عبر عملية يشنها الجيش الإسرائيلي، ما يوجب دفع ثمن باهظ، بما في ذلك العودة إلى حكم قطاع غزة.




وحول تبعات وثمن تدفعه إسرائيل مقابل صفقة تبادل أسرى، أقرّ ليبرمان بأن إبرام صفقة كهذه سيجبي من إسرائيل ثمناً، "لكن السؤال: أي ثمن ندفعه؟". واستذكر أنه كان عارض "صفقة شاليط" (صفقة "وفاء الأحرار" عام 2011) وصوّت ضدها في الحكومة، وأنه "لن تكون هناك صفقة شاليط جديدة".

كما كرر ليبرمان مواقفه المعلنة من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، متهماً إياه بأنه يمارس ضد دولة الاحتلال إرهاباً سياسياً، وأنه سبب في تدهور الأوضاع الأمنية. وقال ليبرمان: "نحن لا نتدخل في "تنصيب الملوك""، في إشارة إلى حرب خلافة عباس، مضيفاً: "هذا ليس دورنا، مصلحتنا في الضفة الغربية هي المصلحة الأمنية وتحسين الأوضاع الاقتصادية يخدم هذه المصلحة. ومن الواضح للجميع أنه لن يكون للكيان الذي سيقوم في الضفة الغربية جيش. الجيش الإسرائيلي سيكون المسؤول عن الأمن، فحتى كوستاريكا كدولة لا تملك جيشاً بقرار طوعي منها".

ووجهت الصحيفة إلى ليبرمان سؤالاً بالصيغة التالية: "من المعروف أن زعماء إسرائيليين- بمن فيهم أنت - يلتقون رؤساء دول عربية في المنطقة، وأنت نفسك تستضيفهم في تل أبيب في مطاعم فاخرة، ألا تتحدثون عن حلّ القضية الفلسطينية؟".

ورداً على ذلك، لم ينف ليبرمان أمر اللقاءات، بل قال: "إنني أنظر إلى ما كان موقفنا في العالم العربي عندما عملت للمرة الأولى عام 1996 مديراً لديوان رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو، وكان ليبرمان لا يزال عضواً في الليكود) وأين نقف اليوم. لقد اجتزنا ثلاثة أرباع الطريق. نحن نتحدث معهم عن التهديدات الحقيقية: إيران، القاعدة، حركات الإرهاب السنية، وهم يدركون ماذا يمكن أن يحصلوا عليه من إسرائيل: استخبارات ومعلومات وتكنولوجيا متطورة وتعاون استراتيجي، لا أذكر أن هؤلاء الزعماء العرب (لا يسميهم) طرحوا بمبادرتهم القضية الفلسطينية، لا كبند أول ولا ثانٍ ولا حتى بند ثالث في هذه اللقاءات".