كرّست صحيفة "لاكروا" (la Croix) الصفحة الأولى لحلب وأربع صفحات داخلية أيضاً. وكان الغلاف صورةً لسوري يحضن طفله، وعيناه شاردتان، مرفقة بعنوان "حلب، تشريح فشل"، مضيفةً في عنوان فرعي "معركة حلب تعرف خاتمتها، مسجّلة فوز روسيا، سيدة اللعب في سورية، وإيران".
رئيس التحرير، غيوم غوبرت، كتب في افتتاحية بعنوان "عجز" "منذ بداية الأزمة في سورية، قبل خمس سنوات، اعتبر الفاعلون أن القضية لا تُحلّ إلا بالسلاح. نظام الأسد رفض كل شكل من أشكال الحوار مع المعارضة. وروسيا ارتأت أنه يجب سحق المعارضة، بعنف". واعتبر غوبرت أن "الفائز الوحيد هو البربرية". وأضاف "تنظيم داعش استعاد للتو مدينة تدمر. الحرب لن تنتهي بسحق حلب".
وحاورت الصحيفة المستشار الخاص لرئيس "المؤسسة من أجل البحث الاستراتيجي"، فرانسوا هيزبورغ، والذي اعتبر أن روسيا وإيران هما الفائزان الاستراتيجيان. وقال "بالاعتماد على أقل من 5000 جندي في سورية، برهنت روسيا على أنها قوة عالمية. وقد منحت روسيا لنفسها أهدافاً قابلة للتحقيق: وهي منع النظام السوري من الانهيار وفرض نفسها كمُحاور لا يمكن الالتفاف عليه".
ورأى هيزبورغ أن "حلاً سياسياً ليس ممكناً في المنظور القريب، ولكنه يمكن أن يتم على قواعد يُريدها الروس والإيرانيون، ومن دون الأسد، إن عثروا على شخص آخر في المتجر".
Twitter Post
|
أمّا "لومانيتيه" (l'humanite)، لسان حال الحزب الشيوعي، فكرّست لحلب الصفحة الأولى عبر صورة عائلة سورية تائهة في خراب حلب، مع مانشيت "في مواجهة مأساة حلب، نفاق صانعي الحرب"، إضافة إلى ثلاث صفحات داخلية.
ورأت الصحيفة أن معركة حلب كانت "أرضية حرب لِلُعبة القوى"، متسائلةً "إن كان استيلاء النظام على حلب سيجعله يغيّر من سياساته؟"، علما أن "بوتين لا يدافع سوى عن مصالح روسيا يريدها إمبراطورية".
وشككت الصحيفة في تغير للسياسة، فالنظام السوري لم ينتظر الربيع العربي سنة 2011 حتى يسحق معارضيه من الديمقراطيين "هؤلاء الديمقراطيون والشيوعيون والعلمانيون تم سحقهم قبل ثورات الربيع العربي في سورية. وفي تلك الفترة كان بشار الأسد مُرحَّباً به في العواصم الغربية. وفي تلك الفترة كان التفاوض حول أسواق مربحة يتعلق بالديمقراطية التجارية، وأيضاً ديمقراطية السلاح".
Twitter Post
|
أما صحيفة ليبراسيون، فعادت من جديد لتمنح مدينة حلب غلافها الوحيد، تحت عنوان "حلب، لماذا لم يتحرك أحد؟" تتصدره الصورة التي نشرتها صحيفة "لاكَروا"، عن الرجل السوري وهو يحضن طفله في خراب المدينة، إضافة إلى أربع صفحات داخلية.
وكتب مدير الصحيفة لورانت جوفرين افتتاحية الملف بعنوان "تراجع عالميّ"، جاء فيها "ما نطلق عليه المجتمع الدولي يتأمل، من الآن فصاعداً، في عجز، أسى سكان حلب"، وأما الرأي العام "الذي خدعه وتيّهه التضليل الإعلامي المنظم الذي يغذيه عملاء تأثير للديكتاتوريين واليمين المتطرف أو اليسار المتطرف، والذي كان سيغضب لما حدث في حلب، فَقَدَ كُلَّ حافز".
واستعرضت الصحيفة اليسارية ستّ لحظات فارقة لتخلّي المجتمع الدولي عن سورية: الأولى تتجلى في استخدام روسيا لحقّ النقض في أكتوبر/تشرين الأول 2011، ثم فشل لقاء جنيف في يونيو/حزيران 2012، وانقسام المعارضة السورية في ديسمبر/كانون الأول 2012، وتراجع باراك أوباما في أغسطس/آب 2013، رغم استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية ضد شعبه، ثم التردد في مواجهة الجهاديين (داعش) في بداية سنة 2014، وأخيراً خارطة الطريق المُمزَّقة في نهاية 2015.
Twitter Post
|
أما صحيفة "لوفيغارو" اليمينية، فكان غلافها عن "ترامب وطاقمه". أما الملف السوري، فقد كان حاضرًا، في صفحة داخلية شأنه شأن الحرب في العراق.
كما نشرت في أسفل الصفحة الأولى نتائج الاستفتاء الذي فتحته حول قبول بقاء الأسد في السلطة، والذي حاز على دعم 58 في المائة، مقابل اعتراض 42 في المائة.
وقد استعرضت "لوفيغارو" الهدنة التي لم تصمد في شرق حلب. وفي مقال آخر، تناولت الصحافية إيزابيل لاسير "اللطخة التي لن تمّحي في إرث أوباما".
ورأت الصحافية، التي كانت تقصد تراجع أميركا عن ضرب الأسد بعد استخدامه للسلاح الكيماوي ضد مواطنيه، أنها "هي اللطخة السوداء في حصيلته فيما يخص السياسة الخارجية. وهي عارٌ سيظل في التاريخ".
وأضافت "أوباما ليس المسؤول الوحيد عن تسلسل الأحداث التي قادت إلى مجزرة حلب. فهو ليس وراء إنشاء داعش، كما أنه ليس مسؤولاً عن الطرق العنيفة التي استخدمها النظامان السوري والروسي. كما أوروبا والمنظمات الدولية ودول عربية ساهمت في الإفلاس الجماعي".
ونقلت الصحافية عن مراقبين رأيهم بأنه "كانت لأوباما مسؤولية أخلاقية في الحركة"، لكنه لم يتحملها.