هذه الزيارة وصفتها صحيفة "لوموند" الفرنسية اليوم بـ"المهمة الشائكة"، لأنها تأتي بعد سنوات من تبادل "الجمل اللاذعة" بين البلدين، ما ألقى بالبرودة على تعاون كبير، خاصة في مجال الدفاع الذي كان مزدهراً في ظل الحكومات السابقة.
قصة الخلاف البولندي-الفرنسي بدأت مع انتهاك وارسو في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 شروط عقد بقيمة 3 مليارات يورو مع شركة "إيرباص" الفرنسية. ذلك العقد أدى إلى زلزال دبلوماسي وأزمة ثقة بين البلدين امتدت لسنوات. فمع وصول الشعبويين إلى السلطة في بولندا، قاموا بإلغاء الصفقة التي نصت على تزويد الجيش البولندي بما مجموعه 50 طائرة هليكوبتر من طراز "كاراكال"، لترد فرنسا بإلغاء زيارة كان سيجريها ماكرون إلى وارسو.
وأبعد من ذلك، حوكم مفاوضون من الحزب الحاكم السابق في بولندا شاركوا في الصفقة مع "إير باص" بتهمة تزوير أوراق تفاوض لصالح الشركة الفرنسية.
بالنسبة إلى فرنسا، كانت تلك الصفقة أكثر من مجرد عقد دفاعي، حيث كان الهدف دمج سلسلة إنتاج "إيرباص" وخطوة متقدمة لتآزر أكبر في الصناعات الدفاعية الأوروبية، لكن كل ذلك انتهى بإلغاء الصفقة، واتجاه الشعبويين المحافظين نحو الولايات المتحدة لشراء 32 طائرة أميركية من طراز "أف 35".
ومنذ ذلك الحين، أصبحت الحكومة البولندية أحد الأهداف الثابتة أمام عيني الرئيس الفرنسي، فانهال عليها بجمل قاسية متهماً إياها باللعب على الخلافات المالية والاجتماعية داخل الاتحاد الأوروبي، كما تجاهل وارسو خلال جولة وسط أوروبا، بعد انتخابه عام 2017، وقال في إحدى المرات إن "هذا البلد (بولندا) يقرر من تلقاء نفسه أن يضع نفسه على هامش تاريخ أوروبا وحاضرها ومستقبلها (..) المجتمع البولندي يستحق أفضل من ذلك".
لكن يبدو أن الوقت قد حان لتجاوز كل ما سبق، إذ أرسلت بولندا إشارات إيجابية إلى الجانب الفرنسي قبل وصول ماكرون إلى وارسو. جاء ذلك خلال تصريحات لوزير الخارجية البولندي ياتسك تشابوتوفيتش خلال مؤتمر صحافي في أستونيا، الأحد، قال فيه إن بلاده تتطلع لتعزيز العلاقات مع فرنسا.
تشابوتوفيتش أشار إلى أنه سيتم خلال الزيارة توقيع برنامج تعاون استراتيجي للسنوات الأربع المقبلة، بالإضافة إلى الإعلان عن اتفاق حول التعاون في الاتحاد الأوروبي.
وأضاف: "توضح هذه الزيارة أن فرنسا تقبل شرعية السلطات في بولندا، ونحن نتحرك نحو العلاقات الطبيعية (..) وإعادتها إلى وضعها الطبيعي. لقد كانت جيدة جداً".