عام 2010، لم تتوقع مارينا سيلفا، الناشطة البيئية والقياديّة في حزب الخضر البرازيلي، أن تحصد وحزبها الصغير نحو 20 في المائة من أصوات البرازيليين في الانتخابات الرئاسيّة. لكنّ اختبار شعبيّتها هذا ونضالها السابق في صفوف حزب العمال البرازيلي، دفعا الرئيس الأسبق، لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، إلى اختيارها لتتولّى حقيبة البيئة في حكومة عهده بين عامي 2003 و2010.
عام 2014، فشلت سيلفا في الحصول على اعتماد حزبها، حزب الخضر، في الوقت المناسب لدى المحكمة الانتخابيّة، للترشّح للرئاسة، فلم تجد أمامها إلا التحالف مع مرشح الحزب الاشتراكي البرازيلي للرئاسة، إدواردو كامبوس، لتخوض الانتخابات على منصب نائب الرئيس. لكنّ وفاة الأخير المفاجئة، قبل أقلّ من شهرين من موعد الانتخابات الرئاسيّة، جعلها خيار الاشتراكيين الوحيد لخوض الانتخابات كمرشّحة رئاسيّة.
لم تتردّد سيلفا كثيراً قبل أن تحسم قرارها باستئناف المعركة الرئاسيّة، على الرغم من أسهم غريمتها المرتفعة، المعروفة بـ"المرأة الحديدية"، والتي، وإن كان يشوب أداءها الاقتصادي الكثير من الانتقادات والاتهامات، لكنّها تبقى رقماً صعباً في حزب العمال وخليفة رئيس الفقراء المحبوب، لولا دا سيلفا.
حماس سيلفا لخوض انتخابات الرئاسة قابلته القواعد الشعبية بحماس مماثل، وفق ما أظهرته تحولات استطلاعات الرأي. لم تحتج إلى الكثير من الحملات الإعلاميّة والترويجيّة لتجذب الناخبين إليها، أو لتعريفهم بسيرتها الذاتيّة، ذلك أنّ مسيرتها النقابية والسياسية وكفاحها البيئي، الذي جعلها تفترق عن الرئيس لولا وحزب العمّال، تتحدّث عن نفسها، وإن كان تنقّلها بين أحزاب عدة يثير قلق عدد من الناخبين. ويذهب خبراء برازيليون إلى حدّ القول إنّها برعت في "اختيار موقعها وسط مجموعة كبيرة من المترددين، الذين يرفضون هيمنة الأحزاب الكبيرة".
ولم تتردّد وسائل اعلام برازيليّة وأجنبيّة في الإشارة إلى أنّه من شأن فوز سيلفا، إذا ما تحقّق، أن يُدخلها التاريخ، أولاً لكونها الرئيسة السوداء الأولى في تاريخ البرازيل، وثانياً لأنّه يعني كسر احتكار السلطة المستمر منذ نحو 20 عاماً، من قبل حزبي العمال(2003- 2014) والاجتماعي الديمقراطي (1995-2003).
وفي سياق متّصل، نقلت وسائل الاعلام عن سيلفا قولها، في تجمّع انتخابي قبل أيام، في مدينة ساو باولو، معقل النشاط النقابي والحراك السياسي: "سننتخب أول رئيسة سوداء للبرازيل".
قبل ترشّحها للرئاسة، خاضت سيلفا كفاحاً طويلاً، بدأته منذ كانت طفلة، هي المولودة عام 1958 في منطقة الأمازون لعائلة انجيلية محافظة وفقيرة، تعمل في مزارع المطاط، التي تغطي مساحات شاسعة في البرازيل ويعتاش منها ملايين الفقراء. بدأت منذ العاشرة من عمرها بجمع المطاط (مادة اللاتيكس) في الأمازون، لتتعرّض بعد ذلك، لأمراض عدة، بينها اللشمانيا، التي استطاعت النجاة منها. بعد ذلك بست سنوات، أصيبت بالتهاب الكبد الوبائي، مما دفعها إلى مغادرة قريتها والتوّجه إلى عاصمة المنطقة ريو برانكو للعلاج. شكّلت رحلة العلاج هذه المحطة الفارقة في حياة الشابة السمراء المكافحة. في ريو برانكو، حيث عملت خادمة لتأمين احتياجاتها ومصروفها الشخصي، تعلّمت سيلفا الكتابة والقراءة، وهي في السادسة عشرة من عمرها، قبل أن تقرر دخول الدير والتفرّغ للرهبنة. لكن قرارها لم يدم أكثر من عامين، قرّرت في إثرهما الخروج من الدير والتفرّغ لخدمة الفقراء ومساعدتهم.
إلى جانب متابعة تعليمها حتى حصولها على إجازة في التاريخ، سلكت سيلفا طريق النشاط النقابي، بعد تعرّفها على تشيكو منديز، الناشط البيئي والمدافع الشرس عن غابات الأمازون، قبل أن يُقتل على أيدي مزارعين معارضين لجهوده الرامية إلى حماية الأمازون. شاركت سيلفا إلى جانب منديز في تحركات سلميّة نظمها جامعو المطاط في وجه مخططات ومشاريع إزالة الغابات. وبعد أن أثبتت كفاءات عالية، ساعدها منديز على افتتاح الفرع الأوّل والوحيد للنقابة المركزية للعمال في منطقتها، وكانت هذه النقابة مرتبطة بحزب العمال بقيادة لولا دا سيلفا، الذي سيصبح لاحقاً واحداً من أبرز رؤساء البرازيل وأكثرهم جماهيريّة.
من خلال نشاطها النقابي، الذي خوّلها الانضمام إلى حزب العمال رسمياً، انتخبت سيلفا عضواً في مجلس بلدية ريو برانكو، لتصبح عام 1994، وهي في السادسة والثلاثين من عمرها، أصغر عضو في مجلس الشيوخ، في تاريخ البرازيل.
ومع انتخاب لولا رئيساً للجمهوريّة عام 2003، تسلّمت سيلفا حقيبة البيئة، وكانت لها إنجازاتها في الحدّ من انحسار الغابات، لكنّ اختلافها في الرؤية مع حزب العمال عام 2009، انطلاقاً من رفضها نموذج التنمية، الذي يعتمد على تدمير الموارد الطبيعية، دفعها إلى الانسحاب منه.
أسباب كثيرة، وفق محللين وخبراء في استطلاعات الرأي في البرازيل، تدفع شرائح شعبية واسعة إلى تأييد سيلفا للرئاسة، إذ تلقى أولاً تأييد الشباب والمدافعين عن البيئة، في وقت تشهد فيه بلادها تغيرات مناخية وفترات جفاف، لم يسبق لها مثيل. كما يجد خطابها السياسي والاقتصادي صداه لدى شرائح واسعة متضررة من السياسيات الاقتصادية والفساد والمحسوبيات.
أكثر من ذلك، تتمسّك سيلفا بالدعوة إلى "سياسة جديدة"، بعيداً عن سياسات الأحزاب الكبرى المهيمنة على الحكم، وتجذب بذلك عدداً كبيراً من المترددين غير المنضوين في صفوف الأحزاب، لا سيما أولئك الذين ملأوا شوارع سان باولو وريو دو جانيرو، العام الماضي، احتجاجاً على رفع تعرفة المواصلات وكلفة استضافة مباريات كأس العالم.
في المقابل، لا تكفي هذه العوامل وحدها لترجيح كفّة سيلفا للرئاسة، إذ يأخذ عليها خصومها التزامها الديني ومواقفها الرافضة تشريع الاجهاض وزواج المثليين وتدخين الماريجوانا، مما يلجم حماسة شبان المدن الجامعيين، الأكثر انفتاحاً من سائر البرازيليين.
وبغضّ النظر عن نتائج الانتخابات، يحلو للبعض تشبيه سيلفا بأنّها "أوباما البرازيل"، في إشارة الى الحالة الأميركيّة التي رافقت وصول باراك أوباما الى سدّة الرئاسة، فيما يعتبرها كثيرون نسخة نسائية عن الرئيس لولا، الذي سلك طريق الرئاسة، وافداً من صفوف الفقراء، عبر بوابة الكفاح النقابي.
كادر: مقاطعة الانتخابات
عام 2014، فشلت سيلفا في الحصول على اعتماد حزبها، حزب الخضر، في الوقت المناسب لدى المحكمة الانتخابيّة، للترشّح للرئاسة، فلم تجد أمامها إلا التحالف مع مرشح الحزب الاشتراكي البرازيلي للرئاسة، إدواردو كامبوس، لتخوض الانتخابات على منصب نائب الرئيس. لكنّ وفاة الأخير المفاجئة، قبل أقلّ من شهرين من موعد الانتخابات الرئاسيّة، جعلها خيار الاشتراكيين الوحيد لخوض الانتخابات كمرشّحة رئاسيّة.
لم تتردّد سيلفا كثيراً قبل أن تحسم قرارها باستئناف المعركة الرئاسيّة، على الرغم من أسهم غريمتها المرتفعة، المعروفة بـ"المرأة الحديدية"، والتي، وإن كان يشوب أداءها الاقتصادي الكثير من الانتقادات والاتهامات، لكنّها تبقى رقماً صعباً في حزب العمال وخليفة رئيس الفقراء المحبوب، لولا دا سيلفا.
حماس سيلفا لخوض انتخابات الرئاسة قابلته القواعد الشعبية بحماس مماثل، وفق ما أظهرته تحولات استطلاعات الرأي. لم تحتج إلى الكثير من الحملات الإعلاميّة والترويجيّة لتجذب الناخبين إليها، أو لتعريفهم بسيرتها الذاتيّة، ذلك أنّ مسيرتها النقابية والسياسية وكفاحها البيئي، الذي جعلها تفترق عن الرئيس لولا وحزب العمّال، تتحدّث عن نفسها، وإن كان تنقّلها بين أحزاب عدة يثير قلق عدد من الناخبين. ويذهب خبراء برازيليون إلى حدّ القول إنّها برعت في "اختيار موقعها وسط مجموعة كبيرة من المترددين، الذين يرفضون هيمنة الأحزاب الكبيرة".
ولم تتردّد وسائل اعلام برازيليّة وأجنبيّة في الإشارة إلى أنّه من شأن فوز سيلفا، إذا ما تحقّق، أن يُدخلها التاريخ، أولاً لكونها الرئيسة السوداء الأولى في تاريخ البرازيل، وثانياً لأنّه يعني كسر احتكار السلطة المستمر منذ نحو 20 عاماً، من قبل حزبي العمال(2003- 2014) والاجتماعي الديمقراطي (1995-2003).
وفي سياق متّصل، نقلت وسائل الاعلام عن سيلفا قولها، في تجمّع انتخابي قبل أيام، في مدينة ساو باولو، معقل النشاط النقابي والحراك السياسي: "سننتخب أول رئيسة سوداء للبرازيل".
قبل ترشّحها للرئاسة، خاضت سيلفا كفاحاً طويلاً، بدأته منذ كانت طفلة، هي المولودة عام 1958 في منطقة الأمازون لعائلة انجيلية محافظة وفقيرة، تعمل في مزارع المطاط، التي تغطي مساحات شاسعة في البرازيل ويعتاش منها ملايين الفقراء. بدأت منذ العاشرة من عمرها بجمع المطاط (مادة اللاتيكس) في الأمازون، لتتعرّض بعد ذلك، لأمراض عدة، بينها اللشمانيا، التي استطاعت النجاة منها. بعد ذلك بست سنوات، أصيبت بالتهاب الكبد الوبائي، مما دفعها إلى مغادرة قريتها والتوّجه إلى عاصمة المنطقة ريو برانكو للعلاج. شكّلت رحلة العلاج هذه المحطة الفارقة في حياة الشابة السمراء المكافحة. في ريو برانكو، حيث عملت خادمة لتأمين احتياجاتها ومصروفها الشخصي، تعلّمت سيلفا الكتابة والقراءة، وهي في السادسة عشرة من عمرها، قبل أن تقرر دخول الدير والتفرّغ للرهبنة. لكن قرارها لم يدم أكثر من عامين، قرّرت في إثرهما الخروج من الدير والتفرّغ لخدمة الفقراء ومساعدتهم.
إلى جانب متابعة تعليمها حتى حصولها على إجازة في التاريخ، سلكت سيلفا طريق النشاط النقابي، بعد تعرّفها على تشيكو منديز، الناشط البيئي والمدافع الشرس عن غابات الأمازون، قبل أن يُقتل على أيدي مزارعين معارضين لجهوده الرامية إلى حماية الأمازون. شاركت سيلفا إلى جانب منديز في تحركات سلميّة نظمها جامعو المطاط في وجه مخططات ومشاريع إزالة الغابات. وبعد أن أثبتت كفاءات عالية، ساعدها منديز على افتتاح الفرع الأوّل والوحيد للنقابة المركزية للعمال في منطقتها، وكانت هذه النقابة مرتبطة بحزب العمال بقيادة لولا دا سيلفا، الذي سيصبح لاحقاً واحداً من أبرز رؤساء البرازيل وأكثرهم جماهيريّة.
من خلال نشاطها النقابي، الذي خوّلها الانضمام إلى حزب العمال رسمياً، انتخبت سيلفا عضواً في مجلس بلدية ريو برانكو، لتصبح عام 1994، وهي في السادسة والثلاثين من عمرها، أصغر عضو في مجلس الشيوخ، في تاريخ البرازيل.
ومع انتخاب لولا رئيساً للجمهوريّة عام 2003، تسلّمت سيلفا حقيبة البيئة، وكانت لها إنجازاتها في الحدّ من انحسار الغابات، لكنّ اختلافها في الرؤية مع حزب العمال عام 2009، انطلاقاً من رفضها نموذج التنمية، الذي يعتمد على تدمير الموارد الطبيعية، دفعها إلى الانسحاب منه.
أسباب كثيرة، وفق محللين وخبراء في استطلاعات الرأي في البرازيل، تدفع شرائح شعبية واسعة إلى تأييد سيلفا للرئاسة، إذ تلقى أولاً تأييد الشباب والمدافعين عن البيئة، في وقت تشهد فيه بلادها تغيرات مناخية وفترات جفاف، لم يسبق لها مثيل. كما يجد خطابها السياسي والاقتصادي صداه لدى شرائح واسعة متضررة من السياسيات الاقتصادية والفساد والمحسوبيات.
أكثر من ذلك، تتمسّك سيلفا بالدعوة إلى "سياسة جديدة"، بعيداً عن سياسات الأحزاب الكبرى المهيمنة على الحكم، وتجذب بذلك عدداً كبيراً من المترددين غير المنضوين في صفوف الأحزاب، لا سيما أولئك الذين ملأوا شوارع سان باولو وريو دو جانيرو، العام الماضي، احتجاجاً على رفع تعرفة المواصلات وكلفة استضافة مباريات كأس العالم.
في المقابل، لا تكفي هذه العوامل وحدها لترجيح كفّة سيلفا للرئاسة، إذ يأخذ عليها خصومها التزامها الديني ومواقفها الرافضة تشريع الاجهاض وزواج المثليين وتدخين الماريجوانا، مما يلجم حماسة شبان المدن الجامعيين، الأكثر انفتاحاً من سائر البرازيليين.
وبغضّ النظر عن نتائج الانتخابات، يحلو للبعض تشبيه سيلفا بأنّها "أوباما البرازيل"، في إشارة الى الحالة الأميركيّة التي رافقت وصول باراك أوباما الى سدّة الرئاسة، فيما يعتبرها كثيرون نسخة نسائية عن الرئيس لولا، الذي سلك طريق الرئاسة، وافداً من صفوف الفقراء، عبر بوابة الكفاح النقابي.
كادر: مقاطعة الانتخابات
يدعو منظمو التظاهرات، التي عمّت شوارع المدن الكبرى في البرازيل، العام الماضي، إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية. وفي حين اعتبر لوكاس أوليفييرا، المنضوي إلى مجموعة نظمت أولى التظاهرات في ساو باولو، أن "أياً من المرشحين الاثني عشر الى الانتخابات الرئاسيّة لا يمثّل المجموعة"، موضحاً أنّ "الشارع لا يريد منقذا جديداً، بل يريد اشراكه في القرارات"، كتبت مجموعة أنونيموس، التي حرضت المتظاهرين، تحت رسم كاريكاتوري لرجل متوجه الى مركز اقتراع نصبت فوقه مشنقة، "لا تصوت".