بات 90 في المائة من إنتاج وتصدير النفط اليمني مهدداً بالتوقف، بعد إعلان السلطة المحلية في محافظة حضرموت (جنوب شرق البلاد) عزمها وقف إنتاج وتصدير الخام، بسبب عدم وفاء الحكومة بالتزاماتها المالية تجاه المحافظة، بينما تضع هذه التطورات الحكومة في مأزق يتمثل في العجز عن دفع رواتب الموظفين في المناطق الخاضعة لسيطرتها ويهدد بانخفاض جديد للعملة.
وقال عبد الواحد العوبلي، الخبير الاقتصادي لـ"العربي الجديد"، إن وقف تصدير نفط حضرموت سيؤدي إلى فقدان البلد لأحد مصادر النقد الأجنبي، ما سيؤدي إلى انخفاض جديد في سعر صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية وبالتالي زيادة أسعار السلع والخدمات.
واعتبر العوبلي، أن إعلان السلطة المحلية في حضرموت، إيقاف تصدير النفط "ارتجالي" وسيدفع المواطنون ثمنه، وسيؤدي إلى زيادة سوء الوضع الخدمي في مناطق الحكومة ومنها حضرموت.
وكان محافظ حضرموت، اللواء فرج البحسني، قد قال في اجتماع استثنائي موسع للمكتب التنفيذي للمحافظة، يوم السبت الماضي، إنه أمر بمنع تصدير النفط من ميناء ضبة لحين التوصل لحلول مع الحكومة بشأن دفع مرتبات منتسبي المنطقة العسكرية الثانية المتوقفة لأكثر من ثلاثة أشهر واستمرارها بانتظام، ودفع حصة حضرموت من مبيعات النفط المتوقفة لأشهر، وكذلك مبالغ محروقات الكهرباء.
وأضاف البحسني: "طرقنا كل الأبواب الرسمية للحكومة وتم التفاعل بإصدار توجيهات لكنها لم تترجم على الواقع، وأمام التزاماتنا الملحّة لدى أبناء محافظتنا ومواطنينا ومطالباتهم المشروعة والضغط المجتمعي كان لزاماً علينا اتخاذ إجراءات جدّية لتلبية احتياجات المواطنين".
وتسيطر حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي على ثلاث محافظات نفطية في شرق وجنوب شرق البلاد هي مأرب وحضرموت وشبوة، واستأنفت منذ منتصف أغسطس/ آب 2016 إنتاج وتصدير النفط من حقول المسيلة النفطية بمحافظة حضرموت (شرق)، لكن الإنتاج لا يزال متوقفاً في مشروع الغاز المسيل، نتيجة عدم توفر الحماية الأمنية، كما لا يزال الإنتاج متوقفاً في حقول "صافر"، بسبب وقوع خط أنابيب النفط في مناطق سيطرة الحوثيين.
ويعتبر النفط المحرك الرئيس لاقتصاد اليمن، ويمثل 70 في المائة من موارد الموازنة، و63 بالمائة من الصادرات، و30 بالمائة من الناتج المحلي، وتمثل عائداته نسبة كبيرة من موارد النقد الأجنبي، حسب بيانات رسمية. وزاد تعطل إنتاج النفط من الأزمات الاقتصادية والمالية الخانقة التي تعاني منها البلاد.
وقال مسؤول محلي في حضرموت لـ"العربي الجديد" إن "الحكومة لم تفِ بالتزاماتها وأبرزها تحويل نسبة 20 بالمائة من مبيعات النفط الخام لصالح السلطة المحلية"، مشيرا إلى أن هذه الأموال مهمة لتوفير الخدمات للمواطنين. واحتشد مئات المواطنين، يوم الأحد الماضي، في مدينة المكلا عاصمة حضرموت، احتجاجا على عدم وفاء الحكومة بالتزاماتها وتأييدا لقرار المحافظ وقف إنتاج وتصدير النفط.
لكن مسؤولاً حكومياً أكد أن الحكومة الشرعية تعاني من أزمة مالية حقيقية منذ أغسطس/آب الماضي، نتيجة عدم قدرتها على ممارسة مهامها بعد طردها من العاصمة المؤقتة عدن من قبل المتمردين الانفصاليين المدعومين من الإمارات، وتوقف تحصيل الإيرادات من عدن والمدن المجاورة.
وقال المسؤول لـ"العربي الجديد" إن البنك المركزي يعاني أزمة سيولة خانقة من العملة المحلية والأجنبية، تسببت في العجز عن دفع مرتبات الآلاف من موظفي الدولة في القطاع العسكري، والعجز عن تغطية فاتورة الوقود لتشغيل محطات الكهرباء في خمس محافظات هي عدن وحضرموت ولحج وأبين وشبوة.
وفيما تقف الحكومة عاجزة أمام المطالبات الرسمية والشعبية في حضرموت وأزمة التلويح بوقف إنتاج وتصدير النفط، أكدت وزارة المالية، يوم الأحد الماضي، أنها ملتزمة بصرف حصة حضرموت من عائدات النفط.
وقالت الوزارة في بيان نشرته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية سبأ، إنه منذ استئناف عمليات التصدير من القطاعات النفطية في حضرموت، أودعت الحكومة 194 مليون دولار في حساب السلطة المحلية في حضرموت.
وأشارت إلى أن توجيهات عليا صدرت للتنسيق مع السلطة المحلية في حضرموت على ضوء المطالبات التي طرحتها واتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجتها بشكل سريع، وإيجاد آليات مستدامة تضمن عدم تكرار حدوث أي إشكالات تتعلق بتوريد حصة المحافظة من عائدات النفط.
في هذه الأثناء، شهدت العملة اليمنية انخفاضاً جديداً في محلات الصرافة أمام العملات الأجنبية، بعد فترة استقرار نسبي، وقال صيارفة إن سعر الريال تراجع إلى 600 ريال للدولار من 550 ريالا للدولار مطلع سبتمبر/أيلول الجاري.
ويشهد اليمن حرباً مدمرة بدأت في سبتمبر/ أيلول من عام 2014، بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء ومؤسسات الدولة، وتصاعدت وتيرة الصراع منذ مارس/ آذار 2015 مع دخول السعودية والإمارات في حرب اليمن لدعم الحكومة الشرعية في مواجهة الحوثيين.
وتسبب تعقيد المشهد السياسي، في تهاوي العملة المحلية وارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود، وازدياد البطالة، وأصبح أكثر من نصف سكان اليمن يعانون من انعدام الأمن الغذائي. ويعتبر قطاع النفط والغاز أهم مورد لمعظم إيرادات الحكومة.
واليمن منتج صغير للنفط وتراجع إنتاجه قبل الحرب لما بين 200 و250 ألف برميل يومياً بعد أن كان يزيد على 500 ألف برميل يوميا في 2007.