كان وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، يعتزم زيارة عواصم أوروبية، من بينها ثلاث عواصم شريكة في الاتفاق النووي، هي باريس ولندن وبرلين، هذا الأسبوع، إلا أن ثمة معطيات تؤكد أن هذه الزيارة "المهمة" أُلغيت.
ووُصفت الزيارة في وقت سابق بأنها "مهمة للغاية"، لأنها كانت ستأتي على أعتاب يوم العشرين من الشهر الجاري، الذي أعلنت واشنطن أن جميع القرارات الأممية المعلَّقة بسبب الاتفاق سيجري إحياؤها في هذا اليوم، بعد مضي شهر على إخطارها مجلس الأمن بتفعيل آلية "فضّ النزاع" ضد إيران.
وعن أسباب إلغاء الزيارة، عزا المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة في تصريح لصحيفة "اعتماد"، نشرته اليوم الاثنين، السبب إلى "مشاكل فنية ناجمة عن تفشي كورونا"، حيث قال إنه "كان قد تمّ مسبقاً التخطيط لجولة أفريقية وآسيوية وأوروبية، لكن بسبب مشاكل فنية ناجمة عن تفشي فيروس كوفيد 19، هذه الزيارات ليست قطعية بعد، ويُستبعد إجراؤها خلال الأسابيع المقبلة".
تعمل الإدارة الأميركية على إعادة الوضع مع إيران إلى مرحلة ما قبل الاتفاق النووي عام 2015
غير أن مصادر إعلامية ألمانية رأت أن إلغاء زيارة ظريف لها علاقة بقضية إعدام إيران المصارع نويد أفكاري، فجر يوم السبت الماضي، الذي أثار تنديداً أميركياً وأوروبياً واسعاً. وأعلنت السلطة القضائية الإيرانية أن الإعدام كان بسبب قتل أفكاري حارساً لمصلحة المياه في مدينة شيراز وسط البلاد، لكن مراقبين عزوه إلى مشاركته في الاحتجاجات التي شهدتها إيران خلال نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
وفي السياق، كانت صحيفة "بيلد" الألمانية، أول منصة إعلامية، قد أشارت إلى إلغاء زيارة ظريف، التي كانت ألمانيا أول وجهة فيها، قائلة، أمس الأحد، إنها "ألغيت مؤقتاً"، من دون الكشف عن السبب، لكن معدّ التقرير الذي نشرته "بيلد" لم يستبعد إلغاء الزيارة بسبب إعدام أفكاري، مشيراً إلى اعتراض مؤسسات رياضية ألمانية على الأمر.
وبغضّ النظر عن السبب أو الأسباب التي أدت إلى إلغاء زيارة ظريف لأوروبا، إلا أن ذلك بحدّ ذاته يصبّ في مصلحة الإدارة الأميركية في هذا التوقيت الحساس الذي تعمل فيه على إعادة الوضع مع إيران إلى مرحلة ما قبل الاتفاق النووي عام 2015، من خلال سعيها إلى تدمير هذا الاتفاق عبر تفعيل آلية "فضّ النزاع" في مجلس الأمن الدولي. ففي ظل عدم اتخاذ بقية شركاء الاتفاق النووي خطوات عملية جادة في التصدي لهذا التوجه الأميركي، رغم رفضهم له وتنديدهم به، أكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في وقت سابق، أنه بعد انتهاء مهلة شهر، سيجري يوم العشرين من الشهر الجاري إحياء ستة قرارات أممية ضد إيران، ألغاها القرار الـ2231 المكمّل للاتفاق النووي، بما فيما قرار إعادة فرض العقوبات الأممية وتمديد الحظر التسليحي عليها، فضلاً عن إدراجها تحت الفصل السابع الأممي.
وفي السياق، وفي ضوء رفض الأوروبيين الخطوة الأميركية في مجلس الأمن، وفشل واشنطن في تمديد حظر الأسلحة على إيران في المجلس، كان يرى مراقبون أن من شأن زيارة ظريف أن تحقق "نتائج جيدة" لمصلحة إيران في المواجهة الراهنة مع الولايات المتحدة الأميركية.
كذلك فإن إيران التي لم تكشف بعد عن أوراقها وطبيعة ردودها إذا أُحييت تلك القرارات الأممية، كانت على الأغلب بصدد معرفة حقيقة الموقف الأوروبي خلال جولة ظريف الملغاة، وما إذا كانت أوروبا ستتخذ خطوات عملية لإبطال مفاعيل تفعيل آلية "فضّ النزاع" أو لا، لتبني على ذلك في رسم ردودها على التصعيد الأميركي.