وافتتح المؤتمر المدير العام للمركز، الباحث في العلوم السياسية، مهند مصطفى، واستهل مداخلته بالحديث عن اعتراف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بالقدس عاصمة لإسرائيل، ورأى أن هذا الإعلان "ممكن ربطه مع مجمل المشروع الصهيوني بفلسطين، من وعد بلفور الذي تعامل مع المشروع الصهيوني بعين العطف؛ إلى ترامب الذي بدأ يتفهم كل سياسة الأمر الواقع الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بمعنى أن تصريح ترامب ينسجم ويرتبط بوعد بلفور، بحيث إن أي حقائق على أرض الواقع تقوم بها إسرائيل، بالنسبة للاقتصاد والديموغرافيا، ستوافق أميركا عليها".
واعتبر أن "السؤال المهم ليس ماذا فعل ترامب؛ بل ماذا فعل الفلسطينيون حيال كل هذه السياسات في السنوات الأخيرة". وبحسب تقدير مصطفى فإن "جزءاً من أداء ترامب نابع من الأداء السياسي الفلسطيني الذي لم يقم بمراجعة كل سياسته على مدار 25 سنة، منذ أوسلو حتى الآن، وهو ما أعطى تلك الدافعية لإسرائيل في الاستيطان، وأعطى دافعية لترامب في قبول هذا الواقع".
وفي الجلسة الثانية، التي كانت تحت عنوان "70 عاماً على قرار التقسيم، مقاربات تاريخية وسياسية والواقع الراهن"، وأدارتها الباحثة أريج صباغ؛ تحدث الباحث في الشؤون الإسرائيلية صالح لطفي عن الطروحات الإسرائيلية في ضم مدينة أم الفحم للدولة الفلسطينية، وقال: "هناك أربع قضايا تهم الإنسان الفلسطيني كفرد ومجتمع في منطقة وادي عارة وأم الفحم؛ القضية الأولى هي قضية الأرض، فنصف مليون دونم صودر عام 1949، وهناك حاجة ماسة لإرجاع تلك الأراضي، وفق التقديرات الأولية، إلى السكان في حال تم نقلها، من حيث السيادة والحدود".
أما القضية الثانية التي تطرّق إليها الباحث، فهي القضية الاجتماعية، قائلاً إن "هناك تواصلاً اجتماعياً كبيراً جداً داخل المجتمع الفلسطيني في الداخل، وعندما يتم الحديث عن نقل سكان وادي عارة دون المثلث فثمة عامل اجتماعي كبير يمس العوائل والأنساب".
القضية الأخرى الجوهرية، وفقاً للباحث، هي القضية المعيشية، إذ إن 90 بالمائة من سكان هذه المناطق يعملون في المدن الإسرائيلية، وبعضهم يعيش هناك.
الجزئية الرابعة المتعلقة بجوهر مسألة "تبادل الأراضي" هي القضية السياسية، إذ لا يمكن، كما يرى الباحث، "الانتقال إلى دولة منقوصة السيادة تقوم إسرائيل صباحاً ومساءً باغتيال شخصيات تعتبرها مزعجة فيها".
من جهته، قدّم المحاضر في فلسفة القانون، رائف زريق، مداخلة بعنوان "من وعد بلفور حتى التقسيم: نظرة راهنة". وقال إن إسرائيل آخذة في التراجع عن مبدأ "المواطنة"، "فبعد النكبة، بقي 150 ألف فلسطيني تحت حكم عسكري، وكانت لدى إسرائيل توقعات بأن عدد القادمين الجدد سيحول الفلسطينيين إلى حالة هامشية، وبعد أربعين إلى خمسين سنة، اكتشفوا أن الفلسطينيين كمواطنين قد يكون لهم ثقل كبير في السياسة الإسرائيلية، بشكل أو بآخر، وبالتالي فإن إسرائيل تنسحب من المواطنة، بما معناه أنها تحاول سحب المواطنة من الفلسطينيين في إسرائيل والعودة إلى منطق إثنو دينية".
وفصّل طرحه بالقول إن "الأغلبية اليهودية تتصرف في دولتها كأنها هي أقلية، وتريد أن تقيم حكماً ذاتياً لليهود داخل إسرائيل، منفصلاً عن الفلسطينيين، بدل أن يكون الفلسطينيون هم الذين يطالبون بالاستقلالية الثقافية. الأغلبية تتصرف كأنها أقلية في دولتها، وكأنها لا تعترف بدولتها؛ هذا هو الانسحاب في المواطنة الذي أقصده".
وعقّب أبو أيمن إغبارية من مجموعة "روايتنا صح" في أم الفحم، بأن هدف المجموعة هو "زيادة منسوب الوعي الفلسطيني للرواية الفلسطينية، لأنها لم تصل للجميع"، موضحاً أن "هناك مجموعات شبيهة لمجموعتنا تعمل أيضاً في الفكرة نفسها داخل قرى محيطة؛ فمثلاً وعد بلفور لم يدرسوه من وجهة نظر ورواية فلسطينية، بل صهيونية. فلذا هذه مؤتمرات مهمة لرفع الوعي".