تشتد معاناة المرأة أثناء الحروب وتداعياتها، التي تجعلها نتيجة عوامل عديدة ضحية، سواء ماتت أو بقيت على قيد الحياة. وتعاني السيدات، خلال فترات اللجوء، من تمييز جندري يحولهن إلى المعيل الأول للأسرة، بسبب غياب الأب أو الوالد أو الزوج، نتيجة ظروف الحرب.
كما تصبح طوابير النساء الممتدة أمام مراكز الجمعيات الإغاثية مشهداً عادياً يغيب فيه الرجل لأسباب ذكورية تمنعه من طلب المساعدة بنفسه له ولأسرته.
اليوم تقول المؤسسات النسوية المحلية والعالمية، إن قدر المرأة لا يقتصر على لعب دور الضحية فقط، بل يمكنها أن تساهم في بناء السلام الدائم في العالم، وفي تحقيق تغيير اجتماعي شامل يحميها من التمييز في أوقات السلم وفي أوقات الحرب أيضاً.
هذه القضية ناقشها، اليوم الاثنين، مؤتمر "نحو رفع أولوية قضايا المرأة والسلام والأمن على الأجندة العربية" في العاصمة اللبنانية بيروت، ونظمه معهد الدراسات النسائية في العالم العربي التابع للجامعة اللبنانية الأميركية، بالتعاون مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) والمركز الدنماركي للمعلومات عن الجندر والمساواة والتنوع.
تحدثت في المؤتمر رئيسة المعهد، لينا أبي رافع، عن أهمية تعزيز دور المرأة في صناعة السلام. وعددت "أوجه معاناة المرأة خلال فترات عدم الاستقرار في دول النيبال وأفغانستان والعراق وسورية واليمن وليبيا، حيث عانت السيدات من الاستغلال الجنسي والتهجير والتمييز الجندري".
واستندت الأكاديمية اللبنانية إلى قرار مجلس الأمن رقم 1325 الصادر عام 2000، "وهو أول قرار يتخذه مجلس الأمن لمعالجة الأثر غير المتناسب والفريد للنزاع المسلح على المرأة".
ودعت إلى "تطبيق القرار الذي يشدد على أهمية مشاركة المرأة المتكافئة والكاملة كعنصر فاعل في منع نشوب المنازعات وإيجاد حل لها، وفي مفاوضات السلام، وبناء وحفظ السلام".
وترى أبي رافع أن "النجاح في إيصال سيدات إلى مراكز القرار الأممية يساهم في تعديل السياسات، وتحقيق تغيير اجتماعي شامل يمنع تحول الحروب إلى مناسبة أخرى للتمييز الجندري العنيف ضد السيدات". وتراهن الأكاديمية على أن إيصال السيدات إلى مراكز القرار "يساعد في تحقيق السلام المستدام حول العالم".
كما تحدثت في المؤتمر مديرة مركز النساء في "إسكوا"، ماهيناز العوضي، مؤكدة أن "السياسات الجديدة التي تتبناها الوكالات التابعة للأمم المتحدة تشمل مواضيع النساء والأمن والسلام بشكل واسع، وهو ما يجب ترجمته من خلال تطبيق هذه السياسات حول العالم". وترى العوضي أن "مكافحة الجندرة والتمييز عمل دائم يتواصل خلال فترات الحرب والسلم، ولا ننطلق في حديثنا عن هذه المساعي من نظريات، بل من تجارب عملية في دول عديدة كالسودان واليمن وسورية".
من جهتها، قالت كوني كرستيانسن من "المركز الدنماركي للمساواة بين الجنسين" إن "مشاركة المرأة في بناء السلام ينطلق من التغيير الاجتماعي الشامل الذي يضمن حق العيش بسلام، ويحمي المرأة من لعب دور الضحية في الحروب والسلم".
القرار الدولي 1325
يحث القرار الدولي 1325 "جميع الأطراف الفاعلة" على زيادة مشاركة المرأة، وإدراج المنظور الجنساني في جميع مجالات بناء السلام. وكمتابعة للقرار، أصدر المجلس 6 قرارات إضافية تتناول محور "المرأة والأمن والسلام"، بهدف "الاعتراف بأثر العنف الجنسي في النزاع على صون السلام والأمن، ومطالبة أطراف النزاعات المسلحة بأن تتخذ على الفور التدابير الملائمة لحماية المدنيين من العنف الجنسي".