يتذكر المواطنون الأتراك اليوم الأحداث التي عاشوها ليلة محاولة الانقلاب قبل عام لتتوزع المشاعر بين الفخر بإسقاط الانقلاب، والحزن على الضحايا، وكذلك الخوف من محاولة انقلاب جديدة
يستعيد الأتراك اليوم ما عاشوه ليلة الانقلاب الفاشل الشهيرة في الخامس عشر من يوليو/ تموز 2016 بمشاعر مختلطة. يقول عثمان (48 عاماً) الذي يملك مطعماً في منطقة أيوب بمدينة إسطنبول: "علمت عن محاولة الانقلاب مساء من خلال التلفزيون، فخرجت مباشرة إلى الشارع مع أولادي، وبقينا هناك حتى الصباح مع باقي الأصدقاء. لم نخف لأنّنا كنا على حق ونعلم تماماً أنّ هؤلاء وإن امتلكوا السلاح فهم جبناء". وعن احتمال حصول محاولة انقلابية أخرى، يبدي عثمان ثقته باستحالة ذلك: "الدرس الذي تلقاه الانقلابيون كان قاسياً وليس كما في الانقلابات السابقة التي دفعنا فيها نحن الثمن. سيفكر أيّ انقلابي ألف مرة قبل أن يقدم على هكذا خطوة في المستقبل، وسيتلقون في المرة المقبلة عقاباً لم يعرفوه".
يقول أحمد (67 عاماً) وهو موظف متقاعد يقيم في القسم الآسيوي من المدينة: "لا أحد مثل أبناء جيلي الذين عايشوا الانقلاب الدموي عام 1980 يعي ظلم وكارثية الانقلابات العسكرية. ما إن خرج الرئيس وطلب من الشعب النزول إلى الشارع، حتى توجهنا إلى مقر حزب العدالة والتنمية في حيّنا وتجمعنا حوله. لم يبق لي الكثير لأعيشه وكنت أتمنى أن أستشهد فأموت بشرف، ولو كنت قادراً على السير لذهبت مع ولديّ إلى جسر بوغازجي لمواجهة الانقلابيين هناك". يشدد أحمد: "لو حصلت أيّ محاولة انقلابية أخرى سنكون في الشارع مجدداً ولن نسمح لأيّ خائن بالسيطرة على البلاد. يقول الانقلابيون إنّهم وطنيون أتراك، أنا أشك حتى في كونهم بشراً".
عائشة، شابة شاركت في المواجهة الأكبر التي باتت إحدى أيقونات المقاومة الشعبية للانقلاب، ووقعت بين المواطنين والانقلابيين في جسر بوغازجي الذي تم تعديل اسمه إلى جسر شهداء الخامس عشر من تموز، والذي يربط شطري إسطنبول الآسيوي والأوروبي. تروي شهادتها عن تلك الليلة: "بعد طلب الرئيس من المواطنين النزول إلى الشارع، حاولت عائلتي منعي، لكنّي أصررت وذهبت إلى الجسر رفقة أخي وعدد من أبناء عمومتي، تقدمنا في البداية باتجاه العسكريين الذين كانوا يغلقون الجسر، وحاولنا الحديث مع أحد الضباط الخونة، وقلت له ماذا تفعلون هنا ولماذا تغلقون الجسر بالدبابات وتمنعون الناس من عبوره، ما هو عملكم في المدينة، ليرد الضابط باستهزاء: ألهذا الحد تحبين الجسر؟ فقلت له إنّ هذا الجسر لنا، ليردّ: هذا الجسر بات لنا، اذهبوا من هنا وإلا سنطلق النار. لم ينفع الحوار مع العسكر واضطررنا إلى التراجع بعد إطلاقهم النار في الهواء، لكننا لم نعد إلى منازلنا وبقينا أمام الجسر من الناحية الآسيوية، وعملت ما في جهدي لإسعاف الجرحى بعد إطلاق النار على المتظاهرين. ولأنّ الجسر كان مغلقاً فقط باتجاه الجانب الأوروبي، كنا نوقف أي سيارة آتية من الجانب الأوروبي، ونحمل إليها الجرحى لإسعافهم، وعندما توجهت لإسعاف إحدى الفتيات المصابات، أطلقوا النار عليّ وأصبت في ساقي اليسرى ونقلت إلى المستشفى". تضيف عائشة: "ربما لم أفعل شيئاً في حياتي كلّها أفتخر به بقدر ما فعلته تلك الليلة. ولو عاد العسكر مرة أخرى للانقلاب لفعلت الشيء نفسه وربما أكثر".
اقــرأ أيضاً
يؤكد محمد (45 عاماً) وهو محاسب، أنّ الأمر لم يكن متوقعاً على الإطلاق: "لم أصدق إمكانية حصول انقلاب، فلا شيء مهّد له، وبعد توالي الأخبار الغامضة ارتبكت بشدة، ولم أعرف ماذا أفعل أو مع من أتحدث، حتى خرج الرئيس وطلب من الأمة أن تنزل إلى الشارع، فنزلت هائماً على وجهي، حتى وجدت مجموعات من الناس عرفت بأنهم من معارضي الانقلاب، وانضممت إليهم. كانت المرة الأولى التي أفكر فيها بالشهادة أو الموت، فبعد سماعي التكبيرات من المآذن، اتصلت بوالدتي وطلبت منها أن ترضى عني". يضيف أمير: "لن أتردد في العودة إلى الشارع مرة أخرى لو حصلت أي محاولة انقلاب، ولن أكون وحدي، انتهت حكاية صمت الأمة عن الانقلابات. لست من أنصار أحد ولديّ مآخذي على تصرفات الحكومة بعد الانقلاب، لكن من يقرأ تاريخ تركيا، سيعرف أنّنا تمكنا من تجاوز الانقلاب بأقلّ الخسائر على مختلف المستويات".
في المقابل، يبدي مَرت (40 عاماً) وهو تاجر، توجسه من مرحلة ما بعد محاولة الانقلاب: "لن أكذب، فلم أكن البطل الذي نزل إلى الشوارع في الليلة الأولى للانقلاب، بل مكثت في المنزل أتابع عبر التلفزيون، لم أفهم تماماً ماذا يحدث. مواجهة العسكر ليست سهلة على عزّل في بلاد لطالما نجحت فيها الانقلابات بسهولة كبيرة. لم أشأ الموت فليس لدي من سيعتني بأطفالي وزوجتي". يضيف: "تجنبنا انقلاباً، وهذا أمر جيد للغاية، لكنّي خائف على مستقبل البلاد فتصرفات الحكومة واستمرار حالة الطوارئ وتعديل الدستور بدت وكأنّها انقلاب مدني مضاد".
يشبّه اللاجئ السوري عمران المقيم في إسطنبول ليلة الانقلاب بالكابوس الكبير: "انتابتني مشاعر قوية بالخوف والقلق، كنا على يقين أنّ اللاجئين السوريين في تركيا سيكونون الضحية الأولى في حال نجح الانقلاب. لم أنم تلك الليلة ولم تنم زوجتي التي لم تتوقف عن البكاء، بينما كنّا ندعو الله لهزيمة الانقلابيين".
اقــرأ أيضاً
يستعيد الأتراك اليوم ما عاشوه ليلة الانقلاب الفاشل الشهيرة في الخامس عشر من يوليو/ تموز 2016 بمشاعر مختلطة. يقول عثمان (48 عاماً) الذي يملك مطعماً في منطقة أيوب بمدينة إسطنبول: "علمت عن محاولة الانقلاب مساء من خلال التلفزيون، فخرجت مباشرة إلى الشارع مع أولادي، وبقينا هناك حتى الصباح مع باقي الأصدقاء. لم نخف لأنّنا كنا على حق ونعلم تماماً أنّ هؤلاء وإن امتلكوا السلاح فهم جبناء". وعن احتمال حصول محاولة انقلابية أخرى، يبدي عثمان ثقته باستحالة ذلك: "الدرس الذي تلقاه الانقلابيون كان قاسياً وليس كما في الانقلابات السابقة التي دفعنا فيها نحن الثمن. سيفكر أيّ انقلابي ألف مرة قبل أن يقدم على هكذا خطوة في المستقبل، وسيتلقون في المرة المقبلة عقاباً لم يعرفوه".
يقول أحمد (67 عاماً) وهو موظف متقاعد يقيم في القسم الآسيوي من المدينة: "لا أحد مثل أبناء جيلي الذين عايشوا الانقلاب الدموي عام 1980 يعي ظلم وكارثية الانقلابات العسكرية. ما إن خرج الرئيس وطلب من الشعب النزول إلى الشارع، حتى توجهنا إلى مقر حزب العدالة والتنمية في حيّنا وتجمعنا حوله. لم يبق لي الكثير لأعيشه وكنت أتمنى أن أستشهد فأموت بشرف، ولو كنت قادراً على السير لذهبت مع ولديّ إلى جسر بوغازجي لمواجهة الانقلابيين هناك". يشدد أحمد: "لو حصلت أيّ محاولة انقلابية أخرى سنكون في الشارع مجدداً ولن نسمح لأيّ خائن بالسيطرة على البلاد. يقول الانقلابيون إنّهم وطنيون أتراك، أنا أشك حتى في كونهم بشراً".
عائشة، شابة شاركت في المواجهة الأكبر التي باتت إحدى أيقونات المقاومة الشعبية للانقلاب، ووقعت بين المواطنين والانقلابيين في جسر بوغازجي الذي تم تعديل اسمه إلى جسر شهداء الخامس عشر من تموز، والذي يربط شطري إسطنبول الآسيوي والأوروبي. تروي شهادتها عن تلك الليلة: "بعد طلب الرئيس من المواطنين النزول إلى الشارع، حاولت عائلتي منعي، لكنّي أصررت وذهبت إلى الجسر رفقة أخي وعدد من أبناء عمومتي، تقدمنا في البداية باتجاه العسكريين الذين كانوا يغلقون الجسر، وحاولنا الحديث مع أحد الضباط الخونة، وقلت له ماذا تفعلون هنا ولماذا تغلقون الجسر بالدبابات وتمنعون الناس من عبوره، ما هو عملكم في المدينة، ليرد الضابط باستهزاء: ألهذا الحد تحبين الجسر؟ فقلت له إنّ هذا الجسر لنا، ليردّ: هذا الجسر بات لنا، اذهبوا من هنا وإلا سنطلق النار. لم ينفع الحوار مع العسكر واضطررنا إلى التراجع بعد إطلاقهم النار في الهواء، لكننا لم نعد إلى منازلنا وبقينا أمام الجسر من الناحية الآسيوية، وعملت ما في جهدي لإسعاف الجرحى بعد إطلاق النار على المتظاهرين. ولأنّ الجسر كان مغلقاً فقط باتجاه الجانب الأوروبي، كنا نوقف أي سيارة آتية من الجانب الأوروبي، ونحمل إليها الجرحى لإسعافهم، وعندما توجهت لإسعاف إحدى الفتيات المصابات، أطلقوا النار عليّ وأصبت في ساقي اليسرى ونقلت إلى المستشفى". تضيف عائشة: "ربما لم أفعل شيئاً في حياتي كلّها أفتخر به بقدر ما فعلته تلك الليلة. ولو عاد العسكر مرة أخرى للانقلاب لفعلت الشيء نفسه وربما أكثر".
في المقابل، يبدي مَرت (40 عاماً) وهو تاجر، توجسه من مرحلة ما بعد محاولة الانقلاب: "لن أكذب، فلم أكن البطل الذي نزل إلى الشوارع في الليلة الأولى للانقلاب، بل مكثت في المنزل أتابع عبر التلفزيون، لم أفهم تماماً ماذا يحدث. مواجهة العسكر ليست سهلة على عزّل في بلاد لطالما نجحت فيها الانقلابات بسهولة كبيرة. لم أشأ الموت فليس لدي من سيعتني بأطفالي وزوجتي". يضيف: "تجنبنا انقلاباً، وهذا أمر جيد للغاية، لكنّي خائف على مستقبل البلاد فتصرفات الحكومة واستمرار حالة الطوارئ وتعديل الدستور بدت وكأنّها انقلاب مدني مضاد".
يشبّه اللاجئ السوري عمران المقيم في إسطنبول ليلة الانقلاب بالكابوس الكبير: "انتابتني مشاعر قوية بالخوف والقلق، كنا على يقين أنّ اللاجئين السوريين في تركيا سيكونون الضحية الأولى في حال نجح الانقلاب. لم أنم تلك الليلة ولم تنم زوجتي التي لم تتوقف عن البكاء، بينما كنّا ندعو الله لهزيمة الانقلابيين".