وقال أبو عمر (40 عاماً)، المُهجر من ريف دمشق: "أكثر المواقف المريرة التي عشتها كانت على معبر أبو الزندين، عندما قال لنا شركاؤنا في الثورة إنه ليس لديكم مكان هنا، والذي زاد الأمر قساوة هو أننا كنا ننتظر موافقة الأتراك، فهم أصحاب القرار الأخير بدخولنا من عدمه، في حين يحاصرنا النظام عبر طوق من العسكريين والسيارات، ويمنع علينا الابتعاد عن الحافلات أكثر من عدة أمتار".
وأضاف "ما زال الطقس سيئا والرياح شديدة، ولم تصلنا سوى وجبة طعام واحدة يوم أمس، ولا ندري إن كان الهلال الأحمر سيجلب لنا وجبة اليوم أم لا، كما أن عدم وجود حمامات واضطرار الناس إلى اللجوء للعراء أمر في غاية الحرج في ظل وجود مئات الأشخاص، وخاصة للنساء اللواتي حاولن استخدام بعض قطع القماش المتوفرة للاحتجاب عن أعين الناس، قبل أن يأتي الهلال الأحمر بعدد من الحمامات الجاهزة، التي تشهد ازدحاما شديدا عليها".
من جانبها، قالت أم قاسم، المهجرة من ريف حمص الشمالي، لـ"العربي الجديد": "حسبنا الله ونعم الوكيل، تركنا بيتنا وأرضنا، على أساس أن هناك مخيمات جاهزة لاستقبالنا، وأخبرونا بأنه يمكن لنا أن نذهب إلى عفرين حيث توجد منازل فارغة، إلا أننا لم ندخل بعد إلى الباب، بل يقولون إن الأتراك يريدون إرسالنا إلى إدلب، لقد مضت علينا أكثر من 48 ساعة لم نذق فيها طعم النوم، وحالتنا سيئة جدا".
وأضافت "الأطفال وكبار السن أرهقتهم الرحلة، والبرد جعل الكثير منهم يمرض، في حين تسوء حالة الجرحى الذين هجروا معنا، كل هذا في ظل غياب واضح للمنظمات الإنسانية الدولية".
وقال الناشط الإعلامي أيهم العمر، المهجر من جنوب دمشق والعالق على معبر أبو الزندين، لـ"العربي الجديد": "نحن في يومنا الثالث على التوالي ننتظر على الطريق القرار التركي للسماح بدخولنا، في ظل وضع سيئ جدا، فالطقس متقلب ما بين شمس حارقة وبرد وزخات من المطر، إذ لا توجد إلا حافلات التهجير ملجأ للناس، في ظل وجود بعض الشجيرات وعدد قليل من المنازل القريبة التي يمنع النظام المهجرين من الدخول إليها".
وأشار إلى أن "الهلال الأحمر لا يقدم سوى وجبة واحدة في اليوم، في حين يقدم للأطفال المرضى دواء مضادا للالتهاب والسعال، في حين لم يقدم حليب أطفال أو فوطات"، معربا عن أسفه "لهذا الموقف التركي من عدم السماح للمهجرين بالدخول إلى مناطق المعارضة، وهم الهاربون من بطش النظام".
ووصلت قافلة مهجري ريف حمص الشمالي، اليوم الخميس، إلى معبر قلعة المضيق الذي يفصل مناطق النظام عن إدلب التي تسيطر عليها فصائل مسلحة، وذلك بعد أيام من التهجير والانتظار على معبر أبو الزندين دون أي جدوى، بالرغم من كل ما تحملوه من برد وجوع، بحسب ناشطين محليين.
وقال عضو فريق "منسقي الاستجابة" في إدلب محمد الشامي، لـ"العربي الجديد"، إن "القافلة الثانية من ريف حمص الشمالي المحولة من ريف حلب إلى قلعة المضيق، تضم 59 حافلة و48 سيارة مدنية، حيث سيتم توزيعهم على مراكز إيواء مؤقتة هي مخيمات ساعد وميزنار وشام وأهل الخير".
فيما أكد عضو الفريق، طارق الإدلبي، لـ"العربي الجديد"، أنه "وصلت قافلة مهجري ريف حمص، صباح اليوم، إلى قلعة المضيق، وفورا بدأنا بفرز الباصات لتوزيعهم على مراكز الاستقبال"، وبين أن "جميع الحالات الطبية تم استقبالها في الباب".
وبين أنهم مستعدون لاستقبال جميع المهجرين في المراكز المؤقتة حتى يستطيعوا تأمين أنفسهم، بالرغم من الضغط السكاني في المنطقة، لافتا إلى أنه "مهما وصل من المهجرين سيتم استقبالهم فهم أبناء البلد، وبيوتنا بيوتهم".