يكرر الوزراء المصريون مطالبة المواطنين بضرورة التقشف مراعاة للأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، فيما تعكس ممارساتهم أفعالاً أبعد ما تكون عن "التقشف المزعوم"، ولعل آخرها تنظيم وزارة الأوقاف مؤتمراً بمدينة شرم الشيخ، جنوبي سيناء، بمشاركة المئات من الأئمة والشخصيات العامة.
وتحملت الموازنة المصرية، التي تواجه عجزاً غير مسبوق، تكاليف سفر وإقامة الأئمة بمجموعة من الفنادق ذات تصنيف (5 نجوم)، لمدة ثلاثة أيام، بدعوى إعلان شرم الشيخ كعاصمة للسياحة الدينية، تمهيداً لتنظيم مؤتمر عالمي للشباب بالمدينة خلال أسابيع، تحت رعاية الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بحسب ما أعلن وزير الأوقاف، محمد مختار جمعة.
وتوجه جمعة، في كلمته الافتتاحية بمؤتمر "سيناء ملتقى الأديان"، اليوم الخميس، بالشكر إلى محافظ جنوب سيناء، خالد فودة، وهو صهر السيسي، قائلاً إن: "اللواء فودة استطاع أن يجعل من شرم الشيخ إحدى أهم المدن العالمية في إقامة المؤتمرات المتنوعة، مثل مؤتمر السياحة العلاجية، والمؤتمر العالمي للشباب، الذي سيعقد قريباً لإيصال رسالة سلام للعالم".
وأشاد جمعة بمسجد "الصحابة"، الذي افتتحته الأوقاف بشرم الشيخ في مايو/ أيار الماضي، بتكلفة تجاوزت 30 مليون جنيه، قائلاً إنه "تحفة معمارية حديثة"، ولا يوجد أفضل من هذه المدينة للترويج للسياحة الدينية أو الترفيهية، وتصحيح الصورة السلبية عن مصر أمام العالم، في ظل ما تبثه عنها "وسائل الإعلام المأجورة"، حسب تعبيره.
وقال فودة، بدوره، إن المؤتمر يهدف إلى النهوض بقطاع السياحة، واستغلال مقومات السياحة الدينية بالمحافظة، التي توضح مدى التعايش السلمي للأديان السماوية الثلاثة على أرض سيناء، داعياً رجال الدين من المسلمين والمسيحيين الحاضرين إلى "التكاتف من أجل تنشيط حركة السياحة الدينية في مصر".
إلى ذلك، عرض منظمو المؤتمر فيلماً تسجيلياً، مدته 10 دقائق، عن أهم المزارات الدينية في محافظة جنوب سيناء، وتضمن لقطات لدير سانت كاترين، وقلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون، ومسجد الصحابة، وغيرها من المزارات الدينية، فضلاً عن بعض المحميات الطبيعية، والأماكن الترفيهية، والشواطئ في شرم الشيخ.
وحضر المؤتمر الذي يُعقد بالتعاون بين وزارات الأوقاف، والخارجية، والسياحة، والثقافة، والآثار، والتعاون الدولي، والشباب والرياضة، كل من وزير الآثار، خالد العناني، ممثلاً عن رئيس الوزراء، ووكيلي مجلس النواب، السيد الشريف، وسليمان وهدان، علاوة على أعضاء بلجنة الشؤون الدينية بالبرلمان، ونواب محافظتي سيناء.
وتلا العناني رسالة لرئيس الحكومة، شريف إسماعيل، شدد فيها على أهمية السياحة لمصر، باعتبارها قاطرة التنمية والاقتصاد، في ظل ما تملكه البلاد من مقومات سياحية وجغرافية متعددة، مشيراً إلى ما تتمتع به محافظتا جنوب وشمال سيناء من مقومات ثقافية وحضارية فريدة، وكونها مركزا للسياحة الدينية على مدار آلاف السنين.
من جهته، قال رئيس اللجنة الدينية بالبرلمان، أسامة العبد، إن المؤتمر يوجه رسالة سلام للعالم، وأخرى للمتطرفين بأنهم "ليس لهم مكان بيننا"، متابعاً "يحضرني ما قاله بابا الفاتيكان عن زيارته لأرض الأنبياء قبل وصوله إلى مصر، في إبريل/ نيسان الماضي، ودعوته لكل المسيحيين في العالم إلى زيارة مسار العائلة المقدسة بسيناء".
وأضاف العبد أن السياحة الدينية رائدة في مصر، لأن جنوب سيناء بها كل المقومات، والدولة تهتم بتنميتها، منوهاً إلى أنها تحظى بمزارات وآثار دينية تمثل الأديان السماوية الثلاثة، ولا مكان بها "لأصحاب الفكر الإرهابي الأسود، الذين لا دين ولا وطن ولا عقل لهم.. فمن يشهر سيفه في وجوه الناس لا يمثل منهج الإسلام"، بحد قوله.
وأعلن وزير الأوقاف المصري نهاية 2015، عن تنظيم 100 رحلة سياحية داخلية للأئمة والعاملين بالأوقاف، والجهات التابعة لها، على نفقة الوزارة، بدعوى تنشيط السياحة الدينية والثقافية في مدن شرم الشيخ والغردقة، وتعميق الانتماء الوطني، والتعرف على معالم مصر الحضارية والأثرية، ومقوماتها الطبيعية.
وقالت الأوقاف، في بيان آنذاك، إن الدعاة سينزلون في الفنادق ذاتها مع الأجانب، وإنه لا مانع من الاختلاط بهم، ونزول حمام السباحة معهم، بشرط ارتداء المايوه الإسلامي للأئمة والعاملين بالوزارة، وهو ما رد عليه نقيب الدعاة، محمد عثمان، بقوله إن "وظيفة الداعي إلى الله لها حرمة، وقدسية، ولا يجب نزوله إلى المسابح، رفقة الأجنبيات العاريات".