وكان جونسون قد استغل عطلة نهاية الأسبوع ليهاتف الزعماء الأوروبيين، ساعياً لإقناعهم بجدوى خطته، وذلك بعد أن رفضت بروكسل صفقته المعروضة، لأنها لا تتوافى مع الشروط الأوروبية.
وبينما حذّر جونسون الرئيس الفرنسي من أن خطته ستكون "الفرصة الأخيرة" للتوصل إلى اتفاق حول "بريكست"، طلب ماكرون من جونسون إجراء مراجعة جذرية لخطته حتى نهاية الأسبوع، تمهيداً للقمة الأوروبية المقررة بعد 10 أيام.
وكان جونسون يأمل أن يستغل الأسبوع الجاري للقيام بجولة أوروبية، إلا أن القادة الأوروبيين فضلوا عدم القبول بمثل هذه المحادثات الثنائية، ودفع جونسون إلى التفاوض حصراً من طريق ميشيل بارنييه، كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي.
وقال متحدث باسم الإليزيه بعيد المكالمة بين جونسون وماكرون: "لقد تقدم جونسون بمقترحاته الأخيرة. وردّ عليه الرئيس بأن المفاوضات يجب أن تستمر بسلاسة مع فريق ميشيل بارنييه في الأيام المقبلة، وذلك لنستطيع تقييم إمكانية اتفاق يحترم مبادئ الاتحاد الأوروبي مع نهاية الأسبوع".
ويرغب الاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاق قبل موعد القمة الأوروبية المقررة 17-18 الشهر الحالي، ورفض مراراً إمكانية مفاوضات اللحظة الأخيرة أثناء انعقاد القمة.
وتشمل المقترحات البريطانية البديلة بقاء أيرلندا الشمالية في السوق الأوروبية المشتركة، وخروجها من الاتحاد الجمركي، مع ضرورة موافقة الأحزاب في بلفاست على أية إجراءات مستقبلية. ويعني ذلك عملياً عودة شكل من أشكال الحدود الجمركية بين بلفاست ودبلن، ومنح الحزب "الاتحادي الديمقراطي" الأيرلندي المعارض لدبلن (ذي التوجه المحافظ المتشدد) حق النقض ضد أية تسوية قادمة في الاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من أن "الاتحادي الديمقراطي" حليف لبوريس جونسون في برلمان ويستمنستر، فقد لمّح وزير بريكست ستيفن باركلي، خلال نهاية الأسبوع، إلى إمكانية التخلي عن "فيتو" الاتحاد الديمقراطي، كخطوة لتسهيل التوصل لاتفاق.
إلا أن الرفض الأوروبي لا يقتصر على ماكرون، بل إن رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، أجاب مكالمة جونسون مساء السبت بالقول إن "هناك أسئلة هامة لا يزال على بريطانيا الإجابة عنها"، مكرراً عدم استعداد الاتحاد للقبول بأية حدود جمركية في الجزيرة الأيرلندية".
أما مكتب رئيس الوزراء البريطاني، فعلّق على المكالمة بالقول إن "جونسون حذّر ماكرون من الاعتقاد خطأ بأن بريطانيا ستبقى في عضوية الاتحاد الأوروبي بعد 31 أكتوبر/ تشرين الأول في حال فشل الاتفاق". وأصرّ على أن خطته الحالية تحظى بدعم في البرلمان البريطاني أكثر من أي مقترح سابق، وأنه حان وقت التنازل من الجانب الأوروبي.
وأضاف: "إذا كان قادة الاتحاد يعوّلون على قانون منع "بريكست" من دون اتفاق، فذلك سيكون سوء تفاهم تاريخياً". وسيتابع جونسون محادثاته الهاتفية مع القادة الأوروبيين اليوم الاثنين أيضاً، بينما يقوم وزير بريكست ستيفن باركلي بجولة على العواصم الأوروبية.
أما المعارضة البرلمانية البريطانية، فستستغل اليوم الاثنين لإجبار الحكومة على نشر الاستشارة القانونية التي بنت عليها خطتها البديلة. بينما ينتظر أيضاً أن يجتمع قادة الأحزاب المعارضة للتباحث في المسار الأفضل لضمان عدم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، وإجبار الحكومة على التزام التشريع البرلماني بضرورة طلب تأجيل بريكست في حال فشل التوصل إلى اتفاق بحلول 19 أكتوبر/ تشرين الأول.
وقال وزير "بريكست" في حكومة الظل العمالية كير ستارمر، إنّ من الضروري أن يطّلع البرلمان على استشارة الحكومة القانونية "لأننا نشك في زعمها حول عدم إمكانية تجنب الحدود الجمركية شمال أيرلندا، وهذا ما يتعارض مع الطمأنات التي تقدّم بها جونسون في مجلس العموم يوم الخميس".
وكانت صحيفة "صنداي تلغراف"، قد زعمت أنّ جونسون قد يسعى إلى عرقلة طلب تمديد موعد "بريكست"، من خلال تحويل بريطانيا إلى عضو معطّل في الاتحاد.