أعلنت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، عبر موقعها الالكتروني، تنظيم جولة جديدة من الحوار والتفاوض، في التاسع من الشهر الحالي، بين أطراف الأزمة الليبية، السياسية والعسكرية، في مناطق شرق ليبيا وغربها، منذ إطلاق عملية الكرامة، بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر في بنغازي، في السادس عشر من شهر مايو/ أيار الماضي. ولم توضح البعثة الأمميّة شروط أو سقف المفاوضات الجديدة، مؤكدة أنّها ستعلن كل هذه التفاصيل خلال الأيام القليلة المقبلة،
وتأتي هذه الجولة، بعد فشل الجولة الأولى في مدينة غدامس، على الحدود الجزائرية ـ الليبية، في التاسع والعشرين من شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، بين نواب ممانعين وآخرين مؤيدين لمجلس النواب الليبي المنحل في طبرق، شرقي ليبيا، بسبب حكم المحكمة العليا الليبية الذي قضى بعدم دستوريّة انعقاد البرلمان.
وجاء إعلان بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، بعد إعلان رئيس حكومة الأزمة، عبد الله الثني، موافقته على عقد حوار مع معارضيه في العاصمة طرابلس، برعاية سودانيّة، وفق أسس لم يُعلن عنها رسمياً.
ويرى الكاتب الليبي إسماعيل القريتلي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ ممثل المبعوث الخاص للأمم المتحدة، برناردينو ليون، يدعو إلى جولة ثانية من الحوار، تحت اسم "غدامس 2"، وربما تكون الخرطوم حاضنتها، من دون أي التفات للمتغيّر المهم المتمثّل بحكم المحكمة العليا.
ويشير القريتلي إلى أنّ "أيّ مبادرة للحوار في ليبيا، يجب أن يسبقها اعتراف الأمم المتحدة وكلّ الدول التي خصّت ليبيا بمبعوثين، بحكم المحكمة العليا، القاضي بحلّ مجلس طبرق، والإعلان عن ضمان استمرار وجود الثوار كجزء من حلّ الأزمة، وبناء إطار سياسي مؤسّس على قيم الإعلان الدستوري". ويلفت إلى أهميّة "الإدانة الأمميّة من المبعوث الأممي ومنظمته لإرهاب اللواء المتقاعد خليفة حفتر، من دون تلكؤ، وصدور إعلان أممي من مجلس الأمن يحذّر دول تُسمى باسمها، من مغبّة التدخّل بكل أشكاله في شؤون ليبيا، بما فيه الإعلامي والعسكري والأمني والسياسي".
في المقابل، يحذّر مراقبون من "البدء في أيّ مفاوضات، برعاية أمميّة أو دوليّة، قبل وقف إطلاق النار وفتح ممرات آمنة، للتخفيف من حدّة المعاناة الإنسانيّة في كل من ككلة، في غربي ليبيا، وبنغازي، شرقها، والسماح للنازحين بالعودة إلى ديارهم". ويعتبرون أنّ "استمرار العمليّات العسكريّة والقصف الجوي على مواقع مدنية، يشكّل حجر عثرة في طريق الحوار، كالقصف الذي طال قبل يومين مخازن سلع تموينية في مدينة زوارة، غربي طرابلس، وهو الأمر الذي فهمه معارضو "عملية الكرامة" على أنّه محاولة حصار وتجويع مدن ومناطق غربي ليبيا، وخطوة نحو مزيد من التصعيد.
من جهة أخرى، يتوقّع خبراء ليبيون أن "أيّ جولات للحوار بين المؤتمر الوطني العام، الذراع السياسي لعملية فجر ليبيا، وبين مجلس النواب الليبي المنحل أو حكومة الأزمة، الذراع السياسي لعملية الكرامة العسكرية، لن تفضي إلى أية نتائج في الوقت الحالي، ما لم يتفق الداعمون الإقليميون والدوليون على حلّ خلافاتهم حول ليبيا".
ويرى معارضو مجلس طبرق وعملية الكرامة، أنّ اكتفاء دول كبرى كالولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا بالإعلان عن دعم ليون في محاولاته لجمع الأطراف الليبية حول حوار يفضي إلى عقد اتفاقات سياسيّة تنهي حالة الانقسام السياسي والحرب الدائرة، من دون مناقشة الأسباب الحقيقية لاندلاع هذه الأزمات، وإدانة انتهاكات حفتر للقرارات الدوليّة المتعلّقة بحظر الطيران فوق ليبيا، أو الجرائم التي ارتكبتها قواته، سواء في بنغازي أو ككلة، تنبئ كلّها بازدواجية المعايير الدولية، ومن شأنها أن تفكّك المشهد الليبي وتدفع به في طريق حرب لا نهاية لها.