تحدث مدرب نادي الوحدة السعودي حالياً، ووفاق سطيف الجزائري سابقاً، خير الدين ماضوي، لـ"العربي الجديد"، وتطرق إلى تجربته ومشاكل الكرة العربية في الفترة الحالية، "غوارديولا الجزائر" كما يلقبونه، حقق ثلاثية تاريخية جعلت أسهمه تسجل ارتفاعاً قياسياً في بورصة المدربين.
حدثنا عن تجربتك مع الوحدة السعودي؟
صحيح أنني لأول مرة أعمل كمدرب خارج بلدي الجزائر، ولكن تجربتي الحديثة في الوحدة السعودي مفيدة جداً بالنسبة لي لأنها تغني مسيرتي التدريبية وأتعرف على نمط كروي مغاير عن ذلك الذي نعرفه في شمال أفريقيا، فكرة القدم في بلادنا تختلف عن كرة القدم في آسيا، على اعتبار أن اللاعب هناك يعول كثيراً على الدهاء التكتيكي والخبث الكروي، وخاصة الاندفاع البدني، بينما اللاعب في الدوريات العربية بآسيا، يتميز خصوصاً بفنياته العالية التي يستمتع بها الجمهور والعطاء ليس مستقراً على امتداد الكثير من الجولات.
لماذا اخترت فريقاً يلعب من أجل تفادي الهبوط في الدوري السعودي؟
التجارب لا تقاس فقط بالطموحات الرياضية العليا، فالوحدة فريق يساير وضعيته المالية الصعبة، وهدف البقاء هو أمر رياضي في حد ذاته، وتجربتي في السعودية مثيرة ومهمة ولا أخفي عليكم، بأنني كنت أبحث عن فريق هادىء في مدينة هادئة بعد سنوات من الضغط الذي عشته في سطيف، ولا تنسوا أن الوفاق يلعب دائماً الأدوار الأولى قارياً ومحلياً في الجزائر.
الملفت للانتباه أن بعض نوادي الخليج قلما تمنح ثقتها لمدربين عرب؟
هناك عدد مهم من المدربين الأجانب وغير العرب في السعودية وفي أغلب بلدان الخليج، لكننا كفنيين عرب لا نقل مستوى عنهم ونفضل دائماً الاحتكاك بالخبرات الدولية مهما كانت جنسياتها، وشخصياً أنتظر بفارغ الصبر الملتقيات الفنية التي ينظمها الاتحاد السعودي لكرة القدم كي نجلس كمدربين معاً وندرس المخططات الرياضية الحديثة، فالنوادي العربية السعودية تستثمر في أغلب المدارس الكروية سواء فرنسية كانت، إسبانية وهولندية أو أرجنتينية وحتى الإيطالية. وهناك عدد معتبر من المدربين العرب كالمصريين والتونسيين والمغاربة يعملون في الطواقم ومستواهم عال جداً.
الاتحاد الجزائري جلب مدربين أجانب لقيادة المنتخب، فهل يمكن أن نراك بجانب غوركيف؟
حالياً أفضل العمل كمدرب رئيسي في النوادي، لأن العمل اليومي هو الذي يسمح لي بكسب الخبرة والممارسة، لكن العمل في المنتخب الجزائري شرف كبير، وحتى إن لم يعرض علي مشروع العمل بجانب كريستيان غوركيف فإن ذلك يهمني.
معنى ذلك أنك لا تريد العودة إلى العمل مدرباً في الجزائر مع النوادي وتفضل المنتخبات الوطنية؟
تدريب أحد النوادي في الجزائر لا يهمني حالياً فقد غادرت الدوري المحلي بحثاً عن تجارب أخرى، لكن العمل في المنتخب الأول أو المنتخب المحلي شرف لي ولا يمكن أن نرفض نداء المنتخب.
وكيف ترى مستوى الكرة العربية في الخليج حالياً؟
أولاً يجب أن ننوه بالمستوى الذي بلغته الكرة السعودية التي تسجل حضورها في أكبر المواعيد الدولية، وما يفعله الهلال والشباب والنصر ممتاز في كأس آسيا، كما أن كرة القدم في قطر تطورت كثيراً وأغلب بلدان الخليج العربي أصبحت تستثمر كثيراً في مجال الكرة.
بماذا تفسر تأهل شبان العراق إلى الأولمبياد القادم وهم في عز أزمة سياسية وأمنية؟
طبعاً، هذا دليل على أن المواهب العربية الخام موجودة، وشبان العراق الذين تأهلوا إلى أولمبياد ريو دي جانيرو سيشرّفون العرب رفقة منتخب الجزائر، وإذا تحسنت الأوضاع العامة في العراق سيعود منتخبهم كما كان عليه في الثمانينيات أو أحسن، فالشعب العراقي يعشق الكرة، لكن هناك معاناة على مستوى هيكلية اللعبة، إضافة الى غياب التمويل وغيرها من المشاكل التي تواجه البلد بحد ذاته.
مثل العراق، هناك بلدان منها مصر وتونس تعاني سياسياً وأمنياً وكرة القدم فيها عرفت تقهقراً؟
هذا أمر منطقي، ما حدث في مصر بعد سقوط نظام حسني مبارك وحالة الغليان السياسي انعكست سلباً على البلد بأكمله، لكنني لا أخشى على النوادي الكروية المصرية، لا سيما الزمالك والأهلي والإسماعيلي التي تعد مؤسسات في حد ذاتها.
وأتوقع أن يعود الأهلي المصري إلى الواجهة الأفريقية قريباً، لأنه نادٍ كبير وله هياكل ونظام احترافي، وهذا الأمر يجعله قادراً على إنجاب أجيال من النجوم، نفس الشيء وقع للترجي التونسي والنادي الإفريقي والصفاقسي بتونس، وبمجرد أن يستتب الأمن في تونس وملاعبها، ستعود هذه النوادي إلى مستواها المعهود لتنافس على اللقب القاري. بالمختصر الكرة العربية تمر بفترة انتقالية بين البلدان التي تسعى لاستعادة استقرارها السياسي كمصر والعراق وتونس وأخرى تسير في طريق العالمية مثل قطر والسعودية والجزائر.
هل تتوقع تراجع النوادي الجزائرية في كأس أفريقيا؟
يجب أن ندرس الظروف التي سمحت لوفاق سطيف بكسب لقب دوري أبطال أفريقيا ونجاح اتحاد العاصمة في بلوغ نهائي النسخة الأخيرة ضد تي بي مازامبي الكونغولي، وبرأيي ممثل الجزائر اتحاد العاصمة يملك القدرات للذهاب بعيداً في المنافسة القارية، وسيكون نداً قوياً خاصة أن الكثير من عناصره، اكتسبوا خبرة على المستوى القاري، ما يكفيهم للتعامل مع المنافسات القادمة، وحسب رأيي هذا ما كان ينقص الفريق لاعتلاء منصة التتويج في المسابقة الماضية، من منافسات دوري أبطال أفريقيا، كما لا يفوتنا التذكير بتواجد ثلاثة أندية جزائرية كانت تنافس في المرحلة الأولى من دوري الأبطال في غياب أبرز الفرق العربية التي اكتفت فقط بالمشاركة في كأس الاتحاد الأفريقي.
نتكلم عن النجم المتألق أوروبياً رياض محرز، وما يفعله في ملاعب إنجلترا؟
رياض محرز يعد مفاجأة الكرة الجزائرية هذا الموسم، فلا أحد كان يرى فيه كل هذه المؤهلات التي اكتشفناها مع ليستر سيتي في الدوري الإنجليزي. وبصراحة رياض يملك قدرات فنية عالية وعندما تفعل كل هذه الأشياء في دوري كبير مثل البرميير ليغ، فذلك يعني بأنك لاعب كبير، وكل ما أخشاه على محرز الإصابات والضغط البسيكولوجي، لأنه لم يسبق له وأن لعب في نادٍ كبير، وهو اليوم يتصدر واجهات الصحف في بريطانيا وفي كل قنوات أوروبا.
تألق محرز، دليل آخر على أن المنتخب الجزائري بدون محترفيه لا يساوي شيئاً؟
ليس فقط تألق محرز هناك سليماني وبراهيمي وفيغولي وكثير من المحترفين الذين احتلوا مكانة كبيرة في الدوريات الأوروبية، والمنتخب الجزائري أصبح قوياً بفضل هؤلاء المحترفين وهذه حقيقة لا يمكننا إخفاؤها حيث تراجع مستوى اللاعبين المحليين في الجزائر بسبب غياب العمل الموجه للشباب ونقولها بصراحة لو لم يكن لدينا خزان من المحترفين في أوروبا لما بلغنا المونديال مرتين متتاليتين مع الشيخ سعدان والمدرب خاليلوفيتش.
يقولون إن رياض هو خليفة عصاد نجم الثمانينيات. كيف تعلق على هذه المقارنة؟
بصراحة كنت طفلاً أو مراهقاً عندما تابعنا منتخب الثمانينيات، واستمتعنا بمراوغات صالح عصاد، لكنني أقولها بصراحة وهذا رأيي الشخصي، محرز لا يمكنه أن يبلغ مستوى عصاد لأن صالح كان أقوى من الأول، ولعب الكرة في ظروف أصعب من الظروف التي يلعب فيها الآن محرز. وما فعله عصاد في مونديال إسبانيا 82 ضد ألمانيا والتشيلي ثم في مونديال المكسيك 86، وضد البرازيل التي كان يقودها سقراطيس وزيكو ونجوم عالميون.
يعني أنت ترى أن محرز لن يتحسن مستواه ليبلغ درجة عصاد؟
لا ليس هذا ما أردت قوله، محرز سيتحسن من دون شك لأنه شاب وليس في نهاية مشواره، وهو ينشط في دوري كبير بتأطير مدرب عالمي مثل رانيري الذي فجر طاقاته منذ بداية الموسم، لكن عصاد شيء آخر، خصوصاً بمراوغاته وهو يجري بالكرة بسرعة فائقة، صراحة لا يقوى على فعل ذلك إلا القليل في عهده، هو لاعب من كوكب آخر.