أثناء الحرب السادسة بين الحكومة والحوثيين عام 2009، اشتهر زامل القحوم، الذي يأتي في نصه: "ما نبالي ما نبالي ما نبالي/ واجعلوها حرب كبرى عالمية، حن قلبي للجرامل والأوالي (البندقية والكلاشينكوف)/ والله إن العيش ذا يحرم عليه، في سبيل الله ذقنا المر حالي/ مرحبا بالموت حيا بالمنيه"، وكذا "والله إن الحرب ما منها مجالِ/ والكرامة في زناد البندقية".
حينها، أثار المنشد ردودًا لدى خصومه في القبائل اليمنية، بنفس اللحن والقافية، وامتدّ صداها إلى السعودية، حيث كتب أحد السعوديين يرد عليه بتسجيل على الإنترنت: "لا تبالي، لا تبالي، لا تبالي/ لا تبالي دامت الكذبة قوية".
ومع بدء الحرب في اليمن، في آذار/مارس 2015، كان صوت القحوم فاعلًا بأداء العديد من الزوامل الحماسية التي تبثها قناة "المسيرة" التابعة للجماعة، ومواقع وصفحات أنصارها على الإنترنت. وأكثر من ذلك، حين نُجري بحثًا على الإنترنت، نجد أن تسجيلات القحوم تنتشر عبر تطبيقات خاصّة بأناشيده، ونعثر على مواقع تقول: "تحميل زوامل لطف القحوم". إن كان يشير هذا إلى شيء؛ فليس إلا قدرة الزوامل على التأثير، وروابطها القوية بساحة المعركة، ودورها المهم في التصعيد.
لاحقًا، ظهر الليث عيسى، الذي بدأ إنشاد الزوامل حين كانوا يستقبلون وفود الحوثيين في صعدة. بعد ذلك، تم تدريبه في مراكز خاصة بهم. ومع أن الحرب ليست موضوع الزامل الوحيد، إلا أنها أصبحت كذلك، بل هي الموضوع الرئيسي منذ أول زامل اشتهر للحوثيين بعد بدء نشاطهم العلني في صنعاء عام 2011: "ما نبالي ما نبالي ما نبالي.. واجعلوها حرب كبرى عالمية".
لطف القحوم (فيسبوك) |
لا تفوت الزوامل حدثًا من دون الحديث عنه. وحين أقيم مؤتمر جنيف للسلام، ظهر زامل يشدّد على ثبات المقاتلين في الجبهات، بصرف النظر عن نتائج المشاورات: "يقبل سعودي جنيف وإلا ننتجف/ ونجيه باستئصال جذري واقتلاع".
هناك جناس لفظي بين "جنيف" التي تعبر عن السلام، و"ننتجف"؛ أي نقاتل حتى يفني بعضنا البعض. كما أن السلاح بالنسبة لمقاتليهم عضو من أعضاء الجسد.
في هذا الزامل، تأتي عبارة: "سمرت أنا القاذف على عظم الكتف/ وبندقي هو بعض جسمي والنخاع". يستخدم الزامل لحنين؛ الأول على القرار بدرجة منخفضة، وفي الثاني يجيب من درجة لحنية أعلى، مؤكدًا عدم التراجع، مثلما كانت في درجتها المنخفضة تدل على عدم المبالاة. ثم يتابع: "محال لا والله ما أنا منصرف/ يا جعل ساقي الكسر لو ترجع ذراع".
عمومًا، فإن توظيف ألحان مناسبة لطبيعة الكلمات من عوامل النجاح. لكن، في نموذج آخر؛ يتخذ زامل "إلى الجبهات ربي يناديني" لحنًا فيه بعض الخشوع، يخلو من الطابع الحماسي، وهناك لحنية أكثر، بما يتفق مع طبيعة الكلمات: "أشوف أشلاء الأطفالِ/ وثكلى دمعها حمراء/ أفز أتحزم الآلي/ وأحط النار في المجرى".