توقع أغلب المتابعين نجاحاً مضاعفاً للنجم أنخيل دي ماريا في مدينة مانشستر، خصوصاً بعد التألق اللافت والمهم للاعب الأرجنتيني مع النادي الملكي الإسباني خلال عام 2014. دي ماريا هو مهندس العاشرة، ورجل نهائي لشبونة أمام أتليتكو مدريد، ومن أقصى درجات التألق في مدريد، إلى علامات الحيرة والشك مع الشياطين الحمر في الأولد ترافورد، لتصبح كل الطرق مفتوحة أمام نهاية حزينة لقصة لم تكتمل بين الريشة اللاتينية والكتيبة الإنجليزية بالبريميرليغ.
لويس فان
فان غال مدرب صعب المراس، يتحدث عن نفسه في مقابلة قديمة مع فيفا قائلاً، "أنا كما أنا، وهذا ليس بالأمر السهل، لكنني لا أريد تغيير شخصيتي لمجرد أن آخرين يريدون ذلك". إنه ذلك الرجل الذي طرد ريكلمي من جنة برشلونة، وتسبب في مشاكل بالجملة مع ريفالدو حتى أجبره على الرحيل، ويُقال عنه في الكواليس إنه مدرب يكره اللاعبين اللاتينيين، خصوصاً البرازيليين، ولا يحب أبداً تواجدهم داخل فرقه.
أنخيل ليس برازيلياً لكنه لاعب مزاجي بعض الشيء مثل معظم القادمين من أميركا اللاتينية، وعلى الرغم من تألقه الكبير خلال بداياته مع اليونايتد، إلا أن منحنى لعبه قل كثيراً مع الوقت، حتى صار صديق دكة البدلاء حتى نهاية الموسم، وتوترت العلاقة بينه وبين المدرب الهولندي، والذي وجد ضالته في أسماء أخرى، كخوان ماتا، هيريرا، والبقية.
تعاقد المان مع ممفيس ديباي، وزادت الخيارات الهجومية أمام الطاقم التقني، لكن قيمة دي ماريا لا تزال محورية، لأن اللاعب لا يتمركز فقط في الثلث الهجومي الأخير، بل يتألق أيضاً في خانة لاعب الوسط الثالث. صحيح أن اليونايتد جلب كلاً من شفاينشتايغر وشنايدرلين، إلا أن الأرجنتيني قادر على تقديم القيمة المضافة، لأنه اللاعب الوحيد الذي يتحرك دائماً إلى الأطراف.
الجناح المركزي
قدّم أنخيل دوراً تكتيكياً محورياً في جميع خطوط الملعب خلال موسمه الأخير مع ريال مدريد، وكان بمثابة همزة الوصل بين الوسط والهجوم، يسجل رونالدو الأهداف، ويتحرك بنزيمة في الأمام، ويضع بيل بصمته في المباريات الحاسمة، لكن العمل الأكبر كان عن طريق طلقة سريعة مثل دي ماريا، يقطع الملعب في الثلث الهجومي، ويساهم في التحولات الكبيرة من الخلف إلى الأمام، اللعبة التي أفادت الميرنغي في القمم أمام برشلونة وبايرن.
دي ماريا نصف لاعب وسط ونصف جناح، لا يتحرك بشكل طولي من الارتكاز إلى الهجوم، بل يصنع الصبغة العرضية إلى الرواق، ليتحول أثناء الهجمة إلى ساعد هجومي على اليسار، بينما على الورق ومع بدايات الهجمة، يلعب في مركز قريب من لاعبي المحور، من أجل مساعدتهم في نقل الكرات من الخلف إلى الأمام، فيما يعرف فنياً بالـ Central Winger أو الجناح المركزي الذي تكون قاعدته الرئيسية في الانطلاق من العمق وليس الأطراف.
ميزة دي ماريا في مركز بعيد عن المرمى أنه يصبح أكثر نجاعة في عملية صناعة الأهداف، بدلاً من تمركزه كجناح هجومي صريح، المكان الذي يلعب فيه مع المنتخب الأرجنتيني، وتعرض بسببه إلى انتقادات شديدة، نتيجة مبالغته في الاحتفاظ بالكرة، مع عدم تركيزه في ترجمة الفرص إلى أهداف داخل شباك المنافسين، لذلك يعتبر أنخيل صانع لعب أكثر من كونه حاسماً ومسجلاً للأهداف.
باريس
اقترب باريس سان جيرمان من حسم صفقة دي ماريا، يريد لوران بلان أسماء جديدة من أجل الاقتراب من لقب ذات الأذنين، البطولة التي يسعى النادي العاصمي إلى الظفر بها، بعد سيطرته على الأجواء الفرنسية من دون منافس. قدوم الأرجنتيني سيفيد بطل الليغا 1 في مركزي الجناح والوسط، لكن من الأفضل أن يكرر بلان تجربة جورجي جيسوس وكارلو أنشيلوتي، ويضع اللاتيني في منطقة الارتكاز الثالث.
يلعب "بي إس جي" بطريقة قريبة من 4-3-3، مع تواجد كافاني على الجناح في ظل لعب إبرا بالعمق، ويعتمد الفريق على ثلاثي صريح في المنتصف، ماركو فيراتي كلاعب ارتكاز دفاعي، يسانده تياغو موتا، ويحصل ماتويدي على دور اللاعب الحر. وفي حالة وصول دي ماريا، من الممكن اتباع سياسة الترحيل، بتواجد ماتويدي في خانة لاعب الارتكاز المساند، كما يفعل مع منتخب فرنسا، ووضع أنخيل أمامه كلاعب وسط بين المنتصف والرواق.
من 4-3-3 الدفاعية إلى 4-4-2 الهجومية، والسر يعود إلى ثنائية "ماتويدي-دي ماريا"، المكوك الفرنسي يلعب في العمق على مقربة من فيراتي، ويتحول إلى الطرف قليلاً مع تقدم دي ماريا بالكرة إلى الأمام. الريشة هي الجناح على الخط، ولاعب الرواق يصبح مهاجماً آخر داخل منطقة الجزاء، رباعي دفاعي ثم رباعي بالوسط بينهما ثنائي طرفي، وفي الأمام إبرا وكافاني.
يستحق دي ماريا فرصة أخرى مع اليونايتد، لكن التجربة لم تكتمل بسبب عوامل شارك فيها اللاعب بكل تأكيد، لذلك ستكون مغامرة باريس حاسمة في تحديد مستقبل الأرجنتيني، لأن أي سقوط جديد يعني فوراً خطوة إلى الخلف.
لمتابعة الكاتب