وسيجمع المؤتمر مشاركين من أكثر من 85 دولة ومنظمة على المستوى الوزاري، من أجل دراسة جميع الجوانب الأساسية للأزمة السورية، السياسية منها والإنسانية والبعد الإقليمي، خصوصاً في ما يتعلق بالمعونة التنموية، لا سيما أنه مع دخول الصراع السوري عامه الثامن، يستمر الوضع الإنساني في التدهور. ويوجد اليوم أكثر من 13 مليون سوري يحتاجون الآن إلى مساعدات إنسانية وأكثر من 5 ملايين لاجئ سوري يعيشون خارج البلاد، بينما تراوح العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة بين الأطراف السورية للتوصل إلى حل سياسي مكانها منذ مدة.
الحل السياسي
وبالنظر إلى التطورات الأخيرة في سورية خصوصاً بعد اتهام النظام السوري باستخدام السلاح الكيميائي ضد المدنيين في دوما وما تبع ذلك من شن ضربات عسكرية أميركية ـ فرنسية -بريطانية استهدفت عدداً من مواقعه، فإن المؤتمر سيكون فرصة أمام المجتمع الدولي لمناقشة الوضع السياسي في البلد والمنطقة. ومن المنتظر أن يكرر الاتحاد الأوروبي التأكيد على أن الحل السياسي وحده هو الذي سيضمن الاستقرار الدائم في سورية، ويجدد دعمه للجهود التي يبذلها مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسورية، ستيفان دي ميستورا، والعملية التي تقودها الأمم المتحدة، وهي العملية الرئيسية لتحقيق حل سياسي داخل سورية. وكانت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، قد صرّحت بأن المشاركين يريدون "الاستفادة من مؤتمر بروكسل لتوضيح أن المجتمع الدولي يعتقد أن القتال يجب أن يتوقف لإفساح المجال لعملية سياسية".
وفي السياق، يقول الخبير في الشؤون العربية، بودوان لوز، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "سيتم التأكيد مجدداً على أن المجتمع الدولي يريد إعطاء دفعة جديدة للعملية السياسية. كما سيتم الإعراب عن دعم دولي لصالح إعادة إحياء المحادثات السورية التي انطلقت في جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة".
لكن بالنسبة للوز، لا يجب انتظار "أي خطوة عملية"، إذ إن "المؤتمر يركز بشكل أساسي على المسائل الإنسانية، ويهدف إلى تعزيز الدعم والاستجابة الدولية المبدئية للاحتياجات الإنسانية الناتجة عن الصراع، وتحسين شروط هذه الإجراءات". ويلفت إلى أن "تنفيذ هذه الإجراءات يتطلب بالطبع وقف إطلاق النار الفوري والوصول إلى المحتاجين وإيصال المعونة الإنسانية وحماية المدنيين. لكن المؤتمر لا يمتلك سوى قوة المطالبة وليس التنفيذ الفعلي".
دعم إنساني
وبعيداً عن الشق السياسي الذي لا يحتل الأولوية، يهدف المؤتمر إلى ضمان استمرار جهود المجتمع الدولي لمساعدة السوريين والمجتمعات التي تستضيفهم. ومن المتوقع أن يجدد المجتمع الدولي دعمه الحازم للشعب السوري، سواء داخل سورية أو في الدول المجاورة، الأردن ولبنان وتركيا. وبحسب المسؤولين الأوروبيين، فإن المؤتمر سيشكل فرصة لتحديد الجهود الإضافية المطلوبة لمساعدة الناس الأكثر تضرراً وتسليط الضوء على الحاجة إلى تعزيز الانتعاش الاقتصادي للبلدان المضيفة وتطلعاتها الإنمائية، مع الالتزام والدعم على المدى الطويل للإصلاحات الهيكلية.
وفي السياق، يقول لوز، في حديثه مع "العربي الجديد"، إن "المؤتمر سيكون فرصة أيضاً لتقييم تنفيذ الالتزامات التي تعهد بها المانحون في مؤتمر لندن وخلال أول مؤتمر في بروكسل، اللذين عقدا في فبراير/ شباط 2016 وإبريل/ نيسان 2017 على التوالي". ويذكّر الخبير في الشؤون العربية بأنه "في المؤتمر الأول الذي عقد في بروكسل في إبريل 2017، قدم الاتحاد الأوروبي والجهات المانحة الدولية التزامات ملموسة لتلبية الاحتياجات الكبيرة للسوريين. ووصلت الوعود المالية إلى 5.6 مليارات يورو كمساعدات لعام 2017، و3.47 مليارات يورو كمساعدات للفترة 2018 - 2020. وعلى مؤتمر بروكسل الثاني الوقوف على ما تم تنفيذه من هذه الالتزامات".
ويبقى الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه من المانحين الرئيسيين في سورية والمنطقة. فمنذ عام 2011، قاموا بتخصيص أكثر من 10.6 مليارات يورو من المساعدات الإنسانية ومساعدات الاستقرار لسورية.
ملف اللاجئين
واعتبرت مجموعة من المنظمات غير الحكومية أن مؤتمر "دعم مستقبل سورية والمنطقة" يجب أن يركز بالأساس على ملف اللاجئين. وقالت منظمة هيومن رايتس واتش، في بيان صدر قبيل انعقاد المؤتمر، إنه يتعين على المشاركين فيه "القيام بما يجب لحماية اللاجئين عبر زيادة تعهداتهم المالية وإعادة التوطين، بالإضافة إلى إتاحة مسارات آمنة وقانونية أخرى، بما في ذلك السماح بجمع شمل العائلات للاجئين السوريين". وشددت على ضرورة "ضمان أن تؤدي الاتفاقيات مع الدول المضيفة وبلدان المرور العابر مثل ليبيا وتركيا إلى تحسينات كبيرة في حماية ومعاملة اللاجئين والمهاجرين الآخرين وألا تتغاضى بأي شكل عن أي انتهاكات". كما أكدت على أهمية ألا تقوم الدول المجاورة لسورية بطرد طالبي اللجوء قرب حدودها مع التزام المشاركين في المؤتمر بتنفيذ تعهداتهم بتقديم المساعدات للدول المضيفة في الوقت المناسب وبطريقة شفافة. كما اعتبرت المنظمة أنه يتعين عليهم الضغط لوضع حد للسياسات التي تسهل الإساءة، "مثل العوائق ضد منح الإقامة القانونية للسوريين في لبنان، ومنع الأردن لوصول المساعدات الإنسانية بانتظام لعشرات الآلاف من اللاجئين العالقين في الأرض المحرمة دولياً في جزء ناءٍ من حدودها (في إشارة إلى مخيم الركبان)".
وفي السياق، تؤكد مديرة قسم الاتحاد الأوروبي في هيومن رايتس ووتش، لوتي لايشت، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه يتعين "على الحكومات الغنية الموافقة على إعادة توطين اللاجئين السوريين وتأمين التمويل لتلبية الاحتياجات الإنسانية للاجئين السوريين في لبنان والأردن وتركيا". وتلفت إلى أنه "يعتمد الأطفال السوريون ومستقبل سورية على التحسينات الملحة والجذرية في أداء المانحين وأداء الدول المضيفة".
من جهتها، تعتبر المديرة الإقليمية لمنظمة أوكسفام، مارتا لورنزو، أنّ "السياسيين يقدمون الوعود على عجل ولكنهم يتأخرون في التنفيذ. وهم بحاجة إلى الوفاء بوعودهم إلى الشعب السوري"، وتذكر أنه في مؤتمر العام الماضي، تم اعتبار إعادة توطين اللاجئين المعرضين للخطر كخيار حيوي. لكن عدد اللاجئين الذين تم توطينهم انخفض، وتمت إعادة توطين أقل من 3 في المائة من اللاجئين السوريين في البلدان الغنية. ولم تستقبل الولايات المتحدة الأميركية سوى 11 لاجئاً سورياً فقط هذا العام".