تسابق الحكومة الأردنية برئاسة عمر الرزاز، الزمن، لتحقيق نتائج اقتصادية إيجابية، وسط ارتفاع التوقعات بقرب رحيلها، خاصة بعد الانتقادات المباشرة التي وجهها إليها الملك عبد الله الثاني، الأسبوع الماضي، وامتعاضه من تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
وأمهل ملك الأردن الحكومة حتى نهاية العام الحالي لإحداث تغيير إيجابي في النهج الاقتصادي، بما ينعكس على مستويات المعيشة ومعدلات النمو والحد من مشكلتي الفقر والبطالة.
وارتفع معدل البطالة إلى 19.2 في المائة، بحسب بيانات أعلنتها دائرة الإحصاءات العامة، يوم الأحد الماضي، رغم إعلان الحكومة توفير 30 ألف فرصة عمل لهذا العام.
وبجانب تزايد البطالة، فإن مؤشرات العديد من القطاعات الاقتصادية، لا تبعث على التفاؤل حول استمرار حكومة الرزاز التي تشكلت في يونيو/حزيران من العام الماضي 2018، خلفا لحكومة هاني الملقي التي استقالت على وقع الاحتجاجات الشعبية الرافضة لقرارات رفع الأسعار والضرائب وخفض الدعم الحكومي.
وقال مسؤول رفيع المستوى لـ"العربي الجديد" إن "الحكومة تواجه اليوم أكبر معضلة منذ تشكيلها وتتعلق بعدم دقتها نهائياً في تقدير موازنة العام الحالي، خاصة باب الإيرادات التي شهدت تراجعاً كبيراً خلال الثمانية أِشهر الأولى".
وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه: "رغم القرارات الاقتصادية الصعبة التي اتخذتها الحكومة، خاصة رفع الضرائب والأسعار، إلا أن الإيرادات المحلية وبالأخص الضريبية تراجعت بشكل واضح".
وبموجب موازنة 2019، قدرت الحكومة زيادة الإيرادات العامة من خلال العائدات الضريبية وغيرها بنحو 850 مليون دولار عن العام الماضي، ليصل إجمالي الإيرادات العامة إلى 12.1 مليار دولار، مقابل إنفاق بنحو 13 مليار دولار، وعجز يبلغ حوالي 900 مليون دولار بعد المنح الخارجية. أما قبل المنح فيقدر العجز بـ1.7 مليار دولار، بما نسبته 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
ووفق المسؤول الأردني، فإن تراجع الإيرادات في بندين فقط هما الضرائب على المحروقات والمركبات بلغ حوالي 188 مليون دولار، كما أن هناك تراجعاً في إيرادات أخرى كالعوائد من تجارة العقارات، لا سيما بيع الشقق السكنية والمتاجر والأراضي، إلى جانب ارتفاع النفقات التقاعدية.
وقال إن "الحكومة تبحث حالياً عن حلول لمشكلة الموازنة لهذا العام، التي اتضح أنها بنيت على فرضيات وتقديرات خاطئة وقرارات لم تكن مدروسة كإلغاء دعم الخبز، الذي كلف الخزينة أكثر من آلية الدعم التي كانت مطبقة سابقا، حيث كان يتم دعم الطحين واليوم يدفع بدل دعم مباشر للمواطنين".
وحسب المسؤول، فإنه "بناء على النتائج المالية المتحققة خلال الفترة المنقضية من العام الحالي، تعمل الحكومة على إعادة النظر في تقديرات الموازنة"، مشيرا إلى أن الحكومة تدرس قرارات مهمة قريباً بهدف زيادة الإيرادات المحلية، منها زيادة إعفاء مساحات المباني السكنية بشكل جزئي لمساحة 180 مترا مربعا بدلاً من 150 مترا حالياً، لتحفيز المواطنين على الشراء، وبالتالي زيادة الإيرادات المتحققة من هذا القطاع.
وأظهرت النتائج المالية للاقتصاد، خلال الثلث الأول من العام الحالي (يناير/كانون الثاني حتى نهاية إبريل/نيسان)، تراجع الإيرادات الضريبية بقيمة 33.13 مليون دولار، أو ما نسبته 1.4 في المائة، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، لتصل إلى 2.25 مليار دولار، مشكلة بذلك ما نسبته 64.5 في المائة من إجمالي الإيرادات الإجمالية.
وكانت الحكومة قد رفعت العام الماضي نسبة الضريبة على عدد كبير من السلع وأوصلتها إلى الحد الأعلى البالغ 16 في المائة، بعد أن كانت تخضع لها بنسبة صفر و8 في المائة.
ورغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لزيادة ضريبة الدخل وإلغاء دعم الخبز وزيادة ضرائب المبيعات، إلا أن بيانات وزارة المالية أكدت أن العجز المالي في الموازنة العامة ارتفع إلى 682 مليون دولار حتى نهاية مايو/أيار من العام الحالي، مقارنة مع عجز قدره 614 مليون دولار للفترة ذاتها من عام 2018.
كما يعاني الأردن من مديونية تجاوزت 41 مليار دولار، وبطالة بلغت نسبتها 19 في المائة خلال الربع الأول من العام الجاري، وفق تقرير أصدرته دائرة الإحصاءات العامة الحكومية في يونيو/حزيران الماضي.
وزادت معدلات الفقر إلى 15.7 في المائة، بحسب تصريحات لرئيس الوزراء عمر الرزاز أخيراً، مقابل 14 في المائة في 2010، ونحو 13.3 في المائة في 2008.
وقال موسى الوحش، النائب في البرلمان الأردني، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة عاجزة عن ضبط الإنفاق، بدليل أن مقدار الإنفاق الجاري في موازنة 2019 بلغ حوالي 11.29 مليار دولار بارتفاع 463 مليون دولار، مشكلا ما نسبته حوالي 86 بالمائة من إجمالي الإنفاق العام.
بدوره، قال خيرو صعيليك، رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب، لـ"العربي الجديد"، إن هناك العديد من المشكلات التي تواجه الاقتصاد الوطني وساهمت في تراجع الأوضاع الاقتصادية ومخالفة تقديرات الموازنة للتوقعات التي وضعتها الحكومة للعام 2019.
وأضاف أنه تمت مخاطبة البنوك المحلية بتخفيض أسعار الفائدة على القروض بهدف تحريك النشاطات الاقتصادية، خاصة التجارة والعقارات والصناعة، بما ينعكس على مجمل النشاط الاقتصادي.