لين دويك: ناشطة فلسطينية واجهت تشلسي كلينتون

23 مارس 2019
تلقّت دويك تهديدات بالاعتداء عليها (العربي الجديد)
+ الخط -



لم تتوقع الطالبة الفلسطينية في جامعة نيويورك الأميركية، الناشطة في حملات مقاطعة إسرائيل، لين دويك، أن تتناولها وسائل التواصل الاجتماعي وأن يحتدم الجدال في الولايات المتحدة بعد قيامها بانتقاد ومواجهة تشلسي كلينتون، ابنة الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون وزوجته هيلاري، خلال حضور تشلسي وقفة احتجاجية وتأبين نظمه المركز الإسلامي في جامعة نيويورك لضحايا المذبحة الإرهابية العنصرية في نيوزيلندا، التي سقط ضحيتها 50 شخصاً وعشرات الجرحى.

وروت دويك، في حديث لـ"العربي الجديد" في نيويورك، تفاصيل المواجهة وتداعياتها، مشيرة إلى أنها "تلقّت تهديدات بالعنف والاعتداء الجنسي ضدها ورسائل عنصرية بأعداد كبيرة، بعد نشر الفيديو، الذي يظهر مواجهتها لتشلسي كلينتون وانتقادها لها". لكنها أكدت في الوقت عينه أنها "تلقّت دعماً وتضامناً كبيرين". وأضافت أنها "شعرت بغبن شديد عندما رأت تشلسي كلينتون بين الحضور، بسبب اتهامها للنائبة عن ولاية مينيسوتا، إلهان عمر، بمعاداة السامية في تغريدة على تويتر".


وسردت دويك تفاصيل المواجهة بالقول إنها "توجهت في البداية لكلينتون لتقول لها إنه غير مرحّب بها وأن قدومها لادّعاء التضامن مع المسلمين غير مجدٍ لأنها جزء من النخبة السياسية، في الحزب الديمقراطي، التي تحرّض ضد من يمثلون المسلمين، تحديداً الذين ينتقدون سياسات إسرائيل واحتلال فلسطين ونفوذ اللوبي الصهيوني ولوبيات أخرى كلوبي السلاح، بين السياسيين الأميركيين، بمن فيهم الديمقراطيون".

وكشفت الناشطة الفلسطينية أن "الشريط لا يظهر المحادثة بأكملها لأنه تمّ تصويره من قبل أحد الحضور بشكل عفوي"، شارحة "لتشلسي كلينتون أن وجودها غير مرحب به لأنها لم تعتذر من النائبة عمر على التحريض الذي شاركت به ضدها". ثم أظهر الشريط كلينتون ترد قائلة "آسفة لأن دويك تشعر بما تشعر به وأدرك أن الكلمات مهمة ولها تأثير"، وردت دويك: "الكلمات مهمة ولها تأثير ونحن هنا نتيجة لمذبحة حرّض عليها أشخاص مثلك بسبب الكلمات التي يوجهونها للعالم. وأريدك أن تعرفي ذلك وأريدك أن تشعري بذلك في أعماقك. مات 50 شخصاً نتيجة للخطاب الذي استخدمته".

ولفهم غضب دويك وخطورة ما قامت به تشلسي كلينتون ضد النائبة عمر في الأسابيع الماضية لا بد من النظر إلى السياق الأوسع الذي حدثت به الأمور والجدل المحتدم بين القاعدة التقدمية في الولايات المتحدة للحزب الديمقراطي وكذلك اليساريين من خارج الحزب من جهة، وبين قيادات الحزب الديمقراطي الليبرالية التقليدية من جهة أخرى، كنانسي بيلوسي وجاك شومر وجماعة كلينتون. والسياق الآخر هو سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصعود اليمين القومي المتطرف في الولايات المتحدة، وتأثيره على الاستقطاب الدولي والمحلي واستمرار سياساته وتصريحاته العنصرية المعادية للأقليات بمن فيهم المسلمون والعرب.

وكان الجدل قد احتدم عندما تحدّثت عمر قبل أسابيع في تغريدة لها عن الدعم الأميركي لإسرائيل، وربطه بالأموال التي تجنّدها لجنة الشؤون العامة الأميركية - الإسرائيلية (أيباك) للحملة الانتخابية لصالح السياسيين الأميركيين. وأثارت التغريدة جدلاً واسعاً من قبل اليمين الأميركي، وهوجمت عمر بشكل عنصري، ووُجّهت لها اتهامات بالإرهاب، وربط المهاجمون بينها وبين هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001. ولم تقتصر تلك الهجمات والحملة الشرسة ضد عمر على اليمين، بل احتشد قادة حزبها الديمقراطي ضدها، مطالبين إياها بالتراجع والاعتذار عن تغريدتها. وربط هؤلاء التغريدة بـ"معاداة السامية" بحجة أنّها تلمّح إلى "سلطة اليهود المالية"، وهي لم تفعل ذلك. واضطرت عمر تحت ضغوط مكثفة للتراجع والاعتذار عن تغريدتها، لكنها أكدت كذلك على الدور الإشكالي الذي تؤديه اللوبيات عموماً، ومن ضمنها "أيباك"، على الساحة السياسية الأميركية.



ولفتت دويك في هذا السياق، إلى أنه "بالنسبة لي، فإن ما قامت به كلينتون ساهم في موجة الحملات اليمينية العنصرية المعادية للمسلمين واللغة التي استخدمها اليمين في مهاجمة إلهان عمر. وأكد سلوك قيادات الحزب ما كنت أعرفه من قبل، وهو أن الديمقراطيين لا تهمهم حياة المسلمين والفلسطينيين، بل إنهم يتعاونون ويقومون بشكل فعّال بترويج فكرة أن المسلمين هم (الآخر) وهم أشخاص ليسوا مثلنا. وكان موقف تشلسي كلينتون تجسيداً لهذا". ثم أضافت أنه "لا يمكن أن تهاجم تشلسي كلينتون أول نائبة مسلمة محجبة وسوداء في الكونغرس، ثم تأتي لمكان نجتمع فيه معاً لنضمد جروحنا وتدّعي التضامن معنا من دون أن تعتذر وبشكل جدي من النائبة عمر".

ودويك من النشطاء الذين قادوا حملة في جامعة نيويورك للتصويت على اقتراح في برلمان الطلاب، يطالب إدارة الجامعة بسحب استثماراتها من الشركات التي تبيع منتجات كالمروحيات والجرّافات التي يستخدمها الاحتلال لقمع الفلسطينيين وهدم بيوتهم وملاحقتهم. وصوّت مجلس طلاب جامعة نيويورك في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بأغلبية 35 مؤيداً مقابل 14 وامتناع 14 آخرين، لصالح اقتراح دويك وزملائها، مطالباً إدارة الجامعة بسحب تعاونها أو استثماراتها التي تصل إلى الملايين من تلك الشركات. ومن المقرر أن يصوت مجلس الجامعة، المكون من أساتذة وطلاب، بدوره على القرار لدعمه أو رفضه الشهر المقبل. وسبقت التصويت نقاشات طويلة دامت لساعات وقبلها حملة تشهير وتحريض ضد دويك وزميلاتها اللواتي قدن الحملة معها وإحداهن من اليهود الأميركيين.

وعن هذه الحملة قالت دويك: "تدّعي جامعة نيويورك أنها متنوعة وفيها مكان للجميع لكنها تقوم بالاستثمار بشركات تنتهك حقوق الانسان الفلسطيني، عن طريق بيع منتجاتها للجيش والحكومة الإسرائيلية، التي تنتهك حقوق الفلسطينيين وتهدم بيوتهم وتساعد الاحتلال. ومن بين تلك الشركات التي طالبت الحملة بوقف الاستثمار بها أو التعاون معها هي شركات كاتربيلار، ولوكهيد مارتن، وجنرال إلكتريك".

وأضافت دويك بما يخص حركة المقاطعة، أنه "رأينا في العقود الأخيرة تحوّلاً فيما يخص وجود دعم أكبر لقضية فلسطين وتأييداً لحركة المقاطعة. وأعتقد أن جيل الشباب أو الجيل الأصغر يرفض الآن أن يقبل الدعاية المُستخدمة باسمه في الولايات المتحدة، بل يريد أن يقرر بشكل منفصل ومستقل لوحده". وحول عمل الناشطين قالت "وصلنا إلى وضع نقول فيه بوضوح، إننا لن نقبل أي اعتداء على أيّ منا (الأقليات في الولايات المتحدة) وإن أي اعتداء على واحد منا هو اعتداء علينا جميعاً".